أسعار الديزل تهدّد شركات «معدات ثقيلة» بالإفلاس

          
كشف عاملون في قطاع توريد المعدات الثقيلة والرافعات في دبي، عن انخفاض حجم الأعمال لديهم بنسبة وصلت إلى 35% أخيراً، وعزوا هذا التراجع إلى «الارتفاع المتواصل في أسعار الديزل لأربع مرات متتالية منذ مطلع العام الجاري»، محذرين من مخاطر استمرار أسعار الديزل بهذه الصورة التي تقلص من أرباحهم بشكل لافت، بحكم أنهم يتحملون تكاليف تشغيل المعدات والآلات، ما يتسبب بإفلاس شركات وخروجها من السوق، أو اضطرار شركات أخرى إلى التوقف عن توريد آلات ومعدات لمواقع البناء، ومن ثم تتوقف مشروعات إنشائية عن العمل.


وبيّن أصحاب شركات تأجير معدات ثقيلة لـ«الإمارات اليوم» أن الارتفاعات المتتالية في أسعار الديزل تهدد قدرة القطاع على تلبية الاحتياجات المتنامية لدعم مشروعات البناء والتشييد من هذه الآلات والمعدات، ما ينعكس سلباً على مواعيد تسليم هذه المشروعات، وكذا الخطط الزمنية لتنفيذها، مشيرين إلى أنهم «يواجهون تحديات كثيرة، تنذر بإفلاس شركات صغيرة، أهمها ارتفاع تكاليف سائقي الونشات والكرينات، بنسبة وصلت إلى 70% أخيراً، من خلال تعقيدات روتينية لجهات رسمية في استبدال تراخيص هؤلاء السائقين، لاسيما الحاصلين على رخص خليجية منهم، وانكماش هامش الربح ليصل إلى 8% بعد أن كان يتجاوز 20% قبل تطبيق الأسعار الجديدة للديزل، علاوة على الفوضى التي يعاني منها سوق المعدات الثقيلة في دبي، والمتمثلة في دخول شرائح من الجنسية الآسيوية بشراء رافعات والوقوف بها في أماكن محددة وعرضها للتأجير دون ضوابط، مهددين سوق المعدات النظامية».


شبكة مصالح
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية المقاولين، الدكتور أحمد سيف بالحصا، إن «قطاع مقاولات البناء يعتبر بمثابة شبكة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المنظمة، وتالياً فإن تضرر أي جزء منه، يمثل تهديداً مباشراً للقطاع بأكمله»، لافتاً إلى أن «شركات تأجير المعدات الثقيلة، متضررة فعلياً من ارتفاع تكاليف التشغيل، خصوصاً أسعار الديزل» ملوحاً بأن «الجمعية ستطرح الأمر على وزارة الاقتصاد، على اعتبار أن الديزل عنصر رئيس في قطاع المقاولات، وارتفاع أسعاره ثلاث مرات متتالية في ثلاثة أشهر يحمّل قطاعي نقل مواد البناء وتأجير المعدات الثقيلة أعباءً إضافية في تكاليف التشغيل، لاسيما أن هذه الشركات تحمّل شركات المقاولات فروق الأسعار في فواتير جديدة».


وكانت شركات «إمارات» و«إينوك» و«إيبكو» للبترول، ومقرها دبي، طبقت أربع زيادات على أسعار الديزل منذ مطلع العام الجاري، معتبرين أن «قرارات رفع السعر، جاءت لدرء الخسائر التي تلاحق الشركات الثلاث منذ سنوات، نتيجة الارتفاعات المستمرة في أسعار الوقود عالمياً، وتثبيت أسعار بيع مشتقاته محلياً».

 

وأقر مسؤول رسمي في شركتي «إينوك» و«إيبكو» بفرض الشركتين لتلك الزيادات، على اعتبار أن قرارات رفع السعر جاءت لدرء الخسائر التي لحقت بالشركتين جراء البيع بأسعار أقل من أسعار الشراء.

 
ووصل سعر غالون الديزل حالياً في دبي إلى 13.7 درهماً، فيما بلغ مجموع الزيادة التي طبقت منذ أوائل العام الجاري 12.7% في أربعة أشهر.


مخاطر الإفلاس
وقال مدير عام شركة الفارس للمعدات الثقيلة، «بين تو» لـ«الإمارات اليوم»: «إن ارتفاع أسعار الوقود أربع مرات متتالية، مثّل عبئاً على شركات توريد المعدات الثقيلة للمشروعات الإنشائية، فيما لم نعد قادرين على تحويل هذه الزيادة إلى مستخدمي الآلات والمعدات، الذين يعتقدون أننا نريد تحقيق مكاسب خاصة، وتالياً نفقد عملاءنا بصورة تهددنا بخطر الإفلاس».


لافتاً إلى أن «خروج عدد من شركات توريد المعدات الثقيلة من السوق المحلية، أمر يهدد قدرة القطاع على تلبية الاحتياجات المتنامية لقطاع البناء والتشييد من المعدات الثقيلة».


وأشار إلى «انخفاض حجم العمل بنسبة وصلت إلى 35% أخيراً»، مرجعاً ذلك إلى «ارتفاع أسعار الديزل، الذي رفع من تكلفة تشغيل الآلات والمعدات، بشكل أثر سلباً في تعاقداتنا مع شركات وأفراد لتوريد هذه الآلات».

 

تعقيد الرخص
وقال مدير عام شركة «سانتوس» لتأجير الرافعات والمعدات الثقيلة، عبدالرسول أسكاني، «إن عقود تأجير الآلات والمعدات تتضمن بنداً يحمّل شركات التأجير تكاليف تشغيل هذه المعدات من وقود وأجرة السائق، بينما نحاول رفع سعر استئجار الآلة فيقابل طلبنا بالرفض من قبل المقاولين، ما يضطرنا لتحمل الخسارة التي تلتهم ما لا يقل عن 50% من هامش الربح المتوقع».


وأضاف أن «زيادة جديدة لحقت بتكاليف سائقي المعدات الثقيلة، مثلت تحدياً جديداً لأصحاب الشركات، وتتراوح هذه الزيادة ما بين 60% إلى 70%، فعندما نحضر سائقاً كان يعمل بالمهنة ذاتها ولديه رصيد كبير من الخبرة في إحدى دول التعاون الخليجي المجاورة، ترفض جهات رسمية استبدال برخصة قيادته التي حصل عليها هناك رخصة محلية؛ ما يضطرنا لتحمل تكاليف دخوله مدرسة تعليم القيادة، ودفع رسوم وتكاليف إصدار رخصة قيادة جديدة، ما يؤثر سلباً في أرباحنا بشكل عام، فضلاً عن ضياع الوقت وتعطل آلات ومعدات عن العمل».


وحصلت «الإمارات اليوم» على بيانات رسمية صادرة عن هيئة الطرق والمواصلات في دبي، تفيد بأن دولاً غير خليجية، سُمح لمواطنيها باستبدال رخص القيادة الخاصة بهم برخص صادرة من دبي، بينما لم تشمل لائحة الاستثناء أياً من حاملي رخص دول مجلس التعاون الخليجي، من غير الخليجيين أنفسهم، سواء كانت رخصاً خاصة أو مهنية.  


منافسة غير متكافئة 
إلى ذلك، أفاد مدير شركة «جلادر الدولية» لتأجير المعدات الثقيلة، بارتان جورج، بأن «مقاولي بناء يرفضون طلباتنا بفرض زيادة على أسعار تأجير المعدات، على الرغم من أنها زيادات تعويضية عن الارتفاع في أسعار الديزل وليست لتحقيق مزيد من الأرباح»، معرباً عن انزعاجه مما أسماه «المنافسة غير المتكافئة في ما بين شركات نظامية لتأجير المعدات الثقيلة، وأفراد آسيويين يملكون معدات ثقيلة، يتوقفون بها على جوانب بعض الطرقات، يعرضونها للتأجير»، مشيراً إلى أنها «باتت ظاهرة تنذر بمخاطر كثيرة، خصوصاً أن هذه المعدات تفتقد إلى دواعي الأمن والسلامة التي تطبق على الشركات».


وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية المقاولين، أن «الزيادات الجديدة التي ستطبق على فواتير استئجار معدات وآلات، ستضاف بالتبعية على تكاليف موازنة المقاولة الإجمالية؛ ما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف المشروعات، لاسيما الجديدة منها».

تويتر