«التربية» تطوّر المنظومة التعلـيمية بتغيير المناهج


اختلفت آراء خبراء تربويين ومدرسين حول سياسة وزارة التربية والتعليم في تطوير المناهج العلمية لطلبة المدارس، وانتقد فريق منهم التغيير المستمر للمناهج، مؤكدين أن المناهج لا تأخذ حقها في التطبيق ويتم تغييرها سريعاً على الرغم من المجهود الكبير الذي يستغرق في إعدادها وتصميمها، في حين رفض فريق آخر الأساليب الحالية لتقويم المناهج الجديدة، مشيرين إلى أنها ربما تحمل رؤية مستقبلية لمستوى الطالب.
 
وفي المقابل، أكد مسؤولون في وزارة التربية أن «الوزارة تسعى إلى تطوير المنظومة التعليمية من خلال تطوير المناهج، منوهين بأن التطوير في مصلحة الطلبة، ومعظم الانتقادات الموجهة إلى قرارات الوزارة تأتي من أشخاص لم يطلعوا على محتويات الكتب الجديدة.

مرحلة التجريب
 وتفصيلاً، قال الخبير التربوي المشرف العام على مدارس الشروق الدكتور ماهر حطاب إن «إعداد أي منهج ليس مسألة سهلة، فهو يحتاج إلى جهود مضنية وتكاليف باهظة، لذا يجب أن يستمر بعد اختباره 15 عاماً» مضيفاً أن «مرحلة التجريب مهمة أيضا، فالمنهاج يحتاج الى عام أو اثنين للتأكد من جودته، وخلال تلك الفترة تقاس مستويات الطلبة، ويحدد الوقت المناسب لتطبيقه.

وتتلقى الجهات المركزية الملاحظات من الأطراف كافة، الطلبة والمدرسين والموجهين لإعادة تقويم المنهاج وطرحه فى أفضل صورة».

وأشار حطاب إلى أن واضع المنهاج يجب أن يكون واثقاً من قدراته، لافتاً إلى أن «المعلمين يتعجلون في أحكامهم أحياناً، ويظلمون المناهج الحديثة بسبب تعوّدهم على أخرى قديمة، تعلموها ودرّسوها لفترات طويلة، وهم في الغالب لا يريدون إرهاق أنفسهم في التعامل مع كتاب حديث، ومثلهم الإشراف التربوي الذي يبادر إلى الانتقاد أحياناً لمجرد عدم تعوّده على المحتوى» معتبراً أنه «من الإجحاف الحكم على المنهاج بسرعة».

وأضاف أن «المعلم يجب أن يتعامل مع آلية جديدة، ويعتاد تطور المناهج»، مؤكداً «ضرورة النظر إلى المستقبل في مرحلة الإعداد وتخيل الطلاب بعد 10 أو 15 عاما لأن التكنولوجيا الحديثة توسع مدارك الأطفال، ومن الطبيعي أن يتوافق مع ذلك مناهج تبتعد عن السذاجة وتساعد على تطوير قدراتهم ومواهبهم».

نقاط ضعف
 من جانبها، انتقدت الأستاذ المشارك في اللغة العربية في جامعة الإمارات رئيسة لجنة التأليف السابقة لمنهاج اللغة العربية للصفوف من الأول حتى الثالث الدكتورة لطيفة النجار تغيير المنهاج الذي وضعته لجنتها،
 
مشيرة إلى أنه ربما كان يحوي ثغرات ونقاط ضعف مثل غيره من المواد، مؤكدة أن شكوى بعض المدرسين منه لا تعني إطلاقاً أنه سيئ، قائلة إن «المعلم الذي يفشل في تدريس المادة يدّعي أنها غير مفيدة، ويمكن التأكد من ذلك من خلال المرور على المدارس، حيث يظهر الفارق بين مدرسة وأخرى وصف وآخر على الرغم من أن الكتاب واحد».

وأكدت النجار أهمية تدريب المعلمين بشكل كافٍ، لافتة إلى أن لجان التأليف التي شاركت فيها  طلبت إجراء مقابلات مع المعلمين لمناقشة المحتوى معهم، لكن بدلاً من ذلك تم تنظيم لقاءات مع الموجهين فقط ولم تحقق بالطبع الهدف المرجو منها لأن بعض الموجهين لم يستوعبوا فلسفة المنهاج، وتالياً لم يستطيعوا توصيله للمعلمين الذين رفضوا تلقائياً المنهاج.

طبيعة المنهاج
 بينما رأى المدرس عادل وهيب أن «هناك مناهج عفا عليها الزمن وتحتاج إلى تغيير سريع مثل مادة الجيولوجيا خصوصاً للصف العاشر» لافتاً إلى أنه اشترك فى لجنة من الوزارة العام الماضي لإعادة النظر في طبيعة المنهاج وتبين لهم أن مصفوفة التتابع الخاصة به من الصفوف الأولى وحتى الصف الثاني عشر ليست جيدة واقترحوا مصفوفة جديدة وبالفعل قالت الوزارة إنها ستنسق مع الشركة المسؤولة عن إعداد المناهج لتطوير كتب الجيولوجيا ولم يحدث جديد حتى الآن.

وأضاف وهيب ان المناهج التي تم تطويرها تتناسب فعلياً مع تطورات العصر على الرغم من شكاوى البعض منها، لافتاً إلى أهمية أن يشمل ذلك المناهج الاخرى كافة حتى يحصل الطالب على وجبة مثالية متوازنة بدلاً من دراسة منهاج قديم وآخر حديث.

آلية التطوير
 ودافعت رئيسة قسم تصميم وبناء المناهج في وزارة التربية والتعليم مريم كمال عن آلية تطوير المناهج في الوزارة قائلة إن «هناك فرق عمل متخصصة على قدر كبير من الحرفية تتولى عملية الإعداد والتقويم والاختبار أيضا، والكتب الجديدة مختلفة في الشكل والمضمون» مؤكدة أن غالبية المنتقدين يحكمون من خلال منظور سابق، مطالبة بضرورة النظر في الكتب أولاً لتلمس مدى الجهد المبذول فيها.

وأشارت كمال إلى أن فرق بناء المناهج في وزارة التربية والتعليم تعمل في مسارات متوازية وهناك اتجاه لتطوير 11منهاجاً علمياً لصفوف مختلفة في العام الدراسي الجديد، لافتة إلى أن «هذه المناهج تمت تجربتها في مدارس معينة قبل إقرارها»،

مؤكدة أن هناك كتباً خضعت للتجريب خلال العامين الجاري والماضي ثم اعيد تقويمها وفقاً للنتائج، وطالت التغييرات دروساً كاملة فيها استجابة لآراء مدرسين وموجهين وطلبة.

يذكر أن الوزارة  توزع استبياناً خاصاً بكل فئة لتقويم المنهاج، وتطلب توضيح مدى ملاءمة الكتاب المدرسي للمستوى العمري والمعرفي للطلبة، ومراعاته للفروق الفردية ومهارات التفكير وحل المشكلات وحداثة المعلومات، ومدى ملاءمة الأنشطة والمهارات والرسومات وحجم المادة ومناسبتها للزمن المخصص وإخراج الكتاب بشكل عام وتحديد المشكلات التي تواجه المعلم إذا كان مقصوداً بالاستبيان أثناء تطبيق المادة.

وأوضحت أن استمارات التقويم التي يتم توزيعها على المعلمين والموجهين تختلف حسب المادة نفسها ويطلب فيها منهم معرفة آرائهم تفصيلياً بشأن أسلوب عرض المادة وعمّا إذا كانت هناك دروس يصعب فهمها واقتراحات تغيير الأسلوب أو إعادة ترتيب الفصول والدروس.

في الإطار ذاته، قالت مديرة إدارة تطوير المناهج خلود القاسمي إن تحديث المنهاج يتم كل عامين، حيث يتم إدراج أساليب أكثر تطوراً.

ولذا، فمن غير المنطقي أن ينزعج واضع المنهاج من إجراء تعديلات عليه أو تغييره، لافتة إلى أن الوزارة تلتزم بمعايير عالمية في بناء وتصميم المناهج. يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم قررت تطوير 11 منهجاً علمياً لصفوف مختلفة في العام الدراسي الجديد وهي التربية الإسلامية لصفوف السابع والثامن والتاسع والحادي عشر والثاني عشر وتحديث منهاج الدراسات الاجتماعية للصف السابع بالتعاون مع مؤسسة «ناشرون» في لبنان.  

تحت التطوير
  ذكرت وزارة التربية والتعليم أنها تعتزم تطوير مناهج الرياضيات للصفين السابع والتاسع وعلم الاجتماع والتاريخ  والجغرافيا للصف الحادي عشر وعلم النفس للصف الثاني عشر وتطبيق منهاج محدث في الاقتصاد للحادي عشر والثاني عشر بالإضافة إلى تطوير كتاب الجيولوجيا للصف العاشر.  

منهاج جديد 
أكد مسؤول في وزارة التربية والتعليم أنه من المقرر تعميم منهاج جديد للغة العربية على الصفين السادس والثاني عشر تمت تجربته العام الجاري في مدارس أم القيوين ولاقى استحساناً من جانب الطلبة والمعلمين والموجهين وسيتم تعميمه بعد تعديله وفقاً لملاحظات الأطراف السابقة عليه. 

وأوضح  أن هناك منهاجاً معدلاً سيطبق أيضاً العام المقبل على الصف الثاني عشر في اللغة الانجليزية بالإضافة إلى منهاج تجريبي في التاريخ للصف العاشر طبق العام الجاري في مدارس رأس الخيمة وسيتم تعميمه على جميع مدارس الدولة
.  
تويتر