«أنا إسمي راشيل كوري».. قصة تضامن


تخلد مسرحية «انا اسمي راشيل كوري» قصة مواطنة أميركية دفعت حياتها ثمنا لتضامنها مع الشعب الفلسطيني، وقضت نحبها تحت جرافة اسرائيلية بينما كانت تحاول منعها من هدم بيت فلسطيني في مدينة رفح بقطاع غزة عام 2003، وقدمت الممثلة الفلسطينية لنا زريق الاحد الماضي العرض المسرحي الاول باللغة العربية لمسرحية «انا اسمي راشيل كوري» على مسرح الميدان بحيفا بأسلوب المونودراما وهي مسرحية الممثل الواحد للمخرج الفلسطيني رياض مصاروة.


وتروي المسرحية على مدار ساعة ونصف قصة المتضامنة الاميركية راشيل كوري من مواليد عام 1979 التي قررت القدوم الى الاراضي الفلسطينية في عام 2003 من خلال مذكراتها التي اعدها للعمل المسرحي الصحفيان في صحيفة الجارديان الان ريكمان، وكاترين فاينر وترجمها الى العربية المخرج مصاروة والممثلة زريق. وقال مصاروة ان ما يميز العرض «إنه يأتي في الذكرى الخامسة لرحيل كوري الذي يصادف 16 مارس 2003 مقدمة نموذجا لانسانة تبحث في هذه الحياة في كل الامور السياسة والاجتماعية»، وأضاف «هذا العمل المسرحي محاولة للاجابة على السؤال.. ما الذي يدفع فتاة في الـ23 من عمرها ان تترك رفاهية الحياة في بلدها (الولايات المتحدة) وأن تأتي فلسطين وتموت؟ هذه الفتاة نموذج لما يمكن ان يقوم به اي انسان تجاه كل ما يحصل».


ولا يخفي المخرج صعوبة هذا العمل المسرحي الذي يعتمد على الممثل الواحد ولاول مرة يستغرق وقتا بهذا الطول وقال «هذه المسرحية ليست عملا كلاسيكيا بل انت بحاجة الى أن تدخل قلب وعقل راشيل وماذا كانت تقصد في كل كلمة كتبتها في مذكراتها.

وبما ان المسرحية مؤثرة وتقدمها ممثلة لديها طيبة راشيل بالتأكيد سيبقى الجمهور مشدودا لهذا العمل المسرحي الذي نقدمه ليس تكريما لراشيل فحسب، بل لكل شهداء الشعب الفلسطيني» يبدأ العرض المسرحي الذي يحضره والدا كوري في قاعة مسرح لا تتجاوز أدواته سريرا عليه ملاءة حمراء، ومجموعة من الكتب والمجلات وصفحات الجرائد المتناثرة، وخلفية وضعت عليها مجموعة من الصور لشخصيات أحبتها كوري، ومنها نلسون مانديلا رئيس جنوب افريقيا السابق، وتشي جيفارا المناضل الارجنتيني، والممثل الاميريكي تشارلي شابلن ومارتن لوثر المدافع الاميركي عن الحريات المدنية وغيرهم بالحديث عن حياة كوري ونشأتها في اسرة من ام وأب وأخ وأخت وتعطي المذكرات التي تواصل زريق تقديمها صورة لانسانة تهتم بالعالم المحيط بها لديها خيال واسع ومقدرة على الكتابة الادبية ومن بين ما كتبته عندما كان عمرها 12 عاما «اعتقد اني كبرت قليلا على كل حال فان الاشياء نسبية وتسعة اعوام قد تكون بطول اربعين وذلك يتوقف على المدة التي يعيشها المرء».


وتنتقل زريق بعد شرح مسهب لتفاصيل حياة كوري قبل انتقالها  الى الاراضي الفلسطينية عام 2003 للانضمام الى مجموعة من المتضامنين الاجانب الذين يحاولون تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني ولو من خلال وجودهم الى جانبه فقط وهنا تزيل زريق خلفية المسرح لتظهر جزءا من خريطة قطاع غزة ومجسما لاجزاء من مقدمة الجرافة الاسرائيلية وقطعا من الحجارة. وتقدم كوري شهادات حية لما تشاهده بعينها من معاملة الفلسطينيين على الحواجز الاسرائيلية وما تتعرض له منازلهم من قصف وأراضيهم من تجريف لتقدم صورة مأساوية لمليون ونصف المليون فلسطيني مع الخوض في وصف تفاصيل حياة تعكس حجم المعاناة التي يعرفها الفلسطينيون جيدا.


ولا تنتهي المسرحية بعرض النهاية المأساوية لكوري بالموت سحقا تحت جرافة اسرائيلية بينما كانت تحاول منعها من التقدم لهدم منزل لعائلة فلسطينية في رفح بل يقدم المخرج مقطعا من فيلم فيديو حقيقي لكوري وهي في الصف الخامس وهي تلقي كلمة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الجوع الذي تمنت فيه زواله من العالم بحلول عام 2000 ربما كي تبقى صورتها حية في ذاكرة الجمهور.


 سيندي كوري والدة النشطة الاميركية ترى ان المسرحية التي تشاهدها « للمرة التاسعة او العاشرة عملت على زيادة وعي الناس في الغرب والولايات المتحدة حول ما يجري في الاراضي الفلسطينية»، وقالت  بينما كانت تجلس الى جانب زوجها كريج كوري وهي ترتدي سترة من التطريز الفلسطيني «تعرفت على الاوضاع في فلسطين من خلال الرسائل التي كانت تبعث بها راشيل ورغم ذلك عندما اتيت الى هنا في عامي 2003 و2006 واليوم رأيت ان الحياة اصعب بكثير عما يمكن ان تسمعه لقد عانينا لدقائق ونحن نمر على حاجز بينما الشعب الفلسطيني يعيش هذه المعاناة كل الوقت». وقدمت الممثلة زريق الى أم كوري هدية تذكارية لوحة كتب عليها بالعربية والانجليزية ابيات من قصيدة الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش « احن الى خبر امي».

تويتر