لا مبالاة الغرب تجاه أفعال إسرائيل تبلغ حداً غير مسبوق

  

دونالد ماسينتير *

قبل نحو 10 سنوات أدت الأعمال الانتقامية التي قام بها الصرب ضد الألبان في إقليم كوسوفو إلى إثارة سخط العالم، ومع تصعيد الصراع، وحرق القرى، قررت القوى العالمية أن تتدخل. ويالها من مقارنة بين الخطوات التي تم اتخاذها لوقف أعمال قتل المدنيين في كوسوفو، وموقف اللامبالاة الحالي من قِبل العالم الغربي إزاء المذبحة التي وقعت في غزة.


ولا يستطيع أحد الادعاء بأنه لا يدري ما كان يحدث هناك، حتى وان كانت الأرقام الناجمة عن هذا الصراع غير المتكافئ تماماً  لا يمكن تصديقها، قتل ما بين 54 إلى 61 فلسطينياً خلال يوم واحد. وكانت ضحايا الطرف الآخر مقتل جنديين. هل يمكن اطلاق صفة قتال  على ما يجري هناك؟ بالنظر الى ان نصف القتلى من الجانب الفلسطيني كانو ا من المدنيين، بمن فيهم العديد من الأطفال،  وأما النصف الآخر فإن اعمارهم وجنسهم يجعلنا نصرف النظر عن فكرة كونهم من المحاربين، ولابد من القول ان  الأحداث التي وقعت في غزة يوم السبت الماضي تستحق اطلاق صفة المجزرة عليها. ومع ذلك فإنه ليس هناك اي اكتراث في العواصم الغربية حول ما يجري في غزة، و لا أي أسف من الجانب الإسرائيلي حول ما تقوم به قواتها. وعلى العكس، فقد اعلن وزير الدفاع ايهود باراك ان العمليات العسكرية لن تتواصل فحسب، وإنما ستتصاعد لتحقيق هدف تقويض الحكومة التي تقودها حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في قطاع غزة. واثبتت الغارات والقصف المتجدد الذي استهدف مكاتب قادة الحركة، ان كلمات باراك ليست عقلانية، وانما تنطوي على الجنون واليأس، انها نوع من السياسة الذكورية المتهورة، التي تعمد الى تحقيق المزيد من القتل.


ومما يدعو للخجل ان العالم كان عاجزاً عن النهوض لإدانة هذه السياسة المفلسة، ناهيك عن اتخاذ خطوات محسوسة لوقف العنف. والأسوأ من ذلك أننا نرى المشهد الكئيب لمجلس الأمن الدولي في موقفه المعتاد، حيث الخصام مع الأميركيين على ما اذا كان يتعين وصف ما قامت به اسرائيل «مفرطاً» حيث دأبت واشنطن على حماية حليفتها المدللة من اي انتقاد جدي.


وعند ارجاع مسلسل الأحداث لبضعة اشهر الى الوراء في انابوليس، حيث الرئيس جورج بوش يتوقع نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وانشاء الدولة الفلسطينية مع نهاية عام 2008، وهو الزمن الذي تنتهي فيه فترة بوش في السلطة. ولكن اين بوش الآن، حيث تقع هذه المذبحة بين الفلسطينيين؟ انه غير موجود ولا يقول شيئاً، وكان رده الوحيد ارسال وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس الى الشرق الأوسط في جولة بلا هدف او معنى، وهي لن تأتي بأفكار او استراتيجيات جديدة من البيت الأبيض لإنهاء حمّام الدم هذا لأن بوش لم يحمّلها أي شيء.


وبعيداً عن المساعدة لإيجاد حل للنزاع العسير في الشرق الأوسط، فإن بوش يستحق ان ينحدر في درك التاريخ باعتباره الرئيس الذي جعل موقف الولايات المتحدة يسوء في عهده، كحكم حيادي في عملية السلام بين العرب والإسرائيليين، حيث تجاهل مجرد التظاهر بكون بلاده الراعي النزيه لمفاوضات السلام. والأسوأ من ذلك انه عن طريق منح اسرائيل حرية مطلقة لتفعل ما تشاء، شجّع حكومة ضعيفة، تحوي عدداً قليلاً من الرجال الأقوياء، كي تفلس وتحاول القضاء على «حماس» بصورة جذرية. 


ونحن نتمنى ان يؤدي تغيير هذا الرئيس الى انتهاء هذه السياسة التي تعطي اسرائيل دعماً غير محدود، وتعيد درجة من النزاهة للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط، وتحث على اتخاذ موقف فعال لمصلحة الولايات المتحدة بصورة شاملة. ولا شيء آخر يمكن ان يشجع الفلسطينيين على الشعور بأن للمفاوضات فائدة، او يعطي اي امل لسكان غزة بأن الكابوس الذي يعيشونه يمـكـن ان ينـتهي.


*مراسل «الإندبندنت» في مخيم جباليا

تويتر