من المجالس

عادل محمد الراشد

نسمع في كل يوم أن الدولة بحاجة لجهد كل مواطن، وأن لا مكان لعاطل عن العمل، ونسمع عن برامج لاستيعاب المتقاعدين، الذين جارت عليهم قرارات التعسف وأحالتهم إلى رف الحياة مبكراً ولايزال أكثرهم في سن العطاء، ونسمع عن المزيد من فرص العمل التي صارت تنبت من الأرض نباتاً مع الإعلان عن قيام هيئة أومؤسسة حكومية جديدة، أو تأسيس شركة وطنية جديدة، أو دخول المزيد من شركات القطاع الخاص إلى السوق.. نسمع كل ذلك ونرى غير ذلك. نرى إعلانات في الصحف عن وظائف تشترط ألاّ يكون عمر المتقدم للوظيفة أقل من 18 عاماً وألاّ يزيد على 35 عاماً، ونرى أعداد الخارجين من الوظيفة دون سن الـ50 في زيادة، ونرى بدعة جديدة حصلنا على براءة اختراع فيها وهي إحالة الكثير من الموظفين أصحاب الخبرة الى برامج إعادة تأهيل لا يبدو لها في الأفق نهاية، ونرى المزيد ممن يقال لهم «خلّيك في البيت» الى أن يقضى فيه أمر كان مفعولا. وفي المقابل نرى المزيد من الجيوش البشرية تفد علينا، ونرى المزيد من الوجوه غير المألوفة تحتل الجديد من فرص العمل، وأصبحنا نرى جنسيات لم نكن لنعرف أنها من سكان الأرض لولا أنها أصبحت بين ظهرانينا. وأكثر الوظائف التي يشغلها هؤلاء ليست من أسرار القنبلة النووية التي لا يعرفها المواطن. ولم يعد هذا المواطن يشترط الجلوس على كرسي المدير، وإن كان ذلك جزءاً من حقه المشروع، فقد أصبحنا نرى مواطنين ومواطنات يجلسون خلف «كاونتر» المحاسب في «كارفور»، ونسمع في كل يوم العشرات من المكالمات لبرامج البث المباشر من رجال ونساء يطلبون الوظيفة.. أي وظيفة مادامت عملاً شريفاً. وأصبحنا نرى المزيد من المواطنين يرتادون المقاهي في الفترة الصباحية، وهي الفترة التي ينهشهم فيها الفراغ وتتمرد عليهم طاقاتهم التي أصبحت معطلة بفعل فاعل.

تويتر