بعد ولادة جيل محسَّن تقنياً مزوّد بعيون مضيئة وميزة التعرف إلى الوجوه والتفاعل

«الكلاب الروبوت» تنافس «الحقيقية» على محبة البشر

ليس جلياً بعد إن كانت الحيوانات الروبوتية ستصبح المفضلة لدى البشر. من المصدر

نشرت صحيفة نيويورك تايمز في عام 2015، على موقعها الإلكتروني، فيلماً وثائقياً قصيراً بعنوان «إيه روبوتيك دوغز مورتاليتي» تظهر فيه سيدة تُدعى ميشيكو سوكوراي تمتلك كلباً روبوتياً يُدعى أيبو أنتجته شركة سوني منذ عام 1999 وحتى عام 2006. وفي عام 2014 فجعت سوكوراي وآخرون حينما أعلنت «سوني» عن توقف خدمة إصلاح حيواناتها الروبوتية، ليجد أصحاب الحيوانات الروبوتية أنفسهم في موقف لا يُحسدون عليه، خصوصاً سوكوراي التي لم تستطع تقبل فكرة خسارة رفيق لا يُفترض أن يموت. تبين لاحقاً أن نهاية أيبو لم تحن بعد، إذ فاجأت «سوني» زبائنها في عام 2017 بعد أن أعلنت أثناء مؤتمر صحافي أنها تعتزم إنتاج تلك الكلاب مرةً أخرى، لكن هذه المرة ستكون مزودةً بجميع التقنيات الروبوتية، مثل العيون المضيئة وشبكة اتصال مدمجة وميزة التعرف الى الوجوه، ما يعني أن مالكي أيبو سيحصلون على صديق أبدي.

ويرى تقرير لمرصد المستقبل، التابع لمؤسسة دبي للمستقبل، أن قصة سوكوراي لا تُعد قصة فريدةً في عالم الحيوانات الروبوتية. ولطالما أدرك العلماء الفوائد النفسية للأجهزة المرافقة المبرمجة، إذ أظهرت الدراسات أنها تساعد في مؤانسة وحدة كبار السن وتحفز الطلاب في المجتمعات المنعزلة وتحسن الأعراض لدى مرضى العته. وعلى الرغم من كل هذا، يبقى السؤال المحوري، هل يمكن أن تحل الكلاب الروبوتية محل الكلاب الحقيقية؟ بالتأكيد لم تتمكن الكلاب الروبوتية القديمة من فعل هذا، إذ أجرى باحثون في عام 2009 مجموعة دراسات بحثت في مشاعر الأطفال عند تفاعلهم مع كلب أيبو الروبوتي وكلب آخر حقيقي، فوجدوا أنه على الرغم من تفاعلهم مع الكلب أيبو إلا أن مشاعرهم وألفتهم كانت أقوى بكثير تجاه الكلب الحقيقي.

لم يكن هذا مفاجئاً، لأن تصميم كلاب أيبو كان بسيطا، ولم تتجاوز مساحة ذاكرة أفضل النماذج المتطورة منه 128 ميغابايت فقط. لكن الروبوتات قطعت شوطاً كبيراً منذ العام 2006، ولاشك أن عجلة تطورها مستمرة وسريعة بفضل تطورات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والمعالجة الدقيقة.

وليس جلياً بعد إن كانت الحيوانات الروبوتية ستصبح المفضلة لدى البشر، ولاكتشاف هذا على العلماء معرفة السبب الذي يجعل الكلاب محببةً للنفس البشرية. ووفقاً لرونالد أركن مدير مختبر موبايل روبوت من معهد جورجيا للتقنية في الولايات المتحدة الأميركية، الأمر برمته منوط بالأحياء البسيطة، إذ قال لمرصد المستقبل: «تدفعنا سلوكيات الحيوانات الحقيقية إلى الاستمتاع برفقتها»، وأضاف «كوني عالم روبوتات، أعمل على دراسة علم النفس البشرية، وأسعى إلى هندسة أنظمة تمنح البشر الرضا ذاته والتفاعلات التي يمكن أن يعيشوها مع الحيوانات الحقيقية».

ويُطلق أركن على مجال هذه الدراسة الذي يملك فيه باعاً طويلاً اسم «نمذجة السلوك الحيواني عبر التحفيز السلوكي»، ويرى أن جميع جوانب سلوك الحيوان، مثل الحركة والعواطف وحتى الموت، يمكن محاكاتها ببراعة في الرفقاء الروبوتيين. وأشار إلى أنه حاصل على براءات اختراع في تصميم أنظمة لعواطف الحيوانات، ويعمل حالياً على محاكاة المشاعر مثل الذنب والشعور بالخزي والخجل والتعاطف لدى الحيوانات لإثبات نظرياته، فهو يرى أن تصميم كلب روبوتي يقارب الكلب الحقيقي لا يرضي طموحاته، ويسعى إلى تصميم كلب روبوتي يتفوق على الكلب الحقيقي.

وقال أركن: «لاشك أن محاولة فهم العلاقة بين البشر والحيوانات لمعرفة ما يبعث السعادة في البشر عند تفاعلهم مع الحيوانات أمر يستحق العناء»، وأضاف «ليست كل التفاعلات مع الحيوانات مسلية، فبعضها مزعج مثل مضغ الحيوان للمفروشات وتعلقه بساق صاحبه، بالإضافة إلى عمليات إخراجه الحيوية»، وعلى الرغم من أن تصميم كلب أركن الروبوتي المثالي سيستغرق أعواماً عديدةً، لكنه متحمس للتطورات التي يشهدها هذا المجال، ويرى أن الجيل الجديد من أيبو أهل للمنافسة.


جميع جوانب سلوك الحيوان، مثل الحركة والعواطف، وحتى الموت، يمكن محاكاتها ببراعة في الرفقاء الروبوتيين.

أحد العلماء صمّم أنظمة لعواطف الحيوانات، ويعمل حالياً على محاكاة المشاعر، مثل الذنب والشعور بالخزي والخجل والتعاطف.

تويتر