لا يتفق الكثيرون مع الفريق الدولي من العلماء والمغامرين في تفاؤلهم بنجاح الفكرة. من المصدر

كيب تاون تفكّر في جرّ جبل جليدي.. للشرب

تعاني مدينة كيب تاون، العاصمة التشريعية لجنوب إفريقيا، من معضلة شح المياه، ومنذ مطلع العام الجاري حذر خبراء من تفاقم الأزمة، ما قد يجعلها أول مدينة عالمية كبرى تُجبر على إغلاق مياه الصنابير السكنية.

وأسهم هطول الأمطار، في الآونة الأخيرة، في حماية المدينة من الوقوع في الأزمة، إلا أن التهديد مازال قائماً، ومن المرجح أن يعود خطره العام المقبل، ما دفع فريقاً دولياً من العلماء والمغامرين إلى اقتراح استجرار جبل جليدي كامل إلى سواحل جنوب إفريقيا، وإذابته لاستخدامات الشرب.

وحسب تقرير لـ«مرصد المستقبل»، التابع لـ«مؤسسة دبي للمستقبل» ذكر فريق العلماء والمغامرين أن خطتهم قائمة على صيد جبل جليدي بالقرب من جزيرة جوف، جنوب المحيط الأطلسي، وسحبه لأكثر من 2700 كيلومتر نحو كيب تاون خلال ثلاثة أشهر.

ولا يتفق الكثيرون مع الفريق الدولي من العلماء والمغامرين في تفاؤلهم بنجاح الفكرة، لأسباب عدة، إذ يحتاج تنفيذها إلى ناقلة نفط وثلاثة زوارق جر لسحب الجبل الجليدي، ما يؤدي لحرق كمية هائلة من وقود الشحن، وتبرز أيضاً مشكلة تخزين جبل الجليد في مياه باردة قبالة سواحل كيب تاون، ليتسنى للفريق استثماره ببطء أثناء ذوبان الجليد، والمفاجئ في الأمر أن سلطات كيب تاون لم تبدِ أصلاً اهتمامها بالفكرة.

ويستحق سكان كيب تاون الإشادة بجهودهم في ترشيد استهلاك المياه، ما أسهم كثيراً في تمديد الموعد النهائي لأزمة المياه إلى العام المقبل، إذ كان معدل استهلاك المدينة للمياه يتجاوز 1.2 مليار ليتر في اليوم الواحد، لكنه انخفض أخيراً ليراوح بين 510 و520 مليون ليتر.

واقتُرِحت حلول عديدة لمساعدة كيب تاون في الخروج من أزمتها وسد العجز، ابتداءً من تحلية مياه المحيطات، ووصولاً إلى أن تحذو حذو مدن عدة كميلبورن الأسترالية، التي التزمت باتباع عادات معتدلة في استهلاك المياه بعد تعرضها لجفاف مماثل. وكان لجميع التدابير التي التزمت بها مدينة ميلبورن، سواء كانت إلزامية أو طوعية - كالغرامات المفروضة على سقي الحدائق أثناء النهار، والخصومات المغرية على شراء غسالات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للمياه - دور كبير في تقليل استهلاك المياه إلى النصف تقريباً، منذ عام 1996.

وفي خطوة مثيرة للجدل، أطلقت كيب تاون خريطة لمراقبة المياه بشكل مباشر، لمعرفة مقدار استهلاك كل مبنى، وتشجيع السكان على الاقتداء بعادات جيرانهم الجيدة.

وليست كيب تاون المكان الوحيد في العالم المُهدد بندرة مياه الشرب خلال العقود المقبلة، ما يُبرز ضرورة دراسة أفكار استثنائية وطموحة، تتناسب وحجم المشكلة قبل تفاقمها.

وتوقعت إحدى الدراسات أن تهدد موجات الحر الخطيرة نحو 74% من سكان العالم بنهاية القرن الحالي، وقد نشهد أرقاماً قياسية لدرجات الحرارة الصيفية مع اقترابنا من عام 2030.

وطرح العلماء فكرة استجرار الجبال الجليدية للحصول على مياه الشرب، منذ القرن الـ19، مقترحين تطبيق الفكرة في الهند وإسبانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

جبل جليد الإمارات

قدم الباحث الإماراتي، عبدالله الشحي، في عام 2013 مشروعاً لتوفير المياه العذبة باستجرار جبل جليدي من القطب الجنوبي، المغطى بنحو 70% من مخزون المياه العذبة في العالم، مؤكداً أن جبلاً جليدياً واحداً يكفي مليون نسمة لمدة خمسة أعوام.

وأشار الشحي إلى أن المشروع سيتم باستخدام سفن متخصصة، أو عن طريق تكسير الجليد ونقله بخزانات طافية، إلى إمارة الفجيرة، معتبراً أن وجود الجبل الجليدي أمام سواحل الإمارات من شأنه تبريد الجو، وجذب مئات الآلاف من السياح.

وقال الشحي، في حديث خاص لـ«مرصد المستقبل» إنه «عرض أبحاثه على جهات رسمية في دولة الإمارات، كوزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة تطوير البنية التحتية، ودائرة التنمية الاقتصادية»، مشيراً إلى أن تطبيقها سيُحدث «تغييراً جذرياً في مناخ المنطقة بأسرها والعالم، وسيسهم في خفض درجات الحرارة، وحفظ مستوى البحر في العالم، وزيادة نسبة هطول الأمطار».

الأكثر مشاركة