ولاية صغيرة تكتظ بالكاتدرائيات والقلاع والمتاحف

«بريمن» الألمانية.. تحفة معمارية تدهش السياح

صورة

على الرغم من أن ولاية بريمن الألمانية هي أصغر ولايات ألمانيا الاتحادية الـ16 مساحةً، فإنها بمدينتيها «بريمن» و«بريمرهافن»، تعد واحدة من أهم الولايات ذات المكانة الاقتصادية البارزة والسياحية المميزة، على حد سواء.

وتعد مدينة بريمن، التي تمتد على مصب نهر فيزر الشهير، إحدى أبرز المناطق السياحية التي يقصدها الزوار في ألمانيا، فهي واحدة من أجمل المدن الألمانية، التي يلتقي فيها جمال الطبيعة مع الحداثة بصورها المختلفة. وتعد «بريمن» ثاني أكبر المدن شعبيةً في شمال ألمانيا، وتقع في منتصف المسافة بين مدينتي هامبورغ وهانوفر. وتشكل أصغر الولايات الاتحادية في ألمانيا، وقُدر عدد سكانها عام 2004 بـ544 ألفاً و746 نسمة.

وتنتمي بريمن إلى قائمة «مدن الهانزا» الساحلية، التي تشتهر في ألمانيا بحركة التجارة الملاحية، و«الهانزا» هي كلمة ألمانية قديمة تعني مجموعة، أطلقت في البداية على مجموعات التجار الألمان في الخارج، الذين نشأت في ما بينهم روابط (هانزات)، للدفاع عن مصالحهم المشتركة في بلدان الاغتراب، ثم صارت تطلق على اتحاد ضم أهم المدن في شمال ألمانيا وشواطئ بحر البلطيق، والذي صار أكبر قوة اقتصادية وسياسية أيضاً في شمال أوروبا بالعصور الوسطى.

ونظراً للموقع الاستراتيجي المهم للمدينة، في شمال ألمانيا على بحر الشمال، غدت بريمن أكثر انفتاحاً على العالم والثقافات الأخرى، وتُصنف مدينة بريمن في المرتبة الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية بعد مدينة هامبورغ، نظراً لاحتوائها على ميناء يتم من خلاله تبادل العديد من السلع، مثل الفواكه، والمعادن، والقطن، والصوف، والأجهزة الإلكترونية الدقيقة والثقيلة والشوكولاتة.

وإلى جانب ميناء بريمن، الذي يشهد على انفتاحها على العالم، يقف متحف «عبر البحار» خير مثال على ذلك، حيث يتيح لزواره الاطلاع والتعرف إلى العديد من المقتنيات التي جلبها البحارة أثناء رحلاتهم التجارية من العديد من دول العالم، خلال العصور المختلفة.

معالم عمرانية

تحتفظ مدينة بريمن بطابعها القديم المميز، الذي يرجع إلى القرون الوسطى، والمتمثل بوضوح في طرق ومعالم عمرانية قديمة، يكتسي معظمها الأحجار الكريمة، ومنها الكاتدرائية التي تعود إلى القرن الثاني عشر للميلاد، ومبنى البلدية القديم الذي يعود للقرن الرابع عشر للميلاد، الذي رمم لاحقاً على الطراز الحديث. وقلعة بلدة روتس «Town Hall Rathau»، التي تعد تحفة معمارية تميز المدينة، فهي من أقدم وأعرق الأماكن في ألمانيا، وتم بناؤها إبان العصر القوطي.

إلى جانب كاتدرائية القديس بطرس «Basilica Sancti Petri»، التابعة للكنيسة الكاثوليكية، وقد تم بناؤها أواخر عصر النهضة في أوروبا، وتعد إحدى أهم الكنائس في تاريخ المسيحيين، وتضم ضريح القديس بطرس مؤسس الكنيسة، ومذبحاً رئيساً يعرف بمذبح الاعتراف. يذكر أن هذه الكنيسة تعرضت للحرق أيام الإمبراطور الروماني نيرون، آخر إمبراطور للإمبراطورية الرومانية، الذي اشتهر بجريمته البشعة (حريق روما الشهير سنة 64).

ومن المعالم العمرانية، التي تشتهر بها المدينة التي تجمع خليطاً من الجنسيات المختلفة، تمثال الموسيقيين المشهور في وسط المدينة، الذي يزوره الناس من جميع أنحاء العالم، ويرمز هذا التمثال الشهير إلى أربعة حيوانات: (حمار، وكلب، وقطة، وديك)، وجميعها هربت من أصحابها، الذين قرروا التخلص منها كلٌّ لسبب، واجتمعت معاً للعمل موسيقيين في شوارع بريمن، وكان الحمار «البطل الرئيس» هو أول من قرر الهرب من صاحبه بعد الوفاء له سنوات عدة، لأنه قد سمع أن الأخير قد قرر التخلص منه لكبر سنه، فقرر الحمار العمل موسيقياً في شوارع المدينة الرائعة، التي امتازت قديماً بتصنيع السفن.

وتتميز بريمن بالمتاحف التي تعد من أبرز الأماكن السياحية التي يقصدها السياح، ومنها المتحف العلمي الذي يزوره الكبار والصغار على حد سواء، نظراً لأنه ملحق به مكان مفتوح مزود بنظام مائي، يمكن الأطفال من قضاء أوقات مرحة، والاستمتاع بالهواء الطلق.

وتشتهر مدينة بريمن بسوق بلاتز Marktplayz، الساحة المربعة المغطاة بالكامل والمحاطة بالأبنية الأثرية الرائعة ذات الطراز المعماري المميز. وتضم المدينة في طرازها الحديث استاد بريمين الشهير على نهر «الفيزر»، لاسيما أنها تملك واحداً من أهم فرق كرة القدم الألمانية (بطل الدوري الألماني عام 2004).

ومن أجمل الأماكن السياحية التي تجذب السياح في بريمن الألمانية مقاطعة شنور Schnoor viertel، وهي واحدة من أجمل المقاطعات الألمانية، التي تجسد الطراز الألماني القديم، الذي تعكسه الأبنية القديمة والشوارع الضيقة، ولاتزال تحتفظ بالأبنية العتيقة، وتضم محال التحف والهدايا، التي يفضلها السياح الذين يتوافدون لزيارتها طوال أيام السنة.

كما تضم المدينة مسارح ودور سينما، ويقدم مسرح بريمن على مدار العام أعمالاً مسرحية وندوات ثقافية، وتنظم بريمن سنوياً العديد من المهرجانات.

«عروس بحر الشمال»

على بعد 53 كيلومتراً من بريمن تقع مدينة بريمرهافن، المدينة الألمانية الوحيدة الواقعة مباشرة على بحر الشمال، والتي تعرف بـ«عروس بحر الشمال»، ويعد ميناؤها واحداً من أكبر الموانئ الأوروبية، وتعتبر مركزاً مهماً للصادرات الألمانية، وتجذب مئات آلاف السياح من أنحاء العالم. وتعرف كذلك بريمرهافن المدينة البحرية بـ«مدينة المتناقضات»، حيث إنها تجمع بين القديم العتيق والحديث المتطور، وكانت قد بنيت عام 1827، حينما اشترت مدينة وولاية بريمن قطعة أرض من مملكة هانوفر لكي تبني عليها ميناء وأطلقت عليها اسم «بريمرهافن» أي ميناء بريمن، وتم تدميرها في الحرب العالمية الثانية.

واليوم تمتلك المدينة العديد من المعالم العمرانية، التي تستحق الإشادة والزيارة، منها مشروع «هافن فيلتن» أو عالم الميناء، ويقصد فنادقه عدد هائل من السياح.

ويعد «متحف المناخ - بريمرهافن، ثماني درجات نحو الشرق»، الذي افتتح عام 2009، أحد أشهر معالم مدينة بريمرهافن، وفكرته مبنية على أساس القيام برحلة استكشافية يرى الزائر فيها المقاطع الفيلمية، التي أعدها سبعة من أعضاء فريق زار تلك الأماكن المختلفة الواقعة على ثماني درجات من الخط الطولي. ويمنح لزواره فرصة اكتشاف أجوائها والاستمتاع بها.

تويتر