طبيعة ومعالم أثرية نادرة

الماضي يتحدث فــي جاوة

المعابد من المعالم الأكثر جذباً في جاوة. د.ب.أ

تجتذب مدينة يوجياكارتا آلاف السياح سنوياً، باعتبارها المركز الثقافي لجزيرة جاوة الإندونيسية، إذ تضم بين أركانها اثنين من أهم المعالم الأثرية والسياحية في إندونيسيا، هما معبد بوروبودور البوذي، ومعبد برامبانان الهندوسي.

طريق براداكسينا

أوضح علماء الآثار والمختصين في الديانة البوذية كيف كان يُستخدم معبد بوروبودور، الذي يشتمل على ‬1460 نقشاً حجرياً تصور مناظر الحياة اليومية والطقوس الدينية. ويتعين على السياح دخول المعبد من بوابته الشرقية، حتى يمكنهم التعرف إلى المستويات الثلاثة الأدنى التي تزخر بهذه النقوش عكس اتجاه عقارب الساعة. وفي هذه الحالة سيغادر السياح معبد بوروبودور من الجانب الأيمن، وهو ما يُعرف باسم طريق براداكسينا. وتصور النقوش الحجرية بمعبد بوروبودور مناظر الحياة اليومية وطقوس عبادة الآلهة، وتضم هذه المناظر ظهور أفيال وحيوانات ومشاهد من الأسواق. وتمتد حديقة المعبد على مساحة واسعة لتستوعب تدفق الأفواج السياحية. ويعد الصباح الباكر أو ما قبل الغروب هو أفضل أوقات زيارة معبد بوروبودور، حيث يتمكن السياح من مشاهدة النقوش الحجرية بوضوح مع عدم التعرض لأشعة الشمس الحارقة، لأن الضوء الساطع يتسبب في تعرض السياح للإبهار بشدة، وقد يكون الأمر مؤلماً.

وعلى الرغم من أن معظم سكان إندونيسيا يدينون بالإسلام حالياً وانتشار المساجد في كل مكان، إلا أن الحفاظ على هذه المعابد للديانات الأخرى يدل على مدى التسامح والتعايش السلمي الذي ينعم به هذا البلد الآسيوي.

 http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2013/02/02-288888.jpg

وتشهد هذه الآثار العريقة على تاريخ هاتين الديانتين داخل أكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان. وتفوح من هذه المعابد القديمة رائحة السحر المثيرة.

وتم إنشاء معبد برامبانان لعبادة الإله شيفا الهندوسي، بينما معبد بوروبودور يعد أكبر المعابد البوذية في جزيرة جاوة، ويندرج المعبدان ضمن قائمة التراث العالمية لمنظمة «اليونسكو»، فضلاً عن أنهما من أهم المعالم السياحية في أندونيسيا، إذ تتدفق الأفواج السياحية بأعداد كبيرة على هذه المنطقة، وهو ما يسهم في الرواج الاقتصادي، لأن معظم البرامج السياحية لإندونيسيا تبدأ من مدينـة يوجياكارتا.

وإضافة إلى هذين المعبدين تزخر مدينة يوجياكارتا بالعديد من المزارات السياحية والمواقع التراثية، مثل معبد السلطان، وكثير من المتاحف العريقة، ويطغى عليها طابع الحياة المزدحمة المميز للمدن الآسيوية. وهناك العديد من الفنادق والشركات السياحية بمدينة يوجياكارتا تقوم بتنظيم رحلات إلى هذين المعبدين.

ويمر طريق الرحلة في البداية بمجمع برامبانان، إذ يشاهد السياح على الفور ثلاثة أبراج عملاقة بمعبد لارا يونغرانغ، إذ يبلغ ارتفاع أعلى الأبراج نحو‬47 متراً.

وقد تم إنشاء مجمع برامبانان خلال القرنين التاسع والعاشر الميلادي، ويعتقد علماء الآثار أنه تم تشييد هذا المجمع بتكليف من الملك داكاسا لعبادة الإله شيفا. أما في الوقت الحالي فإن أكثر من ‬90٪ من سكان إندونيسيا يدينون بالإسلام.

وتم تصميم مجمع برامبانان على هيئة مربع مُحاط بأسوار وأربع بوابات كبيرة. ويوجد في الجزء الأعلى من المدرجات، التي يوجد بعضها مغلق، ثلاثة معابد مرتفعة للآلهة شيفا وفيشنو وبراهما.

كما توجد ثلاثة معابد أخرى، لكنها أصغر، على مستوى منخفض بعض الشيء. ويتمكن السياح من دخول بعض هذه المعابد، في حين تُجرى بعض الترميمات والإصلاحات حالياً على البعض الآخر.

ويتم إغلاق بعض النطاقات في المجمع من وقت لآخر بسبب أعمال الترميم. وتوضح العديد من النقوش الحجرية بعض المناظر والرموز الدينية.

وقامت إندونيسيا بكثير من الإجراءات للحفاظ على مجمع برامبانان، بمساعدة الخبراء الأجانب، إذ تم اختبار ثبات التربة وفحص تكوينها.

ومع بداية القرن الماضي كانت هناك حالة من الخراب منتشرة في أجزاء كبيرة من المعبد والمزارات المحيطة به. ولكن في عام ‬1930 بدأت هولندا، القوة الاستعمارية السابقة لإندونيسيا، في إعادة بناء المعبد من جديد، ثم قدمت منظمة «اليونسكو» في وقت لاحق مساعدات في عمليات الترميم والإصلاح.

وتم إنجاز العمل الرئيس في ترميم المعبد منذ عام ‬1951. وتوجد هناك العديد من الصور بالأبيض والأسود ترجع لهذه الفترة توضح حالة الفوضى التي كانت عليها كتل الصخور والأحجار.

وعلى مرمى البصر يظهر أمام السياح بركان ميرابي، الذي يُعد واحداً من أنشط البراكين في جزيرة جاوة التي يبلغ مجموعها نحو ‬35 بركاناً.

وهناك العديد من المظلات الملوّنة التي توفر للسياح حماية من أشعة الشمس الحارقة عند خط الاستواء. ومن المشاهد المثيرة للإعجاب رؤية الصخور والأحجار الداكنة أثناء الغروب، وكلما انخفضت الشمس، تزداد كثافة درجات اللون الأحمر على الصخور والأحجار.

وبعد غروب الشمس تُجبر الخفافيش السياح على مغادرة المكان، حيث يخيم الظلام الدامس بعد فترة قصيرة من الشفق الذي يكون في حدود الساعة ‬18 :‬00.

وفي منتصف الليل ينطلق كثير من السياح من مدينة يوجياكارتا لزيارة معبد بوروبودور. ومع إشراقة الشمس يتبدى أمام السياح المعبد البوذي الضخم، بتصميمه المثير للإعجاب والمكون من سبعة مستويات فوق بعضها بعضاً في شكل هرمي عجيب.

ويتمكن السياح في هذا المكان من الاستمتاع بمشاهدة بزوغ فجر يوم جديد لمدة ساعة ونصف تقريباً.

وتعد هذه المناظر الساحرة عامل الجذب الأساسي لمعظم السياح لزيارة معبد بوروبودور.

وأوضح علماء الآثار أنه تم بناء هذا المعبد في الفترة من ‬778 إلى ‬850 ميلادية تحت حكم أسرة ساليندرا.

وفي عام ‬1000 ميلادية تقريباً تعرض هذا المعبد المربع الشكل، الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من ‬35 متراً، للرماد البركاني، والذي أدى لتغطيته من الجانب بطول ‬120 متراً، ونتج عن ذلك ظهور نحو ‬56 ألف متر مكعب من الصخور البركانية.

وبعد عملية الترميم الأولى التي تمت، خلال الفترة (‬1907 ـ ‬1911) قام علماء الآثار بتفكيك المعبد المهدد بالانهيار، خلال الفترة (‬1973 ـ ‬1983) إلى قطع حجرية عملاقة وإعادة بنائه مرة أخرى.

تويتر