أطباء: تحدّ من نشاط الأمعاء.. وربما تفـــاقم أزمة الإمساك

«المليّنات».. حــل مؤقت لمشكلـة متكــرّرة

صورة

يلجأ كثيرون من المصابين بالإمساك إلى تناول «المليّنات» لمساعدتهم على التعافي من تلك المشكلة المؤرقة. غير أن الأطباء يؤكدون أن «المليّنات» لا تمثل حلاً دائماً للإمساك، بل على العكس يتسبب التناول المستمر لـ«المليّنات» في تفاقم المشكلة، كونها تحد من نشاط الأمعاء، لذا ينصح الأطباء بالبحث عن الأسباب الحقيقية للإمساك، ومحاولة علاجها.

ويرى الطبيب العام بمدينة بريمن الألمانية، هانز ميشائل مولينفيلد، أن «المليّنات» تمثل حلاً مؤقتاً فقط للإمساك، لأنها لا تعالج الأسباب الحقيقية للمشكلة، محذراً من أن استخدام «المليّنات» بصورة مستمرة، من أجل تنشيط وظيفة الأمعاء يجعل الجسم يعتادها مع الوقت، إذ يتراجع نشاط الأمعاء مع مرور الوقت ويُصبح الإمساك أكثر شدة من ذي قبل.

ويحذر مولينفيلد من التساهل في علاج الإمساك «فكلما طالت مدة الإصابة بالإمساك، زادت احتمالية الإصابة بمرض خطير، كسرطان القولون مثلاً».

أسباب

علاجات

لعلاج الإصابة بحالات الإمساك المزمنة، أوضح أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، ديتريش هوبه، أنه «غالباً ما ينصح الأطباء مرضاهم في البداية بتعديل نظامهم الغذائي، من خلال زيادة محتوى الألياف الغذائية به عن طريق تناول منتجات الحبوب الكاملة مثلاً، ويُمكن أيضاً جعل البراز أكثر ليونة، ومن ثمّ تحفيز نزوله بشكل أسهل، عند تناول ألياف غذائية أخرى مثل نخالة القمح أو بذور السيلليوم». وبديلاً لذلك، يشير الطبيب الألماني هانز ميشائل، إلى أنه يُمكن أيضاً تناول الألياف الغذائية المحضّرة صناعياً في الصيدلية، موضحاً فائدتها بقوله: «لا يستطيع الجسم امتصاص هذه الألياف، لذا تبقى في الأمعاء وتختزن المياه حولها، ما يُحفز الأمعاء على القيام بإخراجها، ومن ثمّ يتم تدريب الجهاز الهضمي». ولعلاج الحالات المزمنة للغاية، يلفت مولينفيلد إلى أنه عادةً ما يلجأ الأطباء إلى استخدام ما يُسمى بـ«المُسهّلات»، وهي عبارة عن أدوية تعمل على تحفيز حركية الأمعاء وتنشيطها، مشيراً إلى أنه يوجد العديد من الأساليب الأخرى، التي تؤدي الغرض نفسه، كزيت الخروع مثلاً، الذي يعمل على إبقاء المياه داخل الأمعاء، كذلك الأقماع المكوّنة من الغازات التي تعمل على تسيير البراز في الأمعاء، فضلاً عن الحقن الشرجية.

بينما يقول رئيس الرابطة الألمانية لأخصائيي أمراض الجهاز الهضمي بمدينة أولم، ديتريش هوبه، إنه «غالباً ما تُعزى أسباب الإصابة بالإمساك إلى اتباع أسلوب حياة غير سليم، يقل فيه إمداد الجسم بالسوائل، ما يؤدي إلى الإصابة بالإمساك»، مضيفا أنه «عندما يفقد الإنسان مثلاً كميات كبيرة من السوائل عن طريق العرق، يتسبب ذلك في صلابة البراز، إذ يقوم الجسم بعصر البراز، وامتصاص السوائل منه ليستعيض بها عمّا فقده من خلال العرق، ومن ثمّ تحدث الإصابة بالإمساك».

ويشير طبيب أمراض الجهاز الهضمي إلى أن اضطرابات التمثيل الغذائي، التي تحدث لدى مرضى السكري مثلاً، وتناول نوعيات معيّنة من الأدوية يتسببان في الإصابة بالإمساك لدى المسنين، إذ «تتسبب أدوية خفض ضغط الدم، وكذلك (حاصرات بيتا) في تحفيز الإصابة بالإمساك، كما يُمكن أن تعمل الأدوية المستخدمة لعلاج (الباركنسون)، والأدوية المحتوية على الموروفين على الحيلولة دون تأدية الأمعاء لوظيفتها، ما يؤدي إلى الإمساك أيضاً».

أما عن الأشخاص الأصغر سناً، فأرجع ديتريش هوبه إصابتهم بالإمساك إلى القولون العصبي، الذي تظهر أعراضه في صورة الإصابة بنوبات إمساك وإسهال متناوبة، أو إلى إصابتهم بما يُسمى بـ«الإمساك العام»، الذي يرجع إلى وجود اضطراب في الأعصاب.

تحذير

رئيس الجمعية الألمانية لأمراض الجهاز الهضمي العصبية وحركية الأمعاء بالعاصمة برلين، كريستيان بيل، من جهته، يحذّر من تناول «المليّنات» لمدة تزيد على أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. ويضيف: «لا تتسبب (المليّنات) في حد ذاتها في حدوث أي ضرر لمتناوليها. ولكن ينبغي على مَن يعتقد أنه لن يُمكنه التبرز على الإطلاق، إذا لم يتناول (المليّنات) بصورة مستمرة، التخلي عن هذا الاعتقاد الخاطئ، وعرض نفسه على طبيب مختص لاستيضاح السبب الحقيقي وراء إصابته بالإمساك». ويتابع بيل: «غالباً ما يُعاني الأشخاص، الذين يحتاجون إلى تناول جرعات كبيرة من (المليّنات)، من اضطراب في أعصاب الأمعاء، أي أن الاضطراب العصبي يُعد سبباً للاحتياج لتناول (المليّنات)، وليس نتيجة لها».

أنـواع مزمنة

يشير أخصائي أمراض الجهاز الهضمي العصبية، كريستيان بيل، إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الإمساك المزمن، لافتاً إلى أن توصيف الإمساك بأنه مزمن يستلزم أن يستمر لمدة تراوح بين ثمانية إلى ‬12 أسبوعاً متواصلاً.

ويحدث النوع الأول من الإمساك المزمن، عندما يصاب الإنسان باضطراب في نقل البراز من الأمعاء إلى المستقيم نتيجة وجود اضطراب في الجهاز العصبي.

أما عن النوع الذي يحدث نتيجة اضطراب التفريغ، فلا يواجه المرضى خلاله مشكلة في عملية انتقال البراز إلى المستقيم، إنما يواجهون صعوبة في عملية تفريغ البراز ذاتها. ويوضح بيل أنه «من الممكن أن يُعزى ذلك إلى أسباب عضوية، كالتي تحدث مثلاً إذا ما لحق ضرر بالنسيج الضام الموجود بين المهبل والمستقيم لدى المرأة أثناء الولادة».

أما عن النوع الثالث، فأطلق بيل اسم «الإمساك المزمن الاعتيادي»، موضحا أنه «لم يتم تحديد أسبابه بوضوح تام حتى الوقت الحالي، إذ لا يُمكن التحقق من وجود أي تغيّر مرضي في الجهاز الهضمي لدى مرضى هذا النوع عند خضوعهم للفحص، لكن يكون البراز غليظاً ومتماسكاً، وتكون الأمعاء ضعيفة وغير نشطة».

ويُمكن أن يلعب أسلوب الحياة المتبع دوراً في الإصابة بهذا النوع من الإمساك، لكن لا يعني ذلك أن مجرد نقص إمداد الجسم بالألياف الغذائية، أو قلة ممارسة الرياضة، أو عدم تناول كميات كافية من السوائل تكون سبباً للإصابة بذلك، وفق كريستيان بيل، الذي يشير الى أن هناك مجموعة من الدراسات تُرجح أن العوامل النفسية يُمكن أيضاً أن تكون سبباً وراء الإصابة بالإمساك، إذ يقمع الإنسان نفسه في بعض الأحيان عن التبرز، سواء بقصد أو من دون قصد، ما يؤدي إلى تباطؤ حركية الأمعاء.

 

تويتر