بن ثالث يوثّق بالكلمة والصورة تفاصيل من حياة الأجــــداد

«موسوعة الإمارات البحـرية».. رحلة بطابع تراثي

صورة

رحلة توثيق لمجموعة من روّاد التراث البحري الإماراتي، تتبع تفاصيل من حياة الأجداد ومهنتهم الأبرز، يقوم بها الباحث في التراث الإماراتي جمعة بن ثالث، في «موسوعة الإمارات البحرية»، التي تعد صفحاتها الـ ‬630 نتاجاً لمسيرة بن ثالث مع التراث البحري، والتي بدأ أولى خطواتها منذ سبعة أعوام، وعززها بمشاركات تراثية منوّعة، تمثلت في مجموعة من الفعاليات والأعمال، كان آخرها الفيلم الوثائقي «الخشب القديم» للمنتج الصيني العالمي تانغ زان يانغ.

أتي إطلاق «موسوعة الإمارات البحرية» تزامناً مع احتفالات الدولة، أخيراً، بـ«اليوم الوطني الـ‬41»، في إطار شراكة «جمعية الإمارات للغوص» و«هيئة المعرفة والتنمية البشرية»، وأثرى بن ثالث الموسوعة بـ‬550 صورة تجسد شتى تفاصيل الحياة البحرية في الإمارات، وكذلك المنطقة، إذ التقط بعض الصور في دول الخليج المجاورة.

ويتولى بن ثالث، الذي يمتهن الغوص والتصوير، إدارة المشروعات التراثية في جمعية الإمارات للغوص، ويشغل منصب رئيس قسم التراث، ويحمل على عاتقه إحياء التراث البحري، خصوصاً البيئي والتاريخي، لمهنة الغوص، مقدماً مجموعة كبيرة من المحاضرات، فضلاً عن الإصدارات التي من أبرزها «الغوص واللؤلؤ في دولة الإمارات العربية المتحدة»، و«معجم المصطلحات البحرية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، و«رجال الغوص واللؤلؤ»، و«الأسماك والحياة البحرية»، و«رحلة الغوص واللؤلو»، وأخيراً «موسوعة الإمارات البحرية».

مسيرة توثيق

يرى الباحث بن ثالث أن «موسوعة الإمارات البحرية» تعد حلقة في سلسلة عملية توثيق التراث الإماراتي التي بدأها منذ سنوات عدة، وتحديداً التراث البحري الذي يشكل المساحة الأكبر فيها، مشيراً إلى أنها «تكمل سلسلة المطبوعات التي سبقتها، إذ تجسد الطابع التراثي ذاته، ولذلك أحرص على إطلاقها منذ أربع سنوات، تزامناً مع اليوم الوطني لقيام الدولة، الذي تدعو الاحتفالات به عادةً إلى إحياء التراث والحفاظ عليه للأجيال المقبلة».

وأضاف بن ثالث لـ«الإمارات اليوم»: «تضم الموسوعة التي استعنت في إنجازها بمجموعة من رواد التراث البحري الإماراتي العتيق، باقة واسعة من المعلومات التي تدور في محيط الحياة البحرية المحلية، الأمر الذي جعلها تسلط الضوء على تفاصيل دقيقة فيها، نظمتها نظراً لتنوعها الكبير، وفق ترتيب الأحرف الهجائية، إذ جمعت المعلومات وحصرتها في مجموعات وفق أحرفها الهجائيـة، لتأخذ شكل باقة غنية من المرادفات البحرية المحلية، وسعيت لإرفاقها قدر المستطاع بالصور التي التقطتها شخصياً، والتي لجأت في بعضها إلى زيارة دول الخليج المجاورة بحثاً عنها، كأجزاء السفن التي اندثرت محلياً».

550 صورة

أوضح بن ثالث: «نظراً لكون الهدف من وراء إطلاق الموسوعة، نشر الثقافة البحرية والمحافظة على التراث المحلي وتوثيقه للأجيال المقبلة، حرصت على استخدام لغـة عربية سهلة لا يقتصر فهمها على الباحثين والمتخصصين، كما دعمت بعض المعلومات بأبيات شعرية تصورها وتشرحها في كلمات، هذا إلى جانب الصور التي يقدم معظمها شرحاُ وفياً للمعلومات المرفقة، والتي بلغت ‬550 صورة».

يذكر أن بن ثالث شارك، أخيراً، في فيلم وثائقي حمل عنوان «الخشب القديم»، للمنتج الصيني تانغ زان يانغ، ويعد أول فيلم وثائقي حـول تاريـخ صناعـة السفن في الدولة.

وسلط الفيلم الضوء على مراحل بناء السفن قديماً، إذ أشار إلى أماكن تصنيعها وعملية جلب الخشب والمواد الأولية المستخدمة في التصنيع، وطريقة بناء السفن وأسمائها وأنواعها وأحجامها وطرق استعمالها، ووثق الفيلم لأشخاص امتهنوا تلك الصناعة قديماً، كما وضم لقاءات مع مجموعة من أقدم صانعي السفن المحليين والنواخذة المعمّرين.


باقة معلومات

تضم «موسوعة الإمارات البحرية»، للباحث والخبير في التراث الإماراتي جمعة بن ثالث، معلومات جمعت وحصرت وفق ترتيب الأحرف الهجائية، لتأخذ شكل باقة من المرادفات البحرية المحلية، ومنها ما يتعلق بالمناطق البحرية المحلية، والكائنات البحرية المحلية، والسفن وأجزائها وغيرها، ومنها:

- أبو صلف: منطقة ساحلية في إمارة أم القيوين.

-  بان: صندوق مصنوع من البلاستيك يستخدم في نقل الأسماك من مكان إلى آخر، ومعظم الأسماك التي تضع داخله هي أسماك: الدردمان، القرفا، والتبان من الحجم الصغير، والعومة، وهو من الصناديق التي تساعد على حفظ الأسماك مثلجة وطازجة بعد أن يتم وضعها في البراد.

-  تبابة: قطع من القماش يحفظ فيه اللؤلؤ، ويكون عند نوخذة السفينة أثناء رحلة الغوص.

-  زيرة: حركة الماء في قاع البحر باتجاه حركة الموج.

- سَوار: إحدى فصائل أسماك القرش وتتميز بالحجم المتوسط، وهي مسالمة غير عدوانية.

-  شتر: تسمية تطلق على السفينة التي جنحت وتكسرت ألواحها وانشطرت إلى نصفين.

-  شغار: تسمية لخشبات توضع بصفة مؤقتة عند بداية صناعة السفن.

-  يوف: الحركة الدائرة في بطن الشراع من شدة الهواء.

شغف

على الرغم من عمل المواطن جمعة بن ثالث في السلك الإداري في وزارة التربية والتعليم لمدة ناهزت الـ‬21 عاماً، بقي شغفه بالبيئة البحرية واهتمامه الشديد بها حاضراً، الأمر الذي يبرز من خلال عضويته في عدد من الجمعيات المتخصصة، مثل المحميات البحرية في المنطقة الشرقية (دبا الفجيرة)، وفريق الغوص التابع لشركة نفط الكويت، وجمعية الإمارات للغوص منذ عام ‬1995، والتي يشغل فيها حالياً منصب مدير المشاريع التراثية، وترأس فيها فريق الغوص في مهرجان دبي للتسوّق لسبع سنوات، إلى جانب توليه، أخيراً، منصب رئيس قسم التراث والدراسات البحرية في جمعية دبي التعاونية لصيادي الأسماك.

ويمارس بن ثالث رياضة الغوص منذ عام ‬1991، وقد حصل على شهادة غواص منقذ عام ‬1995، كما يحاضر في الغوص واللؤلؤ في الجامعات والفعاليات المختلفة، وأصبح ناشطاً بيئياً في الحملات البحرية، ومحللاً لسباقات السفن الشراعية لقناة «دبي الرياضية»، ويشارك في التنبؤ وتحليل الطقس المحلي لقناة «سما دبي»، ومقدماً لبرامج تراثية في القنوات الفضائية.

ولم يكتفِ بن ثالث بالتمرس في الغوص للتعبير عن حبه للبحر وشغفه به، بل عمل على التخصص والاحتراف في التصوير تحت الماء، إذ حصل على شهادات متخصصة في تصوير الفيديو والصور الثابتة تحت الماء، واستفاد من ذلك في إصداراته المختلفة.

 

تويتر