افتتاحية الإفطار الرمضاني ورفيقة مناسبات العرب

«القهوة».. دِلال البدو التي لا تبرد

صورة

القهوة هي أسلوب ضيافة أصيل لدى العرب، ذاع اسمها في كل مكان وباتت رائحة بنها المحمص تفوح من الدلال النحاسية وقَبلها الفخارية، خصوصاً أن القهوة ارتبطت بمناسبات العرب مثل موائد الأعياد وإفطار رمضان، ومع مرور السنوات دخل التطور على القهوة فما عاد بنها يحمص ويدق يدوياً، بل أصبح للقهوة طرق كثيرة لصناعتها وبنكهات مختلفة لم تقتصر على الهيل فقط.

في الماضي كانت القهوة رفيق العرب الدائم وزوادتهم التي لا تفارق مجالسهم أو حتى رحلات تنقلهم لطلب الرزق والصيد، كذلك هو الحال بالنسبة للبيت الإماراتي الذي اشتهر بصناعة القهوة يدوياً على الجمر بواسطة أدوات قديمة، لتخرج القهوة برائحة البن المطعم بالهيل والزعفران.

وتتكون القهوة من بن القهوة الخشن وهيل وزعفران، إذ يضاف البن إلى الماء المغلي، وتترك القهوة لتغلي ثلاث مرات حتى تصل لمرحلة الفوران، وتوضع جانباً لدقائق ثم يوضع الهيل والزعفران في الدلة ومن ثم تسكب القهوة المغلية في الدلة.

أدوات قديمة

عادات القهوة و«المنقود»

 

القهوة تقليد عريق عرفت به عرب البادية قديماً، إذ كانت رمزاً للضيافة والكرم وافتتاحية المجالس وأساس عرض الزواج، ومن تقاليد القهوة أن يبدأ تقديمها للضيف في المقام الأول ثم للجالسين من على يمين الضيف، كما يعتبر من العيب أو ما يعرف بـ«المنقود» عند العرب أن تقدم القهوة باليد اليسرى، إذ يتوجب على «المقهوي» تقديم القهوة باليد اليمنى، ويتناولها الضيف باليد اليمنى أيضاً.

ومن المتوارث والمتعارف عليه ألا يملأ فنجان القهوة إنما يصب ربع الفنجان فقط، وعند الانتهاء من شرب القهوة يجب أن يهز الضيف الفنجان ليعلن عن اكتفائه من القهوة، وإذا لم يفعل سيعاود المقهوي ملء الفنجان من جديد، كما يجب على الضيف أن يسلم الفنجان للمقهوي بيده بعد الانتهاء من شرب القهوة ولا يضعه على الأرض، لما في ذلك من احترام وتقدير للمقهوي.

استخدمت قديماً لصناعة القهوة أدوات مختلفة منها «التاوه» المصنوعة من الحديد والتي تستخدم لتحميص حبات البن، والتاوه نوعان منها الكبير والعميق، والثاني الصغير وذو العمق المتوسط، التي تستخدم تحديداً في تحميص البن، ولأن التحميص يحتاج إلى تقليب حبات البن، فصنع «المحماس» وهو عبارة عن قطعة طويلة من الحديد أو النحاس، صنعت لتقليب القهوة وتحميصها كما يمكن استخدامها في رفع الخبز عن التاوة.

أما المنحاز أو ما يعرف بـ«الهاون» فقد كان يستخدم في طحن القهوة وغالباً ما كان يصنع من الخشب أو الحديد، ويمتاز بتعدد أشكاله إلا أن الهاون المخروطي العميق في الجزء السفلي والضيق في الأعلى هو الاوسع انتشاراً، أما الرشاد أو الهاشمي فهو عبارة عن أداة تستخدم في دق حبوب القهوة وتنعيمها بالمنحاز ويصنع من الخشب أو الحديد أو النحاس.

وللاحتفاظ بحرارة القهوة يتم وضع الدلال في وعاء معدني يوضع فيه الجمر ويطلق عليه في دول الخليج «الكوار» أو «المنكلة»، وقد يكون «الكوار» مستدير الشكل أو مستًطيلا، ويحتوي على ثلاثة أو أربعة أرجل ترفعه عن الأرض، ولصب القهوة هناك الفناجين أو ما كان يعرف بـ«الاستكانات»، وهي عبارة عن كأس زجاجية، أما الدلة فكانت تصنع من الفخار ومع انتشار المواد المعدنية صنعت الدلة من النحاس.

دلال متنوعة

وتقسم الدلال بحسب أنواعها إلى ثلاث دلال رئيسة منها «الخمرة» أو «المطباخة»، وهي الأكبر حجماً مقارنة بدلال القهوة العادية، وتوضع دائماً فوق الجمر وبها الماء الساخن وما تبقى من الهيل والبن، أما الدلة المتوسطة الحجم فيطلق عليها «الملكمة» أو«المصفاية»، وهي التي يتم فيها تلقيم القهوة بعد نقل جزء من الماء الساخن من الدلة الكبيرة فيرتفع البن من قاعها، أما «المزلة» أو«المبهارة»، وهي أصغر الدلال الخاصة في عمل القهوة، وتستخدم بعد طبخ القهوة في الدلة المتوسطة، إذ يوضع بها صافي القهوة.

ومن أهم أنواع الدلال المعروفة في الجزيرة العربي الدلة «القشرية» والتي تصنع من فخار أو النحاس، أما دلة «رسلان» فهي من أجود الدلال التي تجلب من بلاد الشام وهي باهظة الثمن، إذ يراوح سعرها بين 1000 درهم و5000 درهم، وتعرف الدلال من شكلها الخارجي او من الختم الذي عادة ما يكون على البدن ويحمل اسم صانعها أو من خلال العلامات الموضوعة على المقبض مثل عمل حزوز أو زخارف هندسيه.

قهوة بنكهات

أما في الوقت الحالي على الرغم من وجود القهوة العربية واحتفاظها بمكانتها في الموائد والمجالس الإماراتية، فإن كثيراً من انواع القهوة وجد طريقه في اليد الإماراتية لاسيما في وجود النكهات التي أدخلت حديثاً على القهوة، منها الكاكاو والكراميل والحليب، كما أن القهوة لم تحتفظ كثيراً بمرارتها التي تميزها عن غيرها من أنواع القهوة.

وظهرت القهوة الباردة أو المثلجة، وتعرف بالقهوة الأميركية بالباردة التي يقال إن أصلها عربي، ويكمن الاختلاف في أنها قهوة ثقيلة باردة ممزوجة بالحليب والسكر وقطع من الثلج، أما القهوة التركية فهي الأكثر شهرة في الإمارات وتمتاز بكونها ثقيلة غامقة اللون وتقدم مع السكر بحسب الحاجة، كذلك هناك قهوة الكابوتشينو الإيطالية والتي تتألف من الإسبرسو بمقدار الثلث والحليب والكريمة المخفوقة، ويرش على سطح رغوة الكريمة بودرة الكاكاو أو بودرة الدارسين، أما الموكا فهي قهوة فرنسية أو إيطالية، تتألف من القهوة السادة الثقيلة بمقدار الثلث، يضاف إليها الشوكولاتة الساخنة غير المحلاة والحليب.

تويتر