إحدى أجمل الوجهات السياحية الطبيعية بتركيا

وادي «ساكلكنت».. رحـلة في الطبيعة الوعرة

صورة

تشهد تركيا حالياً طفرة سياحية كبيرة، نظراً لما يتمتع به هذا البلد من مناظر طبيعية خلابة وشواطئ رائعة وجبال شاهقة وبحيرات هادئة.

ويعد وادي «ساكلكنت» إحدى مناطق الجذب السياحي الرئيسة التي يزخر بها الساحل الجنوبي الغربي لتركيا.

ويمر الطريق إلى هذا الوادي الضيق عبر غابات الصنوبر التي تفوح منها الروائح الذكية، ويشاهد السياح في طريقهم إلى هناك بعض القرى الصغيرة، إذ يجلس عدد قليل من الرجال أمام مقهى بسيط ليتابعوا حركة السيارات المارة من أمامهم، وتظهر في هذا المشهد البديع امرأة عجوز تصطحب مجموعة من الأبقار والماعز على جانب الطريق.

وعلى الرغم من كل هذه المناظر الريفية، فإن مدينة سكاكلنت تعتمد على السياحة بشكل أساسي في نشاطها الاقتصادي، إذ تصطف متاجر بيع الهدايا التذكارية وأماكن انتظار السيارات السياحية بجوار بعضها بعضاً.

كما وضعت المطاعم والمقاهي مقاعد ووسادات جلوس على عوامات خشبية على ضفاف النهر لاستقبال السياح من مختلف الجنسيات، إضافة إلى أن هذه المدينة التركية تتيح للزوار إمكانية المبيت في منازل خشبية مُعلقة فوق الأشجار. وبعد السير لفترة قصيرة يظهر مدخل وادي «ساكلكنت» أمام السياح، الذين يتعين عليهم المرور فوق جسر خشبي خلال أول 200 متر من رحلتهم إلى هذا الوادي المثير. وفي تلك الأثناء تبرز الجدران الصخرية على الجانبين في ارتفاع شاهق وبانحدار شديد، ويتدفق تيار الماء تحت أقدام السياح، وتظهر فقاعات مائية بديعة.

جمال الصخور

بعد اجتياز هذا الممر الخشبي يفتح الوادي أبوابه على تنوع صخري غاية في الروعة والجمال، إضافة إلى أنه ينمو في هذا الوادي عدد قليل من الأشجار، التي تظهر بينها بعض الحشائش، ولذلك فإن هذا الوادي يعد من الأماكن المفضلة لدى العائلات التركية، التي تقصده من أجل التنزه والاستمتاع بأوقات الفراغ.

ويتعرض السياح للبلل خلال التوغل بداخل هذا الوادي الضيق، إذ إنهم يضطرون في بعض الأماكن إلى الخوض في الماء، من أجل استكمال رحتلهم المثيرة، لذلك يرتدي بعضهم ملابس السباحة، أما البعض الآخر فيفضل ارتداء السروال القصير والـ«تي شيرت».

ويتمتع السياح بإطلالة رائعة على هذا الجمال الطبيعي عندما يتسع الوادي وتتباعد جدرانه الصخرية المنحدرة.

ومن يرغب في مواصلة الاستماع بهذه اللوحة الفنية الرائعة ويريد مواصلة المسير بداخل وادي «ساكلكنت»، فسيضطر إلى الخوض في المياه، وفي هذه الحالة لن يقتصر الأمر على البرودة الشديدة للماء، بل سيتعين على السياح أيضاً مواجهة ضغط كبير للماء، خصوصاً في فصل الربيع. ويمر الجزء الأول من الرحلة على نوع من الجداول المائية المندفعة بشدة، والتي تبدو من الخارج أنها لا تُشكل أية خطورة عند اجتيازها، لكن عندما يحاول أحد الشباب عبورها فإن ركبته تختفي في الماء بعد الخوض فيها بخطوات قليلة، ثم يصل مستوى الماء إلى البطن والصدر. ويحاول هذا الشاب مقاومة الماء من خلال التجديف بذراعيه والتشبث في القاع بقدميه إلى أن يصل أخيراً إلى المياه الضحلة.

ومَن يراقب هذا المنظر فلن يتعجب من رؤية اللوحات الإرشادية المنتشرة في جميع الأماكن، التي تنصح بعدم استكشاف هذا الوادي والتجول فيه إلا برفقة مرشد سياحي خبير بدروبه الوعرة. وصالح هو أحد هؤلاء المرشدين السياحيين، الذي يمتاز بأنه قصير القامة وصاحب بطن منتفخ، وهما صفتان يستفيد منهما في أداء وظيفته أثناء مصاحبة الأفواج السياحية للتجول عبر هذا الوادي الضيق، إذ يبدو المرشد السياحي بتكوينه الجسماني هذا صخرة راسخة وسط تيار الماء المندفع.

وعلى الرغم من أن صالح يمسك بأيدي السياح لكي يعبروا هذا الممر المائي، فإنهم يشعرون بالخطر الذي يشكله ضغط الماء عليهم، ومع ذلك فإنهم يحافظون على توازنهم في الماء.

وبعد ذلك يسير الممر المائي بمحازاة الحافة الصخرية لمسافة بضعة أمتار، حيث لا يُشكل في تلك الأثناء أية خطورة على السياح، لأن المياه عندئذ لا تتجاوز مستوى الكاحل. ولكن يضطر السياح بعد ذلك إلى العودة إلى منتصف الممر المائي، عندئذ يصل مستوى الماء فجأة إلى مستوى البطن والصدر مرة أخرى، وهو ما يدفع المرشد السياحي إلى وضع ذراعه حول ظهر السائح، حتى لا يجرفه تيار الماء المندفع.

أعماق الوادي

يواصل السياح مسيرتهم على طريق مغطى بالشظايا الصخرية لاستكشاف أعماق هذا الوادي الضيق، وعلى الرغم من أن الهرولة تدخل بعض البهجة والسعادة على السياح، فإنها ليست هي الغاية من هذه الرحلة المثيرة. فعندما يتسع النهر قليلاً وتتدفق المياه بلطف، يتمكن السياح من إلقاء نظرة لأعلى، حيث تظهر الصخور بأشكال بديعة تأسر الألباب وتسحر العيون.

ترتفع الجدران الصخرية على جانبي الوادي إلى عنان السماء، ليصل ارتفاعها إلى 700 متر، وقد تبدو هذه الصخور في بعض الأحيان بمظهر أملس كأنها مشيدة من قبل الإنسان، وفي أحيان أخرى تطغى عليها الطبيعة الوعرة وتظهر بها نتوءات صخرية وكهوف وانبعاجات. كما يضيق الوادي في أماكن ويتسع في أماكن أخرى، وتكثر به المنعطفات ويمر طريق التجول به بدروب شاقة ووعرة.

ويقود المرشد السياحي مرافقيه لمسافة 1000 متر داخل هذا الوادي الضيق، ويمكن للسياح أن يتجولوا لمسافة 2.5 كيلومتر في هذا الممر الجبلي الذي يمتد بطول 17 كيلومتراً، ولكن ستتجمد أقدام السياح ببطء، كما سيشعر السياح بوخز الشظايا الصخرية في الأحذية مع كل خطوة يخطونها في هذا الوادي.

وفي طريق العودة يمر السياح على الصخور والقطع الحجرية مرة أخرى ويعبرون النهر المتدفق، وفي تلك الأثناء يقوم المرشد السياحي بنثر بعض الأشياء ذات اللونين الرمادي والبني على وجه وأذرع مرافقيه، التي من المفترض أن تحمي السياح من جميع الصعاب والمشكلات التي تواجههم أثناء الرحلة، بدءاً من حروق الشمس حتى لدغات الحشرات.

وفي نهاية الرحلة يخرج السياح من وادي «ساكلكنت» وهم يشعرون بسعادة بالغة، ولكن ملابسهم تكون مبللة.

كما ينال المرشد السياحي نصيباً من هذه السعادة، بعدما يحصل من السياح على بعض البقشيش. ويقف أصحاب متاجر الهدايا التذكارية أمام محالهم في انتظار قدوم السياح، حتى يعرضوا عليهم ما لديهم من منتجات، وقبل مغادرة المكان يتوجه السياح لشراء بعض قطع الملابس الجافة بأسعار سياحية.

تويتر