كوكب المرّيخ محط أنظار العالم

2011 .. عام مضطرب في الفضاء

المريخ الهدف الثاني لإنطلاق الإنسان إلى الفضاء. د.ب.أ

بعد مرور 50 عاماً على انطلاق أول إنسان لسبر أغوار الفضاء، دخلت القوى الفضائية الثلاث الكبرى، الولايات المتحدة وروسيا والصين، عصرا بات التعاون فيه أكثر أهمية من أي وقت مضى. وشهد عام 2011 إحالة أسطول المركبات المكوكية الأميركي الى التقاعد بعد ثلاثة عقود، كما شهد نجاحات حققتها روسيا وإخفاقات مُنيت بها، وأخيرا بزوغ نجم الصين في مجال ارتياد الفضاء. الأوروبيون أيضا شاركوا في عملية المحاكاة الرائعة «مارس500» في موسكو.

وبعد مرور 42 عاما من أول هبوط على سطح القمر أصبح المريخ هو الهدف التالي لانطلاق الإنسان الى الفضاء.

ويقول مدير برنامج الفضاء الالماني، يوهان ديتريتش، إن الآمال تحدو البعض في أن تنطلق الرحلة الأولى صوب الكوكب الأحمر في ثلاثينات هذا القرن، غير أن مشروعا طموحا كهذا لا يمكن تصور تحقيقه إلا بتعاون دولي وثيق.

وتشمل الطفرات المرتقب تحقيقها خلال 2012 هبوطاً مقرراً للجيل التالي من مركبات الفضاء الأميركية على المريخ في أغسطس، وشروع الصين في بناء محطة فضائية خاصة بها. ولاتزال المركبات الروسية من طراز «سويوز» هي الوسيلة الوحيدة لنقل رواد الفضاء إلى المحطة الفضائية الدولية، فيما تتجه الولايات المتحدة نحو مشروع الرحلات الفضائية التجارية، إذ تستعد شركة «سبيس إكس» لإطلاق أولى رحلاتها غير المأهولة للمحطة الفضائية الدولية.

وبدأ عام 2011 في موسكو باحتفالات الذكرى الـ50 لأول رحلة للفضاء بقيادة يوري غاغارين عام ،1961 لكن الأمور لم تمض على مايرام، إذ فقد قمر اصطناعي، وتحطم صاروخ حمل بشكل غير متوقع.

وأخيرا، كان الفشل هو مصير مهمة «فوبوس-غرانت» التي كانت موجهة للمريخ. وكانت روسيا تأمل، بعد 15 عاما من التخطيط، في بدء عهد جديد من استكشاف الكواكب، غير أن القمر الاصطناعي الذي بلغت كلفته 160.6 مليون دولار فشل في الخروج من مدار الأرض.

وتستطيع وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) أن تجد بعض السلوى في دورها الجديد، باعتبارها الوحيدة التي توفر وسيلة نقل رواد الفضاء الى المحطة الفضائية الدولية على متن كبسولات الفضاء سويوز.

ومنذ أتمت مركبة الفضاء الأميركية «أتلانتيس» رحلتها المكوكية الأخيرة في يوليو الماضي لم يعد لدى الولايات المتحدة وسيلة نقل خاصة بها لنقل الرواد. وحاول رئيس وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) تشارلز بولدن، جاهدا ان يقلل من شأن ذلك الموقف، قائلا: «إن مستقبلا مبهرا ينتظرنا».

وقال بولدن أمام الكونغرس الأميركي في نوفمبر الماضي: «كان ذلك عاما رائعا لـ(ناسا)، على خلاف الاعتقاد الشائع». وأوضح أنه بالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء المحطة الفضائية الدولية، تم الانتهاء من وضع خطط لمهام من شأنها تغيير شكل العالم، إذ تم التخطيط لإطلاق مهمة فضائية مأهولة لكويكب عام ،2025 ثم رحلة أخرى إلى المريخ بعدها بـ10 سنوات. ويحظى المشروعان بدعم حماسي من جانب الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وبدأت معالم أضخم صاروخ في تاريخ «ناسا» تتبلور، وكذلك كبسولة فضاء جديدة تستطيع حمل ستة رواد، ومن المقرر بدء رحلات تجريبية غير مأهولة في .2014 لكن الامر غير المؤكد هو ما إذا كانت «ناسا» ستحصل على تمويلها السنوي المعتاد بقيمة ثلاثة مليارات دولار واللازمة لتغطية نفقات التطوير أم لا.

وكتبت صحيفة «واشنطن بوست» إنه لا يعرف أحد في «ناسا» على وجه اليقين الكيفية التي سيتمكن بها الخبراء من تطوير التكنولوجيا المعقدة للهبوط على متن الكويكب في غضون 14 عاما لا أكثر.

كما لم يتضح بعد أيضا الكويكب الذي تستهدفه «ناسا». وتواجه «ناسا» جدول أعمال متخم العام المقبل.

وخطت الصين خطوات قوية في 2011 نحو بناء محطتها الفضائية الدولية، بإجرائها أولى تجارب الهبوط، عندما التحمت المركبة الفضائية الصينية غير المأهولة «شنتشو-8» مجددا بكبسولة المختبر الفضائي الخاصة بها «تيانجونج -1». ومن المقرر الانتهاء من المحطة عام .2020

والتحمت «شنتشو 8» (السفينة السحرية) مرتين بـ«تيانجونج-1» في نوفمبر الماضي. وتعاونت الصين مع ألمانيا في الفضاء، إذ استخدمت المعمل الألماني «سيمبوكس» على متن «شنتشو8»، حيث من المقرر دراسة الاثار الجانبية لانعدام الوزن على الكائنات الحية.

ومع نجاح تجربة الالتحام، انضمت الصين لنادي الدول الكبرى في مجال السفر للفضاء، وهي الولايات المتحدة وروسيا التي سيطرت على تكنولوجيا الفضاء طيلة أربعة عقود. ولدى ثاني اضخم اقتصادات العالم خطط طموحة في هذا الصدد، إذ إنه إذا اكتمل بناء المحطة الفضائية حسب ما هو مقرر، فان الصين ستصبح الدولة الوحيدة التي تمتلك موقعاً مأهولاً بشكل ثابت في الفضاء بحلول .2020

وتعكف الدولة حديثة العهد بارتياد الفضاء على بناء نظام ملاحة عالمي، وتخطط لإرسال سفن فضاء للقمر والفضاء السحيق، وتطور لهذا الغرض صواريخ دفع قوية.

ويقول الخبراء إن الصين يمكنها ان تجني عوائد سياسية كبيرة من خلال برنامجها الفضائي. فعلى الصعيد الداخلي تستطيع القيادة الشيوعية أن تنعم بنجاح برنامجها الفضائي، وتنال في الوقت نفسه العديد من المزايا الاستراتيجية على صعيد السياسة الخارجية.

تويتر