مجموعة أزياء عرضت في دبي ولندن لدار «أماتو كوتور»

«أنا الملكة».. فانتازيا من عصــر ذهبي

على صهيل الخيول ووقع حوافرها، انطلق أحد أهم عروض أسبوع دبي للموضة في يومه الختامي أخيرا، وأكثرها تأثيرا في الجمهور، الذي لم يتوقف عن التصفيق مع دخول كل عارضة، واستطاع خلاله مصمم دار «أماتو كوتور» فيرن أونيه أن يقدم أفضل مواسمه حتى الآن، بمجموعة بعنوان «أنا الملكة»، استطاع المصمم أن يحول عصرا ذهبيا للملكة إليزابيث الأولى في القرن الـ،16 إلى عالم سحري فانتازي رسمه لها، بين معارك وفخامة، فوق صهوة جواد من ذهب، وهو العرض الذي قدمه أخيرا في أسبوع الموضة في لندن.

اختار أونيه العصر الذهبي لمجموعته، واختار الملكة العذراء لتتوجها، وبين هذا وذاك، كانت الألوان تعكس كلتا الصفتين، دون خروج عن درجات الألوان النقية، بين الأبيض، والكريمي، والبيج بدرجته المعروفة باسم «قشر البيض»، والعسلي، والذهبي، عاكسا فخامة تلك الحقبة من حياة الملكة ومن حياة شعبها، وراسما حياتها، بطريقة دراماتيكية، بين حروب، وانتصارات، بادئا عرضه بعارضة تلبس زينة ضخمة مكونة من أذيال شعر متعددة ركبت بطريقة شبيهة بالخيل، بينما بدأت العارضة بالتحرك بطريقة مشابهة، لتبدأ المجموعة بعد ذلك بالظهور، تصميما تلو الآخر من دون أن يتوقف الحضور عن التصفيق.

أنوثة

على الرغم من استيحاء المصمم أفكاره من العصر الذهبي وملكته المحبوبة، إلا أن تلك الأفكار لم تبعد المصمم عن بصمته الواضحة وأفكاره الحداثية في التقديم، إذ قدم مجموعة من فساتين قصيرة وطويلة، ذات خطوط متطرفة وعصرية، مقدما مجموعة من الفساتين المعتمدة على فكرة القوالب المكشوفة، وأخرى مغلقة الرقبة والأكتاف، بخطوط وأجنحة متطابقة جانبية على الأرداف، أو قوالب خشبية مزخرفة ومنحوتة ترتفع زخارفها عاليا فوق الكتف والرقبة، وبين تلك الشفافة، والأخرى التي تداخلت معها الزخارف الخشبية، لم يخرج المصمم عن الحس الأنثوي، بلمسات من الدانتيل التي امتزجت مع بدائية وقسوة الخشب والتصاميم ذات الخطوط الواضحة الحازمة.

تفاوتت التصاميم بين الطويلة المنسدلة، من التور أو الدانتيل، أو الكتان الذي مزج وتداخل مع الخامات الأخرى لتعزيز اللمسة البدائية الخام للمجموعة، أو تلك شديدة القصر، المزين بعضها بطبقات تور منسدلة لم تخف سيقان العارضات، أو تلك المكونة من قالب أشبه بلباس البحر، وآخر من سراويل قصيرة جدا، أقرب للملابس الداخلية، في محاولة من المصمم أن يقدم أفكاره دون التقيد بحدود أو تفصيلات سوى تلك الخاصة به، مؤكدا لاحقا، أن كل تلك التصاميم يمكن أن تتحول إلى أخرى طويلة للراغبات في ذلك.

تنوعت أفكار التصاميم التي تزينت جميعها بالزخرفات والتفاصيل اليدوية الواضحة، وارتكزت المجموعة على النقوش والزخارف المعتمدة على الخامات والأقمشة المقصقصة، والمزينة بالأحجار، إذ استخدم المصمم في هذه المجموعة كريستالات «شواروفسكي» اللماعة المبهرة، والأخرى المنطفئة مثل «الأوبال»، التي أعطت تأثيرا عميقا في التصاميم ونقوشها، كما تزينت تصاميم أخرى بالأحجار التي بدت أشبه بالمسامير المزينة للدروع، ولكن بنقوش متموجة، جعلتها أشبه بدروع لملكة محاربة، وأخرى اعتمدت فكرة المشدات المزينة بالدانتيل، والحبال، مع حرص المصمم على استيحاء خطوط معمارية مزخرفة اعتمدت في تلك الحقبة في تصاميمه، انسدل التور من أغلبها في مناديل وأوشحة مغوية، تخفي القليل، وتكشف بين طياتها انحناءات الجسد تحت خطوط ونقوش المصمم، والتي غالبا ما حرص فيها على الفخامة والبذخ في المواد المستخدمة، رغم الحرص على ألا تكون واضحة ولماعة، بل امتزجت بذكاء وهدوء وفخامة شديدة مع بقية عناصر التصاميم.

تطرّف

مع تأثر المصمم بالملكة إليزابيث الأولى في هذه المجموعة، واعتماده تلك الفكرة للانطلاقة في هذا الموسم، إلا أنه حرص على أن تكون الأفكار عصرية ومتطرفة، مستخدما السحابات، والخشب المبيض الخفيف، والجلود، كما أنه استخدم المعالق والأشواك الخشبية الخفيفة في صناعة بعض الخوذات التي تزينت بها رؤوس العارضات، والتي بـدت أشبه بتلك التي يمكن أن يرتديها الملوك والملكات خلال الحروب، إضافة إلى أخرى ضخمة أشبه بهيكل لرأس حصان تزين بالشعر، وانسدل على ظهر العارضة، أو تلك الخوذات الجلدية المزينة بالمسامير المعدنية أطبقت على رؤوس العارضات.

لم يتوقف جنون المصمم عند هذا الحد، بل حرص على أن تتزين العارضات بضمادات ورباطات الإصابات، والتي وضعها على ركب وأيدي العارضات، إضافة إلى ربطات الإصابات الخاصة بالعنق، أو تلك القوالب الخاصة بالظهر، والتي أراد أن يعكس من خلالها قسوة وقوة سيدته في هذا الموسم، رغم أنوثتها الشديدة، التي لم تروض بعد، مستعينا بخيالاته عن الملكة العذراء فوق صهوة جوادها، الذي لم يفارق العرض صوت وقع حوافره، ولم تفارقه هي بوجهها الشاحب المبيض، وملامحها الحازمة الباردة، التي زينها المصمم في بعض التصاميم بدوائر وإطارات مزخرفة ومنحوتة من الخشب، تزينت بالتور كطرحة بيضاء فوق التصاميم، وهي الإطارات التي كانت تزين رقبة وأكتاف الملكة في السابق كجزء من تصميم فساتينها، إلا أن المصمم فضل الاستعانة بالفكرة وتعزيز مجموعته بها بطريقته الخاصة.

إضافة إلى ذلك تميزت الأحذية التي صاحبت المجموعة، والتي حرص المصمم على صناعتها خصوصا للعرض، والتي بدت بأعناقها الطويلة الواصلة تحت الركبة، وخطوطها العرضية الواسعة، وأوانيها التي بدت ملطخة ومعتقة، أشبه بلفافات متهالكة لمحاربة تخوض المعارك، كما تميزت الأحذية التي أخذت صناعتها نحو ثلاثة أشهر، بارتفاع واعتماد القاعدة السميكة التي لم تسلم من الزخرفة الراقية.

تويتر