ضمن الحلول لغلاء سعر الخـبز في مصر

الفرن المنـزلي ينضم إلى جهاز الـعروس

أزمة الخبز التقليدية دفعت فرن الغاز ليصبح قطعة مهمة ضــمن جهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاز العروس. أرشيفية

في ركن بمنزل أسرتها في قرية جنوب مدينة الجيزة المصرية جمعت رحاب قبيل نصيبها من مستلزمات بيت الزوجية لتريه للأهل والجيران قبل نقله الى بيت العريس. ورصت الأجهزة المعمرة المختلفة كغسالة الملابس والتلفزيون وموقد البوتاجاز بعناية فائقة يتصدرها فرن معدني بجواره عبوة غاز جديدة.

لقد صار فرن الخبز المنزلي الذي يعمل بالغاز بنداً مهماً ضمن مستلزمات البيت لكل عروسين جديدين في ما يُسمى «جهاز العروسين» في معظم القرى بسبب الصعوبات التي باتت تكتنف شراء الخبر المدعم.

لم يسبق لرحاب التي تعلمت حتى نالت شهادة الثانوية العامة أن استعملت مثل هذا الفرن من قبل لكن والدتها التي دفعت في فرن الغاز واسطوانته زهاء 500 جنيه، نحو 90 دولاراً، تقول «الهدف هو اعداد رحاب لمواجهة أي صعوبة في الحصول على الخبز الجاهز متعهدة بتدريب ابنتها على كيفية اعداد الخبز في بيتها الجديد كلما لزم الأمر».

وكانت أم احمد (33 سنة)، التي تسكن بالبلدة نفسها على حال رحاب من الجهل بعملية الخبز الى ان انتهت من دراستها الجامعية وعملت مدرسة. لكنها لجأت لتعلم الخبز مستخدمة فرن الغاز لتوفر على زوجها المدرس عناء الوقوف في صف طويل كل صباح لشراء الخبز.

وتقول أم أحمد «لجأت للخبز في البيت بنفسي لأوفر على زوجي الوقوف ساعات امام المخبز والعودة بخبز لا يصلح احياناً طعاماً للآدميين».

حتى وقت قريب كانت من تحصل على مؤهل دراسي حتى لو كان شهادة اتمام الدراسة الاعدادية في قرية كتلك التي تنتمي اليها أم احمد ورحاب لا تقرب الفرن باعتبارها «متعلمة»، لا يقبل في محيطها أن تقوم بأعمال شاقة تليق بمن لم تنل نصيبا من التعليم أو تحظ بزيجة مريحة.

لكن ام احمد وعدداً آخر من زميلاتها حاملات الشهادات الجامعية بالمدرسة نفسها، بل وناظرة المدرسة صرن من الماهرات في اعداد الخبز المنزلي بدافع الحاجة الى تفادي مشكلات الخبز الجاهز، وبفضل فرن الغاز الذي يمكن وضعه في أي مكان بالمنزل دون أثر لدخان او حاجة لحطب او قش، كما كان الحال في الفرن الطيني الذي استعملته جداتهن وأمهاتهن.

وتحصل أم أحمد على الدقيق اللازم للخبز بشراء كمية من القمح خلال موسم الحصاد من أحد الفلاحين أو بشراء الدقيق الجاهز ويكلفها ذلك مبالغ كبيرة تؤثر في نفقات اسرتها.

وتسبب تفتت الملكية الزراعية في عزوف صغار الملاك والمستأجرين في كثير من انحاء الريف المصري، لاسيما قرب العاصمة عن زراعة القمح لبقائه في الأرض لشهور يحرمون خلالها من أي دخل. ويقول نبيل وهو مزارع في القرية ويملك مطحنة آلية «الخضراوات تستمر شهرين أو ثلاثة في الأرض وتوفر للفلاح مالاً يعيش منه. الناس تموت لو استمرت دون مال ستة أشهر كاملة، وخبز المخبز أبو خمسة قروش يساعدهم لأنه ارخص».

ويباع رغيف الخبز المدعم في مصر بخمسة قروش للرغيف وهو سعر يتيح الخبز لكل فئات المجتمع تقريباً. كما يباع في الأسواق نوع آخر غير مدعوم يتراوح سعره بين 25 و50 قرشاً حسب الحجم والجودة وهو اكثر توفراً من النوع الأول، لكنه خارج متناول كثير من الفئات.

وتقول الحكومة إن ميزانية الدولة تتكبد مليارات الجنيهات كل عام لدعم الخبز. ومن بين كل 20 رغيف خبز مدعماً في مصر هناك 12 رغيفاً يتم استيراد القمح اللازم لها من الخارج طبقاً لبيانات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري الخاصة بعام ،2009 التي اشارت ايضاً الى ان الخبز المدعم مكون رئيس في وجبات 90٪ من الأسر المصرية.

وأكد رئيس الوزراء احمد نظيف أخيراً أن الخبز المدعم لن يتأثر بأي زيادة في اسعار القمح بعد قرار روسيا وقف تصدير القمح اثر موجة الحر والحرائق هناك. وكانت أزمة نقص للخبر قبل عامين بمصر التي يعيش بها زهاء 80 مليون نسمة قد اودت بحياة ما يزيد على 10 اشخاص في حوادث متعلقة بالحصول على الخبز.

ويقول طارق القهوجي وهو موزع لأفران الغاز المنزلية بمدينة البدرشين جنوب القاهرة، إن فرن الغاز صار جزءاً اساسياً من تجهيزات أي عروس في المنطقة.

ويبيع القهوجي ما بين 30 و40 فرناً شهرياً، لكنه يضيف «رغم ذلك الفرن ليس له أي اشتراطات أمان لأنه مصنوع في الغالب في ورش صغيرة تفتقر للرقابة الصناعية، كما انه ليس له ضمان»، وحوادث انفجار مواقد واسطوانات الغاز من الأمور المألوفة في مصر ويروح ضحيتها عشرات الأشخاص كل عام. كما استغلت بعض النسوة ممن يجدن الخبز فرن الغاز مشروعاً شخصياً صغيراً، إذ ينتجن الخبز ويبعنه للجيران والمارة، لاسيما في المناطق الحضرية بثمن قدره 50 قرشاً للرغيف الصغير وجنيه للرغيف الكبير.

ولكن على الرغم من انتشار الفرن المعدني الذي يعمل بالغاز تقول حماة ام احمد إنها لن تستغني عن فرنها الطيني العتيق القابع منذ عقود في منزلها القديم في حجرة اتشحت بالسواد بفعل دخانه. فهو كما تقول «ذكرى من خير زمان عندما كانت البيوت عامرة بالقمح والدقيق والخير من كل نوع، وكان من العيب شراء الخبز الجاهز من خارج البيت».

 

تويتر