ثقافة فيجي تغزو أميركا

أنشطة استقطبت الآلاف في العاصمة الأميركية. د.ب.أ

من النادر بالنسبة لبلد صغير مثل فيجي أن يحتل مركز الصدارة في عاصمة آخر القوى العظمى المتبقية في العالم. وعلى الرغم من أن هذه الجزر الاستوائية الواقعة جنوب المحيط الهادئ لا تظهر عادة على شاشة الرادار، إلا أن الأنظار سلطت على فيجي، وذلك خلال المهرجان السنوي في واشنطن الذي يجمع ثقافات عدة ويسمى «مهرجان سميثسونيات فولكلايف». ويركز مهرجان هذا العام على الثقافة المكسيكية، إضافة إلى ثقافات الأميركيين المتحدرين من دول آسيا والمحيط الهادئ والثقافة الهايتية. وقد تناولت الصحف الأميركية الحدث تحت عناوين مختلفة، من أبرزها «ثقافة فيجي تغزو أميركا».

وحظيت المناسبة باهتمام إضافي، نظراً لأن الأيام الختامية للمهرجان تزامنت مع ذكرى الرابع من يوليو، الذي تحتفل فيه الولايات المتحدة الأميركية بعيد الاستقلال. ومنذ افتتاح المهرجان في 24 يونيو الماضي، تحدثت مهاجرتان من فيجي عن قصتي انتقالهما إلى أميركا والتاريخ والعادات الثرية لبلدهما.

وخلف مسرح «اسيان فيوجن»، حيث يرقص مواطنو هايتي في تنانير مصنوعة من العشب، تقع قاعة «تي هاوس»، حيث يعرض الطهاة أطباقا محلية الصنع، تتحدث لويز لومالوما وسالا سوكو إلى مجموعة من أبناء جلدتهما من سكان الجزر الواقعة في المحيط الهادئ إلى جانب الأميركيين عن قصص بشأن كيفية محافظتهما على جذورهما، لكنهما لاتزالان تتكيفان مع نمط الحياة الأميركية. وتتكون جمهورية فيجي، الواقعة شمال نيوزلندا وشرق استراليا، من أكثر من 300 جزيرة، ويبلغ عدد سكانها 850 ألف نسمة.

وقالت لومالوما «فيجي صغير جداً، تعرفين تقريباً كل شخص هناك»، وتعيش السيدتان الآن في إحدى أكبر المدن الأميركية التي تعج بسكان من أنحاء العالم، التي يبلغ عدد سكانها 600 ألف نسمة، وهو ما يبلغ حجم بلدهما تقريباً. وعلى الرغم من أن بلدهما مساحته صغيرة وعدد سكانه قليل، إلا أن التاريخ الغريب لفيجي أثار اهتمام الجمهور الصغير، الذي كان يضم أيضا سفير بلدهما.

وذكرت لومالوما أن الغرباء كانوا يطلقون على المنطقة اسم «منطقة آكلي لحوم البشر» منذ نحو 700 عام مضت. وخلال فترة الاستعمار، درس قادة من فيجي لفترات في جامعات بريطانية. وذكرت في إحدى قصصها أن بحارة بريطانيين كانوا يخافون أن يصبحوا وجبة طعام عندما نقلوا أحد قادة آكلي لحوم البشر إلى بلادهم للحصول على التعليم.

وقالت لومالوما «في الأيام الخوالي، كان الرؤساء يدمرون القرى المجاورة ويستولون على البضائع والناس ليأكلوهم. كانت هذه هي طريقة الرؤساء لإظهار القوة». وكان مواطنو فيجي يرتدون التنانير المصنوعة من العشب، بينما كانت تسير النساء عاريات الصدر، بيد أن هذه الثقافة القبلية انتهت فور تدفق البعثات التنصيرية والمستعمرين الإنجليز إلى تلك الجزر.

وقالت لومالوما متحدثة عن ثوبها الزهري الذي يصل حتى قدميها إن «المرأةالفيجية حقاً ترتدي ملابساً كهذه، لأنه لا يصح أن تظهر النساء المتزوجات أكعب أرجلهن». لكن مع مرور الوقت والتأثيرات الغربية، تحرر مواطنو فيجي في ما يتعلق بقواعد الثياب. وقالت سوكو «الآن في القرن الحادي والعشرين، نحن مطلعون أكثر على صيحات الأزياء. ما نرتديه هنا يمكن ارتداؤه هناك الآن».

ولايزال مواطنو فيجي يحافظون على ثقافتهم، حيث تعلم مراكز التراث المستقلة والحكومية والمدارس تاريخ البلاد واللغات والرقصات. وينقل كبار السن من القرويين هذه الثقافة إلى الأجيال الشابة. وقال سوكو «أحد أحلامنا كان القدوم إلى أميركا، لأن كل شخص في بلادنا يقول (أميركا هي أرض الفرص) وهناك كل ما تتمناه». وترتبط لومالوما وسوكو بسفارة بلديهما. وأحضرت سوكو حقيبة واحدة فقط وعائلتها إلى أميركا في عام .2001 وقالت إن العمل يعلمها المزيد عن ثقافتها الخاصة، لكن الحياة في الأرض الموعودة لم تكن مثل الحياة في الفردوس. وقالت سوكو «لقد كانت رحلة طويلة من بلادنا، لكنها كانت ممتعة».

 

تويتر