التكنولوجيا قلّلت اعتماد الناس على أنفسهم
الذاكرة.. وظيفة جديدة للهاتـف المحمول
الضغوط تمنع الاعتماد على الوظائف العقلية لتنشيط الذاكرة فيقل التركيز والملاحظة. فوتوز.كوم
تعد الذاكرة المحرك الأساسي لنشاطاتنا اليومية، إذ لابد أن تكون منتعشة ليتمكن المرء من القيام بكل المهام الواجبة عليه، وقد تكون مسعفة للإنسان وتساعده على تذكر كل ما عليه انجازه بدءاً من مهامه المهنية ووصولاً إلى الاجتماعية، في حين أن ضعفها قد يوقعه في التقصير أو يسبب له المشكلات.
|
أنواع الذاكرة عرّف مدير المركز الدولي للاستشارات النفسية والطبيب في الصحة النفسية، الدكتور محمد النحاس، الذاكرة بقوله «الذاكرة إحدى العمليات الإدراكية أو المعرفية المعقدة، ولها ثلاث مراحل، تبدأ الأولى بالملاحظة والانتباه، بينما تتمثل الثانية في التخزين، حيث تتحول الأشياء التي يلاحظها المرء إلى رموز ذهنية يطلق عليها اسم الذاكرة، أما المرحلة الثالثة فتتمثل في الاستحضار والاسترجاع، وهي مرحلة مرتبطة بالعملية الوجدانية، لافتاً إلى انه غالبا ما يربط المرء الأشياء بالحواس كأن نشعر باللون حين نتذكره أو نشم رائحة العشب حين نتذكر مشهده، أو نتذكر شخصاً حين نشم عطره، لأن الذاكرة تربط بين الرموز والحواس». وبين النحاس أن الذاكرة تقسم إلى ثلاثة أنواع «أولاً الذاكرة الوقتية، وهي التي تُستدعى بلحظتها ثم تتلاشى لاحقاً، وهي ذاكرة بعض طلاب المدارس للأسف، فبعد انتهاء الامتحانات ينسون كل ما درسوه، فيما النوع الثاني الذاكرة قصيرة المدى التي نعتمد عليها لانجاز أمر محدد كأن نحفظ عنوانا معينا إلى حين نقصده فقط، أما ثالث أنواع الذاكرة، فبحسب النحاس، هي الذاكرة الدائمة وهي البعيدة المدى، التي تكون فيها المعلومات راسخة، منوها بأن اعتماد البشر اليوم يتركز على الذاكرة الوقتية، فهم يحفظون المعلومات إلى حين يتمكنون من تسجيلها في الهواتف أو الحاسوب. ولفت إلى ان التركيز قل لأن الضغوط تمنع المرء من الاعتماد على الوظائف العقلية التي ذكرناها لتنشيط الذاكرة، منها الملاحظة، مشدداً على أن الذاكرة ضعفت بسبب عدم استخدام القدرات العقلية كالملاحظة والإدراك والتحليل، لأن الذاكرة تنشط بالاستخدام وتضعف بالإهمال. أما تقوية الذاكرة فتتم، وفقاً للنحاس، من خلال التكرار الذي يثبت الرموز فيتم استحضارها بقوة، ثم النوم الجيد وعدم الإرهاق، بالإضافة إلى تقنية الربط بين الموضوعات والكلمات وكذلك بين الأشياء والأشخاص من جهة والحواس من جهة أخرى، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة. وأكد النحاس ان الذاكرة لا تضعف مع التقدم في العمر، كما لا يكون ضعفها وراثياً كما يعتقد البعض، لأنها تضعف بسبب كثرة الاحباطات الوجدانية التي يحاول المرء محوها، مشيراً إلى ان محو المواقف الأليمة أو إسقاط ذكرى معينة وتخطيها يجعل الذاكرة تضعف لأنها عملية تجعلنا نخفف استخدام الذاكرة. |
وقد أسهمت ضغوط العصر الاجتماعية، وكذلك الوسائل التكنولوجية الحديثة في إضعاف ذاكرة الإنسان، فباتت منبهات الهواتف المحمولة أو الأوراق التي تلصق على الحاسوب هي أدوات الذاكرة التي استعاض بها كثيرون ليتمكنوا من انجاز مهامهم اليومية. وقد انقسمت الآراء التي استطلعتها «الإمارات اليوم»، بين أشخاص يعتمدون كليا على الذاكرة، وأشخاص يستخدمون المنبهات ليتذكروا أبسط المهام اليومية في حياتهم.
وقالت ريما منعم، سورية، «أتذكر الأشياء المهمة بالنسبة لي، فأنا أعمل في مهنة التصوير، ويومياً لدي الكثير من الأماكن التي يجب أن أقصدها، وغالبا ما أسجل الملاحظات تجنباً لنسيان قد تكون عواقبه سيئة».
واعتبرت ضغوط الحياة الكثيرة أهم الأسباب التي أضعفت الذاكرة لدى البشر، فنمط الحياة السريع الذي يغرقنا في مهام يومية شاقة لاشك أنه يؤثر في العقل، متبعة النصيحة التي تقول، «أرخص نوع حبر أفضل من أقوى ذاكرة». أما المناسبات العائلية فهي مهمة بالنسبة لمنعم، ولا تحتاج للتسجيل كي تتذكرها.
من جهته، أكد السوري ناصر شاهين، أن ذاكرته جيدة وقلما يستخدم المنبهات على الهاتف أو الحاسوب للقيام بمهماته التي يتابعها يومياً. ولفت إلى انه يعتمد على التكنولوجيا ليتذكر مواعيد مهمة جدا في عمله تلافيا لوقوع أي مشكلة، مشدداً على انه ليس لديه مشكلة في حفظ المعلومات التي يجب أن يتذكرها على الأجهزة، «فالتكنولوجيا وجدت كي تساعد ومن الأفضل ان يستغل الإنسان وقته في الانجاز وليس تذكر ما يجب عليه انجازه».
إرهاق
أما اللبنانية ديالا بلوط فأكدت أن ذاكرتها جيدة، ولا تحتاج للكثير من الجهد كي تتذكر الأمور العاجلة والطارئة سواء المهنية أو الاجتماعية، مشيرة إلى أنها تصحو من نومها أحياناً في الوقت ومن دون منبه. ولفتت بلوط إلى أن الإرهاق يؤثر في ذاكرتها وقد لمست هذا الشيء في عملها، إذ باتت تسهو عن بعض الأشياء. واعتبرت ان «ضغوط الحياة تجعل الكثير من الأمور في خانة غير المهم، وبالتالي يصبح تذكرها أمرا ثانويا ويحتاج إلى مساعدة الهاتف أو ورقة مدونات عليها ملاحظات».
بينما أكد المواطن علي قرن الكعبي، أن ذاكرته سيئة وهو يعتمد على تسجيل كل تفاصيل عمله على الهاتف المحمول، «منعاً لتضارب المواعيد الذي قد ينجم عن الذاكرة الضعيفة»، وأكد أن «تطور الوسائل التكنولوجية التي تنظم عمل المرء شجع على قلة استخدام الذاكرة، حتى بات الاعتماد على الأولى يطال المناسبات الاجتماعية والعائلية». ولفت إلى ان «الإنسان اتكالي بطبعه وبالتالي جميع الابتكارات التي تخفف عنه باتت أساسية في حياته». أما المواطنة أم سالم، فأكدت أن ذاكرتها جيدة ولا تعتمد على الهاتف إطلاقا لوضع الملاحظات، وأن استخدام تقنية تدوين الملاحظات سيجعلها تعتمد عليها، ولهذا لم تلجأ إليها يوماً. بينما أكدت اللبنانية سوزان خوري «لا يمكنني الاعتماد على ذاكرتي في شيء إطلاقاً، فبت عندما أضيف رقم أي شخص الى هاتفي أضع الى جانبه اسم الشركة التي ينتمي اليها، وإلا فلن أتذكره أبداً».
وأضافت «أعتمد كثيراً على وضع منبهات لأتذكر مواعيدي، وأحياناً أضع اسم الشخص الذي يجب أن أقابله، وأفاجأ حين يرن المنبه بالاسم، وأحياناً أجلس لدقائق أتذكر ما الذي يجب أن أفعله في هذا المكان أو مع هذا الشخص».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news