الحجامة.. تقنية علاجية ووقائية

يوسف المطلعي: الحجامة تنشط الجسم وتخفف الآلام.             تصوير: زافيير ويلسون

لا تكمن أهمية الحجامة في كونها مجرد علاج قديم يعمل على تخليص الإنسان من الدم الفاسد فحسب، بل إنها تكتسب أهمية تدفع البعض إلى تجربتها واللجوء إليها، كونها سُنة من سنن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتعمل الحجامة على تخليص المرء من كريات الدم الحمراء الهرمة؛ ما يعزز مناعة الشخص ضد الأمراض، وكذلك تزيل الكثير من الآلام، وفق مختصين في العلاج بالحجامة التي لها نوعان: علاجية ووقائية، ويتميز كل نوع منها بوجوب اختيار مواضع محددة من الكاسات على الجسم.

وبحسب المعالج بالحجامة يوسف المطلعي الذي يعمل في،مركز في الفجيرة فإن «أبرز ما تواجهه الحجامة في الإمارات هو وجود المراكز والمعالجين غير المرخصين من وزارة الصحة، التي يرتكب فيها العديد من الأخطاء التي تعرض حياة كثيرين للخطر»، مشيراً إلى وجود بعض المراكز غير المرخصة في الدولة، والكثير من مراكز الأعشاب ومحال الحلاقة، وكذلك الشقق التي يتم فيها عمل الحجامة، وهي غير مرخصة من وزارة الصحة، لافتاً إلى أن «هناك الكثير من الأخطاء التي ترتكب في هذه المراكز، وأبرزها الجروح التي يلتئم بعضها ويحتاج بعضها الآخر الى خياطة أو يترك ندوباً، أو أنهم يكثرون من مواضع الكاسات ويكون المرء غير قادر على تحملها»، مشدداً على وجوب إلمام المعالج بالإسعافات الأولية، وكذلك أن يكون في مركز مع أطباء للحالات الطارئة.

ضرر

يُجري المواطن عبدالله الريامي الحجامة مرة كل ستة أشهر على سبيل الوقاية، وقال «أحرص على التأكد من أن المركز الذي أذهب إليه مرخص من وزارة الصحة، لأن الحجامة علم، ويجب أن يكون الشخص مثقفاً وملماً بها، لاسيما أن هناك بعض المراكز غير المرخصة والمنتشرة في الدولة»، مطالباً بوجوب تشديد الرقابة على المراكز غير المصرح لها؛ كون الحجامة ليست مجرد تجارة، إذ من الممكن ان يتعرض كثيرون للأذى إذ أجريت من قبل غير مختصين.

وأكد المواطن ناصر عبيد أنه يقوم بالحجامة وقايةً من الأمراض، لافتاً إلى انه يلاحظ تحسناً كبيراً بعد إجراء الجلسات في نشاط جسمه ونومه، مضيفاً «على كل شخص ان يسأل عن المركز وكذا المعالج الذي سيجري الحجامة، لأني سمعت عن الكثير من المراكز غير المرخصة التي تسببت في العديد من الأخطاء للناس، وشخصياً أناشد المختصين بوجوب اتخاذ إجراءات مشددة لمنع تزايد المراكز غير المرخصة».

أما المواطن حمدان النقبي، فتعرض في مركز غير مرخص إلى ضرر جراء الحجامة التي كان بها أخطاء، وقال «أجريت الحجامة في احد المراكز ولم أكن أعرف أنه غير مرخص، ولاحظت أن الألم الذي تسبب لي به أثناء الشطب (الجرح السطحي لاستخراج الدم) كان كبيراً، ولكني لم أدقق وقتها، إلى أن استمر الألم بعد إجراء الحجامة لفترة»، مشيرا إلى أن تلك الحجامة تركت ندباً واضحاً في ظهره مازال يشعر به، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على إجرائها، لذا يدقق كثيراً قبل الذهاب إلى أي مركز في الوقت الحالي.

أيام العلاج 

قال الاختصاصي في معالجة الحجامة يوسف المطلعي، ان «هناك أياماً محددة أوصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام لإجراء الحجامة، إذ يفترض ألا تتم أثناء الأيام البيض، أي في 13 و14 و15 من الشهر القمري، إذ يكون عمل الكريات الحمراء الهرمة هائجاً بفعل تأثر الإنسان بجاذبية القمر». وأضاف ، لذا دائماً حين أعالج بالحجامة أحاول أن أتبع هذه التواريخ كي يستفيد المريض.

بداية

قال الأخصائي المعالج في الحجامة وهو ثاني مواطن مرخص له من وزارة الصحة، يوسف المطلعي عن سبب تعلمه إجراء الحجامة «أعيش في عائلة كانت تتعاطى المعالجة، فوالدي كان يعالج بالقرآن والرقية الشرعية، فيما والدتي كانت تحضر الأدوية بالأعشاب، وجدي كان يعالج بالكي»، مضيفاً «حبي للحجامة أتى بعد أن أجريتها مرة؛ كوني كنت أعاني من الشقيقة، وتعلمت الأسس الأولية من الذي أجرى لي الحجامة، وبعدها توجهت إلى المعهد العربي للطب النبوي وعلوم الإنسان في الشارقة. وانتقلت لاحقاً إلى مستشفى الجزيرة إذ تعلمت مع أخصائي الحجامة بطريقة علمية وصحيحة، وحالياً أنا ثاني مواطن مرخص له بالعلاج من قبل وزارة الصحة».

وذكر المطلعي أنه قبل البدء في إجراء الحجامة «أعمد إلى التأكد من صحة المريض، فأقيس له الضغط والوزن والحرارة تماماً كما في أي عيادة أخرى، ثم أبدأ المعالجة، التي يخضع اختيار أماكن وضع الكاسات، وكذلك عددها؛ لموضع الألم عند المريض»، مشيراً إلى أن الحجامة تفيد في علاج الكثير من الأمراض وأبرزها الشقيقة والأمراض الجلدية وتخفف آلام الظهر والمفاصل، وكذلك إصابات الملاعب، ولاسيما حين تكون الإصابة في منطقة الكاحل، بالإضافة إلى أنها تخفف من آلام الروماتيزم والرقبة والساقين وكذلك عرق النسا.

ولفت إلى أن الإنسان له خريطة للمواضع في جسمه، وأبرزها منطقة الكاهل وهي أعلى منطقة في الظهر بعد الفقرة السابعة من الفقرات العنقية، وتتمركز فيها كريات الدم الحمراء الهرمة أو الفاسدة، «ويجب البدء بهذا الموضع ثم يختار المعالج المواضع الأخرى التي تكون متصلة بمكان الألم، كما أن الرسول احتجم في الكاهل وخلف الأذن».

وحول التشابه بين مواضع الحجامة ومواضع الوخز بالإبر، قال المطلعي إن «الوخز بالإبر ينشط الأعصاب ومسارات الطاقة، فيما الحجامة تعمل أيضاً على تخليص الجسم من الدم الفاسد، وتكمن فائدتها في تسليك الشرايين، والأوردة الدقيقة والكبيرة، وتنشيط الدورة الدموية من خلال التخلص من كريات الدم الفاسدة، وزيادة كريات الدم البيضاء، ما يعزز جهاز المناعة فيصبح قادراً على مكافحة الأمراض الموجودة في الجسم».

وأشار إلى أن الكاسات لا توضع لأكثر من ثلاث دقائق حداً أقصى لتجميع كريات الدم، وبعدها تُزال ونقوم بجرح سطحي جداً، ثم توضع الكاسات مرة أخرى حتى تملأ بالدم الفاسد، وأحياناً تملأ من مرة واحدة وأحياناً نضطر إلى وضعها أكثر من مرة»، مشيراً إلى أنه في حال كان المرء يقوم بوضع الكاسات في سبعة مواضع يكفي وضعها لمرة واحدة، لافتاً الى أن معرفة الذي يجري الحجامة بأن العلاج قد انتهى يكون بظهور الطبقة الصفراوية الشفافة على سطح الجلد، وهي مادة البلازما، عندها يجب تعقيم الجرح باليود، ثم بمعقم خاص يشكل طبقة شفافة على الجرح لضمان عدم دخول الجراثيم لهذا الجرح، وكذلك عدم خروج الدم منه.

ونوه بأنه في المركز يتعاقد مع شركة تأخذ الدم الذي يتجمع لديه ويُحرق في محرقة خاصة حفاظاً على البيئة والسلامة العامة.

حالات

وميز المطلعي بين نوعين من الحجامة، الأولى الوقائية والثانية العلاجية، ورأى ان الوقائية يمكن ان يقوم بها المرء مرة كل ستة أشهر لغير المدخن، فيما يقوم بها المدخن كل ثلاثة أشهر، بينما العلاجية يمكن أن يقوم بها المرء تبعاً لحالته الصحية وحاجته، ولكن في أغلب الحالات تكون من جلستين لثلاث جلسات على أن تكون مدة الشهر فترة زمنية فاصلة بين الجلسة والأخرى. أما الحالات التي لا ينبغي لجوء أصحابها إلى الحجامة ـ بحسب المطلعي ـ فهي للأشخاص الذين يأخذون مسيلاً للدم، وكذلك المرأة الحامل في شهورها الأولى، ومريض غسيل الكلى الذي يعاني من فقر الدم.

وذكر أن بعض الأشخاص قد يشعرون براحة كبيرة بعد الجلسة الأولى، ولاسيما مرضى الشقيقة الذين يتخلصون من 70٪ من الألم، فيما آلام الظهر تزول تماماً من أول جلسة، ومن النصائح التي يجب أن تراعى بعد إجراء الحجامة، عدم الإجهاد، وعدم لعب الرياضة. وهناك اختلاف في التعامل مع الحالات بحسب عمر المريض «فلا يمكن التعامل مع الرجل المسن بالطريقة نفسها مع الشاب، فيكفي الأول أن تتم الحجامة على ثلاثة مواضع من جسمه، منوهاً بأنه لا يجب البدء بالحجامة الوقائية قبل سن الـ،18 فيما العلاجية يمكن اللجوء إليها في أي عمر».

تويتر