حوادث الأطفال المنزلية.. خطورة في غفلة الأهل

الحوادث البسيطة لا تستدعي المعالجة في المستشفى. تصوير: زافيير ويلسون

محاليل البطاريات

قال الاختصاصي في الجراحة العامة وطبيب الطوارئ، الدكتور محمد الياسري، إن «ابتلاع الطفل للبطاريات يعد من أخطر الأمور التي يجب عدم التهاون بها، كونها تحتوي على محاليل كيماوية، وبالتالي، فعصارة المعدة تحلل الغطاء الخارجي للبطارية، والحوامض التي تكون داخل البطارية ستنتقل إلى المعدة، ما قد يتسبب في حدوث ثقب في المعدة، ما يتطلب التدخل الجراحي الفوري، لذا، يجب عدم تهاون الأهل معها على الإطلاق». ونصح الياسري الأهل بمهام بسيطة التي لا تتعدى الإجراءات الأولية التي يجب اتخاذها قبل الوصول إلى المستشفى، وبوجوب توافر بعض المعدات في المنزل، ومنها:

  • لفافات وأربطة وشاش معقم، بالإضافة إلى لصقات الجروح.
  • وجود خافضات الحرارة في المنزل.
  • الكريمات الخارجية المرطبة للحماية من بعض قرصات البعوض أو الحشرات.
  • بيتادين لتعقيم الجروح.
  • مقياس حرارة ومقياس وزن.

يعد المنزل المكان الأكثر أماناً للطفل، والمسكن المحاط بالدفء والحنان من جهة، والرعاية والاهتمام من جهة ثانية، ولكنه، في غفلة بسيطة من الأهل، قد يتحول إلى ساحة للحوادث المنزلية التي تعرّض الأطفال للخطر. وكلما قل عمر الأطفال كانوا أكثر عرضة للحوادث المنزلية، كونهم لا يعون معنى الخطورة، فقد يعبثون بأغراض الزينة الخاصة بالأم مثلاً، أو المنظفات التي تحتوي مواد كيماوية، وقد يبتلعون نقودا معدنية، وغير ذلك من الأمور. أما الخطوة التي يجب على الأهل اتخاذها بسرعة في حال تعرض أطفالهم لتلك الحوادث، فهي أخذهم إلى قسم الطوارئ لإخضاع الطفل للتدابير التي تتناسب مع وضعه الصحي، والتي قد تصل أحياناً إلى العمل الجراحي.

وذكر المواطن هشام الزرعوني (لديه ثلاث بنات) أن ابنته تعرضت لحادث منزلي، إذ اصطدم رأسها بالحديد، فأخذها إلى المستشفى، وقال «لكني في المقابل أحاول أن أعالج الأمور البسيطة في المنزل، كما أني أحرص على كيفية شراء أغراض منزلي لتكون آمنة، فأختار الأثاث من دون زوايا حادة أو مدببة، أو أضع القطع البلاستيكية على الزوايا لحماية الأطفال».

وقالت اللبنانية سهير نعمة (أم لطفلة) إن ابنتها لم تتعرض لحوادث منزلية، فهي مازالت صغيرة، باستثناء أنها حملت مرة السكين، وكانت المرة الأولى التي تضعه على طاولة غير مرتفعة. وتعتقد نعمة أن انتباه الأهل الزائد يجنب الأطفال هذه الحوادث.

عناية

وقال المصري محمد أمين (أب لثلاثة أولاد)، «لم يتعرض أولادي لحوادث خطرة، بل فقط كانت حوادث وقوع بسيطة، وكنت آخذهم إلى المستشفى فقط في حال ملاحظتي أموراً غير طبيعية أو حتى في حال تقيؤ الطفل». مضيفاً أن «متابعة الأهل للأطفال تجنبهم هذه الحوادث، فزوجتي ربة منزل وتهتم كثيراً بالأطفال، فلا تتغاضى عنهم ولو لثوانٍ».

وروى اللبناني ربيع منصور ما حدث مع ابنته قائلاً «شربت ابنتي خطأ الكلور، إذ كان التيار الكهربائي منقطعاً بسبب الحرب اللبنانية، وأخذتها فوراً إلى المستشفى وخضعت لغسيل معدة، وأعطاها المسعفون علاجاً لمدة ستة أشهر، لإعادة تكوين وبر المعدة».

وتعرض طفل اللبنانية ملاك رمال إلى حرق بسبب عبثه بالمكواة، وأوضحت كيفية وقوع الحادثة «كان يعبث بالمكواة وهي باردة، وكنت دائماً أنبهه إلى أنها تحرق، ولكنه لم يقتنع إلا حين عبث بها وهي ساخنة، واصطحبته إلى المستشفى على الفور، وأُجري له العلاج اللازم، بعد أن أخرجوا المياه من داخل الحرق وعقموه، ولكني أعتقد أن هذه الحوادث لا تحتاج لأكثر من ثانية، فمجرد أن تغفل عن الطفل ثانية واحدة، يكون قد أمسك بآلات حادة أو حارة، وعرّض نفسه للخطر».

حروق

وأفاد الاختصاصي في طب الأطفال في قسم الطوارئ في مستشفى «لايف لاين» في أبوظبي، الدكتور سعد عزيز، بأنه عادة لا يتم التعاطي مع الحوادث المنزلية الطارئة في أبوظبي في المستشفيات الخاصة، بل إنها غالباً ما تؤخذ إلى مستشفى خليفة، كون المواد التي تستخدم لامتصاص المواد الكيماوية التي قد يتناولها الطفل تتوافر في المستشفيات الحكومية بشكل أساسي، كما أن بعض هذه الحوادث من الحالات التي تدخل فيها الشرطة.

وقال لـ«الإمارات اليوم» «وقوع الطفل يعتبر من الأمور الخطرة، خصوصاً إن كانت الضربة على الرأس، وغالباً ما نلجأ إلى إخضاع الطفل لصورة أشعة، ونبقيه في المستشفى 24 ساعة تحت المراقبة، وقد تتعرض أعضاء الجسم لكسور، لذا، ننصح بإحضار الطفل إلى قسم الطوارئ، لأن الأهل لن يتمكنوا من تشخيص الحالة بأنفسهم»، لافتاً إلى أن الأعراض قد تبدأ بالظهور أحياناً بعد ثلاث ساعات من وقوع الطفل، في حين أن التورم تمكن معالجته فوراً في المنزل بوضع الثلج عليه، للتخفيف من حجمه، لأنه في الأساس تجمع دموي تحت الجلد، وبالتالي، يمكن أن يكون من علامات وجود كسر أو تمزق الأنسجة الدموية أو العضلات مع الضربات الشديدة.

واعتبر الاختصاصي في طب الأطفال أن فقدان الصغير للوعي، أو التقيؤ بعد الوقوع، يدفع المختصين إلى إبقاء الطفل تحت المراقبة وإجراء أشعة، للتأكد من عدم وجود أي نزف داخل الدماغ. وأوضح أن أسباب الحروق مختلفة، فمنها التي تكون بالماء أو بالمدفأة أو المكواة، وهناك ثلاث درجات للحروق، الأولى لا تسبب سوى احمرار بسيط وتمكن معالجتها في المنزل بواسطة الكريمات المرطبة، فيما الحروق من الدرجة الثانية قد تسبب فقاعات، والحروق من الدرجة الثالثة خطرة، ويجب أن تعالج في المستشفى. مشيرا إلى أن الحروق من الدرجة الثانية قد لا تستدعي الذهاب إلى المستشفى في حال كانت مساحة الحرق صغيرة، بينما الحروق من الدرجة الثالثة تتطلب المعالجة، لأنها تؤثر في الأنسجة الجلدية، وقد تتعرض للالتهابات.

مواد كيميائية

ولا تقف خطورة الحوادث المنزلية عند وقوع الطفل، فقد يلجأ الأطفال إلى ابتلاع قطع معدنية أو ألعاب صغيرة تعتبر خطرة. ولذلك، نصح الاختصاصي في الجراحة العامة وطبيب الطوارئ في مستشفى جبل علي، الدكتور محمد الياسري، في حال ابتلاع الطفل لأي جسم غريب، بمنع حركة الطفل وحثه على الكح، لأنها وسيلة حماية للجسم، ويجب الذهاب به إلى المستشفى لاستخراج الجسم المبتلع. وقال «نضطر أحياناً إلى تحويل الطفل إلى الطبيب الاختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة بعد تخدير الطفل، في حال لم يكن متعاوناً، أما الأجسام التي تأخذ طريقها إلى المعدة، فنتركها لتخرج مع فضلات الجسم».

ولفت الياسري إلى أن ابتلاع الطفل مواد كيماوية يعتبر من الأمور الخطرة جداً، كونه قد يؤدي إلى استنشاق الرئة هذه المواد، وتتسبب في التهابات في الرئة، لذا عادة يتم إخضاع الطفل لغسيل معدة ولعلاج لامتصاص السوائل الكيميائية.

والإجراء الذي يجب أن يتخذه الأهل في المنزل هو غسل فم الطفل بالماء الجاري ونقله فوراً إلى المستشفى. وتتم عملية غسل المعدة ـ بحسب الياسري ـ من خلال أنبوب يتم إدخاله عن طريق الأنف، ثم يتم إدخال محلول ملحي بكمية تُحدد وفقاً لعمر ووزن الطفل، وتسحب كميات من محلول المعدة التي تقارن مع الكميات التي ضخت ثم تدرس للتأكد من خلوها من النزف والدم. وأضاف «بعد كل هذه الإجراءات، يتم ضخ فحم طبي في المعدة، له قابلية لامتصاص المواد الكيميائية، ثم يراقب تفاعل الجسم مع هذه المواد، أي إن حدثت اضطرابات في دقات القلب أو التنفس لمعالجتها». أما في حال التأكد من وصول الجسم الغريب إلى المعدة، فيطلب الأطباء مراقبة فضلات الجسم للتأكد من خروجه من المعدة، لأن بقاءه يتطلب إجراء عملية جراحية.

وفي حال عدم تأكد الأهل من ابتلاع الطفل، أو شربه مواد مضرة، فعندها يجب إجراء الصور، كما نصح الياسري الذي قال «إجراء غسيل معدة في مثل هذه الحالة لا يضر على الإطلاق»، لافتاً إلى أخطاء شائعة كثيرة يقع بها الأهل في تعاملهم مع الحوادث، منها «إعطاء الطفل الحليب البارد عندما يشرب السوائل الكيميائية، أو وضع البندورة أو معجون تنظيف الأسنان على الحروق التي يفترض أن توضع تحت الماء الجاري لفترة طويلة لمنع انحباس الحرارة في الحرق، بالإضافة إلى أنه يجب عدم تحريك الطفل الذي يقع قدر الإمكان لضـمان عـدم زيادة الإصابة في حال كانت هنـاك كـسور».

تويتر