مصـممـات: روح التراث في «العباية» أهم من مــسايرة الموضة

العباية الإماراتية حافظت على معايير الوقار والحشمة. من المصدر

استطاعت العباية التي كانت، ومازالت، تمثل اللباس التقليدي في الإمارات والخليج عموماً، دخول عالم الموضة من بابها الواسع، عبر الابتكار في تصاميمها، ومسايرتها «الواعية» لتغيرات كثيرة، من حيث القصات أو الألوان التي أضيفت على الأسود، أو كذلك من حيث التطريز المستخدم. ولم تعد العباية مجرد زي أسود، يمنع المرأة من مواكبة العصر، بل على العكس ، حيث صارت العباية تساير آخر ابتكارات وصيحات الموضة. وتمكنت مصممات العباية في الإمارات من تطويع هذا الزي التراثي لمجاراة العصر، مع عدم إغفالهن أهمية المحافظة على الاحتشام والموروث الملتزم الذي يحمله الثوب، حسب مصممات أزياء وعبايات التقتهن «الإمارات اليوم».

 إيحاءات شتوية

يبدو أن غالبية المصممات يبتعدن في فصل الشتاء عن الكريستال في تطريز العبايات، فتكون الورود من الصوف، أو الدانتيل أو حتى الريش، الاكثر استخداماً، كي تتمتع العباية بالمظهر الشتوي بالتناسب مع مواسم الموضة العالمية.

 


وتجلت محاولة المصممة أمل مراد في تقديم العباية بأفكار مختلفة، من خلال العبايات التي تتمتع بمقاييس الجمال، والمدموجة بآخر الصيحات العالمية، مع المحافظة على هدفها الذي لبست من أجله، كونها عباية ترمز إلى الهوية. وقالت مراد لـ «الإمارات اليوم» «الابتكار في الزي التراثي يحب أن يدرس بحذر وذكاء قبل البدء في تنفيذه، لأنه لا بد من مراعاة توافق الزي مع العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، إذ من المهم المحافظة على روح التراث فيه».

وأضافت «الابتكار في العباية من الأمور الممتعة بالنسبة لي، لأنه عند تصميمي لكل قطعه أكون في تحد مع نفسي، إلى أن أصل إلى الشكل النهائي الذي رسمته في مخيلتي للتصميم». وعن الأقمشة التي تستخدمها، أفادت بأنها لا تتعامل مع قماش بعينه في كل تصاميمي، ولكنها تختار منه ما يكون مطواعاً مع التصميم، لأن استخدام القماش المناسب يساعد على إبراز الفكرة المطروحة، بالإضافة إلى وجوب مراعاة المواسم. وأوضحت أن الجرسيه يعد من الأقمشة المطواعة جداً والانسيابية التي تضفي جمالاً خاصاً للتصميم، وبالذات لعبايات المناسبات .

بصمة خاصة

وتمنت أمل مراد أن تتمكن من ترك بصمة خاصة في عالم الموضة، لاسيما أنها ترى نفسها طالبة مجتهدة في مدرسة الحياة، وتتعلم من كل شيء حولها، كما أنها تتابع الموضة العالمية وتطوراتها، مشيرة إلى أن التطور الحاصل لا يطال مناحي محددة في عالم الأزياء، لأنه طال العباية أيضاً «فهو تطور ملموس وواضح في الإمارات، إذا ما قورن بدول الجوار، من حيث القصات، حيث إنها كانت الأكثر جرأة في الطرح».

وقالت «كشفت الساحة عن مواهب شابة واعدة، من الممكن القول إن لها مستقبلاً في عالم التصميم، ونصيحتي لها تذكر الهدف الأساسي الذي لُبست العباية من أجله، أي أن تبقى متناسبة مع الموروثين الديني والثقافي».

وتركز تصاميم مريم الشيباني على الجديد الذي أدخل على العبايات، فكانت من أوائل الذين بدأوا بإدخال القصات الجديدة على تصاميم العباية، وكذلك بدأت تستخدم أقمشة متنوعة لتغني هذا الثوب، معتبرة أن عملها على العباية يتم بالحرص على أن تكون غنية بالتفاصيل التي تميزها، لذا، لا تستغني عن التطريز أو الدانتيل أو كريستال الشواروفسكي، بالإضافة إلى الشغل اليدوي، حيث هناك تطريزات كثيرة تنفذ يدوياً.

وذكرت الشيباني أن العباية جزء من التراث الاماراتي، لذا، فالابتكار فيها يجب أن يكون ضمن حدود المحافظة على شرعيتها، ومناسبتها لدول الخليج، فلا يمكن التغيير في طولها على سبيل المثال. واعتبرت أن دور مصممات الأزياء يتجلى في نقل الثقافة، وبالتالي، فالمصممات في الإمارات والخليج نجحن في نقل ثقافة العباية إلى العالم، حيث باتت تقام عروض العباية في الخارج، بالإضافة إلى دخول مصممين أجانب مجال تصميم العباية.

وتقسم عباية موسم الشتاء عند الشيباني إلى ثلاث فئات، البسيطة التي تناسب العمل اليومي، وعبايات الزيارات المتميزة بتطريزها وألوانها الكثيرة، كما أدخل عليها الجلد ونقوش جلد النمر لإعطاء إيحاء شتوي للعباية. في حين أن عباية الأعراس بارزة جدا عند الشيباني في هذا الموسم، وهي مكملة لفستان السهرة الذي ترتديه المرأة.

ألوان وإكسسوارات

وقالت المصممة زهرة كرمستجي إن «العباية يجب أن تحافظ على شكلها التقليدي، أي يجب أن تكون واسعة، ولتشجيع الجيل الجديد على ارتداء العباية، كان لا بد من إدخال تعديلات عليها، كي تصبح أكثر مجاراة للموضة والعصر، لاسيما أن الجيل الجديد متعلق بالعصر وصيحات الموضة». وعلى الرغم من أن كرمستجي تعتمد الألوان والإكسسوارات في تصاميمها، إلا أنها تؤمن بوجوب الحفاظ على شكل العباية التقليدي، «أي ألا نغير تصميمها لتصبح شبيهة بالفستان، فهذا لا يمكن أن أتقبله، أو حتى أقوم به». وذكرت أن «لكل مناسبة عبايات خاصة، ولكل مصممة بصمتها الخاصة في العبايات، ولكني أحب أن أقدم أفكاراً مختلفة وغير مطروحة». ولفتت إلى أهمية المحافظة على العباية زياً تراثياً وإسلامياً، لذا، «يجب أن نعمل بجهد على الحفاظ على طابعها العربي، مع إضافة أشياء جديدة، كي يحب الجيل القادم العباية، لأن الجيل القديم متعلق بها ولا يمكنه الاستغناء عنها». ونوهت إلى أن إدخال صيحات الموضة على العباية شجع الصغيرات على ارتدائها وطلبها.

وعن الأشياء الجديدة التي أدخلتها على عباية خريف وشتاء ،2010 قالت «فيها إيحاء من الشتاء، فلا يمكن الإكثار من الخامات الشتوية، أو الإكسسوارات، لأن فصل الشتاء في الإمارات لا يتميز بالبرد الشديد، وحاولت أن أزين العبايات بالورود المنسوجة من الصوف، إضافة إلى أني أضفت المخمل ومزجته مع الحرير، لتكون العباية مختلفة في الشتاء، كما ابتكرت تصميماً يساعد المرأة على رفع العباية بحبال، في حال كانت الطريق مملوءة بمياه الأمطار».

بساطة

أما المصممة الباكستانية الأصل، شبانا آصف، فإن شغفها باللبس العربي هو الذي دفعها إلى دخول عالم العبايات، حيث حرصت منذ دخلت هذا العالم على استخدام الأقمشة الفخمة، كالجورسيه والتول والشيفون. وقالت «قدمت تصميمات معقدة وغير تقليدية عدة، كوني مسلمة، فأهتم بحشمة العبايات بالدرجة الأولى».

وتنوع آصف في أقمشتها، حيث أدخلت على العباية أقمشة الجورسيه، والحرير، وتؤمن بالبساطة في التصميم، مع اللجوء إلى التعقيد في الوقت المناسب، لأن العباية اليومية يجب أن تكون بسيطة، فيما يجب أن تكون عباية السفر مريحة جداً. وتوضح أنها تنظر إلى المرأة، قبل أن تبدأ بتصميم العباية، لأن من الضروري أن تلائم العباية شخصية المرأة، وما يناسبها بالدرجة الاولى. واعتبرت المصممة الإماراتية هيفاء آل نورجي أن الجودة تكمن في دمج القديم الأصيل بالحاضر المعاصر، مع الحفاظ على وقار العباية. وأشارت إلى أن متطلبات العصر الراهن أدت إلى إضافة بصمات متنوعة على العباية الخليجية، لتصبح متعددة الاستخدام، كالعباية التي قدمتها من قطعة واحدة من الجانبين الداخلي والخارجي، حيث يمكن أن تقلبها المرأة، فتصبح عباية جديدة .

وتتميز عباية شتاء 2010 عند آل نورجي بتصاميم، تمزج المرح والشقاوة بالأناقة والعملية، وتغلب عليها الألوان الطبيعية، كالذهبي والوردي والعاجي والبيج، كما أنها تشكيلة متأثرة بأميرات طروادة، لاسيما من خلال التطريزات الذهبية أو الجلود وقطع قصيرة قليلا من الأمام، بالإضافة إلى تصاميم مزودة بتنورة أو سروال.

 

تويتر