انحناء العمود الفقري.. العلاج الطبيعي وصفة الشفاء

أبرز أنواع انحناء العمود الفقري يصيب أطفالاً قبل بلوغ السابعة.                  أرشيفية

ازدادت في الآونة الأخيرة نسبة الإصابة بمرض الانحناء الجانبي للعمود الفقري، بأنواعه المختلفة، وأبرزها الذي يصيب الصغار من دون أسباب واضحة تحدد سبب الإصابة حسب متخصصين أشاروا إلى أن المرض يمكن التعايش معه في حال كانت درجات الانحناء خفيفة، مضيفين أنهم قد يلجأون إلى الجراحة حين يكتشفون ان الانحناء قد وصل إلى أكثر من 45 درجة. مؤكدين أن المرض لا يعد خطيراً، ولكنه يتطلب نمط حياة مختلفاً يتمرن عليه المريض من خلال العلاج الطبيعي الذي يمكن المريض من التحكم في جسمه وتقوية عضلات ظهره، ويعد أهم وصفات الشفاء شريطة المحافظة على مراحله.

وعرّف رئيس قسم جراحة الأعصاب والعمود الفقري في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري، الدكتور عبدالكريم مسدي، المرض بأنه «عبارة عن انحناء جانبي للعمود الفقري والذي يترافق بدوران في الفقرات الظهرية، في حال إصابتها، لأن الالتواء يمكن ان يصيب الفقرات القطنية»، مشيراً إلى ان هناك نتائج تترتب على دوران الفقرات «إذ يأتي هذا الدوران بالأضلاع الصدرية المتصلة بالفقرات بشكل يجعلها تبرز الصدر من الخلف، وبالتالي يحدث تشوهاً في جدار الصدر».

وأفاد بأن تطور المرض بطيء بصورة عامة، مع وجود حالات يتطور فيها بسرعة، لافتاً إلى أنه غير مؤلم إلا بنسب قليلة قد تصل إلى نحو 30٪ من المرضى.

أنواع الانحناء

وأوضح مسدي ان هناك أنواعاً متعددة من الانحناء الجانبي «وأكثر نوع معروف هو الذي يصيب الأطفال قبل بلوغ السابعة، ولكن اغلب الإصابات بالمرض إجمالاً تكون في سن يراوح بين 11 و13 سنة لدى الفتيات، وبين 13 و15 سنة لدى الصبيان»، وتابع «قد تؤدي الإصابة بالمرض قبل فترة البلوغ عند الفتيات إلى تطور المرض بسرعة».

أما النوع الثاني من الانحناء فهو حسب مسدي «ينجم عن بعض الأمراض العصبية والعضلية، بالإضافة إلى نوع آخر يظهر لدى الأطفال المولودين مع وجود كيس في الظهر، فيما الانحناء الذي يصيب الكبار له أسباب مختلفة منها الجفاف في الغضاريف او هشاشة العظام أو الوضعية التي غالباً ما يجلس بها الإنسان».

وعن الربط بين أسباب انتشار المرض وأسلوب الحياة الذي يعيشه الطفل، أكد مسدي «ان الانحناء غالباً ما يصيب الصغار، كما انه لم يثبت ان تأثير بعض العوامل كأسلوب اللعب الحديث المتجه للكمبيوتر، وكذلك وزن الحقيبة المدرسية الثقيل أو حتى الجلوس طويلاً على مقاعد الدراسة لها اثر في الإصابة بالمرض»، مشدداً على ضرورة انتباه الأهل إلى علامات ظهور المرض لدى الطفل من خلال الأكتاف التي يجب ان تكون متساوية الارتفاع، وكذلك من خلال مظهر سلسلة الظهر والتي يجب ان تكون مستقيمة من دون وجود أي التواء فيها.

وقال عن الكشف الذي يؤكد المرض «هناك اختبار نجريه عادة على المرضى، إذ نحاول ترك الطفل الانحناء بزاوية 90 درجة، ونطلب منه ان يلمس أصابع قدميه، ويظهر هذا الفحص انحناء العمود الفقري وبروز الصدر، وفي حال الاشتباه بوجود المرض نجري الأشعة للتأكد».

علاجات وجراحة

وذكر مسدي أن العلاجات التي يتطلبها المرض تختلف حسب نوع الإصابة ودرجة الانحناء، «فالانحناء الذي يراوح بين الـ10 والـ20 درجة لا يحتاج إلى علاج بل فقط للمراقبة والرياضة لتقوية العضلات، اما الذي يكون بين الـ20 والـ30 فيفضل ان يوضع للمصابين به مشد يمنع تطور المرض. في حين ان اكتشاف المرض في طور متقدم جداً حيث يكون الانحناء فوق الـ40 درجة او التقدم سريع، يساعدهم المشد ولكن قد نطلب الجراحة للمريض».

وأكد انه «بعد البلوغ يتوقف تطور المرض بشكل عام إلا في بعض الحالات التي يكون فيها التقوس واسعاً، أما الانحناء الشديد الذي يصل إلى 30 درجة، فلا يتطلب الجراحة، ولكن من آثاره انه يؤدي الى تشوه المنظر، وقد يؤثر في التنفس، لأنه يحد من الطاقة التنفسية للرئتين، وقد يصاب بعض المرضى بألم في الجزء السفلي من الظهر».

واضاف ان الجراحة «تعمل على تصحيح دوران الفقرات، وترد العمود الفقري الى مكانه، وكذلك نصحح الانحناء وقد نستخدم بعض البراغي لتثبيت العمود الفقري، اذ يمكن ان تتم الجراحة عن طريق الصدر».

ونصح المرضى بالمحافظة على تقوية العضلات بوضعيات سليمة، لأنه لا يمكن تجنب المرض، ولكن إيقافه يكون من خلال المشد ليس أكثر، منبهاً إلى أن المرض يتوقف عند البلوغ، كما ان اللجوء إلى الجراحة لا يكون إلا مع نسبة قليلة من المرضى.

تأهيل

وقالت مديرة قسم التأهيل العصبي والعلاج الطبيعي في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري، فاريبا فتاحي، إن «الحديث عن مرض الانحناء الجانبي يعني ان هناك مرضاً له أنواع كثيرة، وبالتالي فإن العلاج الطبيعي يتبع حالة الانحناء، وموقعه، لأننا نعمل على تقوية بعض العضلات ونخفف الضغط عن عضلات أخرى كي نخفف الألم»، مشيرة إلى أن هناك نوعين من التمارين في العلاج الطبيعي، تمارين عامة تعطى لمختلف حالات المرضى وتمارين خاصة تطبق تبعاً لنوع الانحناء.

وأضافت ان «المهمة الأساسية للعلاج الطبيعي تكمن في تخفيف الألم عند المريض، لذا من المهم ان نبدأ في عمر صغير أي عندما يكتشف المرض كي يفهم المرء كيف عليه ان يتعايش معه».

اما بالنسبة للقدرة على توقيف المرض مع العلاج الطبيعي، فأكدت فتاحي ان «العلاج المبكر هو الذي يخفف من تطور المرض بشكل سريع، لأن ارتداء المشد لا يكفي»، مضيفة «بعد الجراحة لا نعمل على العلاج الطبيعي، لأن مهمتنا ليس فقط تخفيف الألم بل أيضاً إيجاد نمط حياة مختلف للمريض».

ونوهت إلى ان أسلوب الحياة يختلف من بلد لآخر، كما أن طريقة لعب الأطفال من الأمور المساعدة على انتشار المرض في الشرق، ويجب تدريب الأطفال على أسلوب حياة يخفف من انتشار هذه الأمراض عموماً.

ونوهت بضرورة الاستمرار بالقيام بالحركات التي يتعلمها المصاب في المنزل لأن المرض يحتاج الى فترة طويلة كي يشعر المرء بالتحسن، وبالتالي الاستمرار في القيام بالحركات يساعد المرء كثيراً على التعافي.

نقص في الوعي

قالت مديرة قسم التأهيل العصبي والعلاج الطبيعي في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري، فاريبا فتاحي إن «هناك الكثير من الحالات التي تأتي إلى المستشفى بعد ان تصل الى مرحلة متقدمة في الاصابة، والسبب يعود إلى ان التوعية غير موجودة على نحو كافٍ، إضافة إلى ان هناك مشكلة في التحدث عن الجسم»، مطالبة بضرورة نشر الوعي بين الأهالي، وتثقيف الأطفال بهذا المرض.


تويتر