الجسد يصاب أيضاً بالصداع

الجسد يشكو أحياناً من أعراض عضوية يكون سببها القلق والأزمات. فوتوز. كوم

لا شك أن الأزمة المالية العالمية التي أثرت في مختلف دول العالم، ساهمت في بروز القلق والتوتر عند الكثيرين الذين باتوا يعيشون الخوف من خسارة الوظيفة، والمشكلات التي تعقبها، لاسيما من لديهم التزامات مادية مع البنوك او أقساط للمدارس، فباتت هذه الامور تشكل هاجساً يرهقهم ويعيق سير حياتهم على النحو الطبيعي. والواقع ان التوتر بدأ يصيب العاملين والذين ما زالوا يذهبون إلى وظيفتهم يومياً، اذ يترقب البعض الأمور السيئة يومياً، الأمر الذي يؤدي الى بروز الكثير من الأعراض كالإجهاد او التعب او حتى الأرق والصداع. علماء النفس والاجتماع وكذلك اختصاصية التغذية ندى الأديب تحدثوا لـ«الإمارات اليوم» عن نصائحهم للتخلص من هذه الأعراض، وكيفية مواجهة التوتر والقلق، ومحاولة الاسترخاء في هكذا ظروف.

رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الشارقة، الدكتور أحمد العموش، قدم العديد من النصائح والتي وضع في مقدمتها ممارسة الرياضة، اذ نصح العموش، «بوجوب ممارسة الرياضة لمدة ساعة يومياً ولاسيما رياضة المشي كونها تساعد على ازالة التوتر»، ولفت العموش إلى وجوب اعتماد تقنية التفريغ، «أي ان يتحدث الإنسان عما بداخله، وكذلك يناقش مشكلاته وضغوطه النفسية مع الأصدقاء المقربين لما لذلك من فائدة مباشرة تعود على الشخص». اما النوم باكراً فهو من الأمور التي تعطي المرء الصحة النفسية، وتابع بالقول، «من المهم ان يقلل المرء من ديونه في هذه الفترة، ولا يلجأ إلى القروض إلا في الحالات الملحة».

رؤية اجتماعية

أما الحياة الاجتماعية فبالطبع يجب ان يطالها التغيير، اذ يجب ان تتناسب مع الوضع الاقتصادي، وهنا قال العموش، «لابد من الابتعاد عن البذخ والإسراف، والمحافظة على الأشياء التي نستخدمها كي تخدم مدة أطول». ومن هذه الأشياء التي يجب ألا يفكر المرء في تغييرها كما افاد العموش، «الأثاث، والسيارة والأغراض الشخصية كالأحذية والملابس والحقائب».

وأشار العموش الى وجوب وضع ميزانية للحياة الاجتماعية، أي «ان يحدد الانسان مصروفه على العزائم، وكذلك يقلل من الاعتماد على الخدم في المنزل، بل ان يخدم المرء نفسه». بالإضافة الى هذا، نصح العموش، «بضرورة التقليل من استهلاك الطاقة، وكذلك عدم الانجرار وراء العروض الترويجية، بالاضافة الى وجوب التقليل من استخدام الهاتف النقال والاستعاضة عن الاتصالات الدولية بالانترنت او حتى الرسائل الهاتفية». ومن الضروري بالنسبة للعموش، «وضع برنامج ترفيهي يومي مع الأطفال وإجراء تحويل في الجو الأسري، «فهذه وسيلة لتسلية الأطفال، وكذلك التخفيف من النشاطات الاجتماعية خارج المنزل، وتبعده عن القلق». وفي الختام نصح العموش، بالانضمام إلى النوادي الثقافية والاجتماعية والتي تكون مجانية، فهذه الندوات التي تقدم من شأنها ان تشغل المرء وتنسيه القلق والتوتر.

اضطراب وصدمة

من جهته رأى الاخصائي في علم النفس، الدكتور محمد النحاس، «ان تأثير الازمة المالية، لا يظهر الا بعد ان يدرك الإنسان مستوى الأزمة وفقاً لتأثيرها في حياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية». ولفت النحاس إلى، «ان الجانب الاقتصادي يؤثر مباشرة في الجانب النفسي، ما يؤدي إلى ظهور اضطراب ما بعد الصدمة، وبالتالي تظهر الاضطرابات النفسية على شكل ضغوط تؤثر في الإنسان».

وبين النحاس عدداً من الأعراض التي يمكن ان تنتج كرد فعل نتيجة الصدمة، وقال، «من الممكن ان يصاب المرء بالقلق والخوف وبالتالي ان هاجس احتياج الأسرة سيؤدي إلى القلق والتوتر، وهذا قد يؤدي بالبعض الى عدم التركيز في العمل وبالتالي سيكون عاجزاً عن تطوير نفسه فتتفاقم المشكلات». وأشار النحاس إلى «ان بعض مؤشرات القلق تظهر على شكل أعراض جسدية كصداع ودوران». لذا نصح النحاس، «بوجوب مواجهة المشكلات، لان ذلك من شأنه ان يؤدي الى التوازن بين إدراك الفرد للواقع الذي يعيشه، وبين قدرته على التصدي للواقع». وبالنسبة للنحاس، يجب ان يرى الإنسان في هذه الأزمة امتحاناً من الله، وبالتالي تجنب الحزن والألم والكآبة. ورأى النحاس، «ان هذه الأعراض تقيد الإنسان فلا يعود قادراً على القيام بأي نشاط، فيعيش صراعاً بين الاستسلام والخروج، لذا انصح بتقبل الواقع والتعامل معه عن طريق الحرص الشديد». اما لجهة القدرات العملية فقد لفت النحاس، «الى وجوب تطوير القدرات الشخصية، وكذلك الموازنة بين القدرات الشخصية والاحتياجات الشخصية».

أطعمة ممنوعة

ومن جهتها رأت اختصاصية التغذية ندى الأديب، ان «مختلف الأزمات تسبب الأعراض نفسها وهي الصداع والأرق والإجهاد، وبالتالي هناك أنواع من الأطعمة تزيد من حدة هذه الأعراض وأطعمة أخرى تخففها».

أما من ينتابهم الصداع نتيجة القلق، وسواء كان صداعاً كلياً او نصفياً، فنصحتهم الأديب، «بالابتعاد عن بعض الأطعمة ومنها القمح والشوكولاتة، والسكر، والنقانق، والسجق واللانشون و المرتديلا أي اللحوم المصنعة، بالإضافة إلى منتجات الألبان والمكسرات والخل والأطعمة الحريفة». فيما يمكن لهؤلاء الأشخاص، حسب الاديب تناول، «غذاء متكامل وتجنب مضغ اللبان والمشروبات المثلجة والآيس كريم». بالإضافة إلى هذا نصحت الأديب، بتجنب الأطعمة المملحة، والتي تحتوي الصوديوم او التي تحتوي محليات صناعية والطماطم والسبانخ والموز والشوكولاتة، والجبن وكذلك الفواكه الحمضية، وكذلك تجنب الوقوف تحت ضوء الشمس».

أما ممارسة تمارين التنفس العميق فهي من الأمور التي اكدت الاديب فائدتها، «في المساعدة على التخلص من الصداع، لأن زيادة كمية الأكسجين في الجسم تساعد على الاسترخاء وتخفف من الصداع».

إجهاد وأرق

وفي ما يتعلق بالذين يتعرضون للإجهاد رأت الأديب، «ان تناول الأسماك مهم جداً بالنسبة لهم، كونها تجدد الطاقة، وتقوي المناعة، وكذلك تناول كميات من الروب ومنتجات الألبان الحامضة تساعد على تقوية الجسم». أما الحرص على تناول ثمانية أكواب من الماء، فهي من الأمور التي حثت عليها الأديب، «لأن الماء يعمل على تخفيف الم العضلات، وتخفيف الإجهاد». وكذلك رأت الأديب، ان التقليل من الأطعمة المقلية والمملحة والمعلبة مفيد جداً للذين يشعرون بالإجهاد، كما انه عليهم تجنب الإكثار من القهوة والشاي والمشروبات الغازية».

أما الإكثار من الخضراوات الورقية، فينعش الجسم وفقاً للأديب، ويجدد الطاقة. وتابعت الأديب، «يمكن تناول الكثير من الحبوب وفول الصويا والارز الكامل، والبيض واللحوم، وكذلك تناول فيتامين سي، الذي يساعد على زيادة الحديد في الجسم». أما الاستحمام فيجب ان يكون بماء بارد لأن الماء الدافئ يؤدي إلى استنفار الخلايا في الجسم كما أكدت الاديب.

أما التخفيف من حدة الارق فيكون كما قالت الاديب «من خلال تجنب التدخين، والسعي للتقليص من تناول الجبن والشوكولاتة والباذنجان والبطاطا، وسلطة الملفوف، والسجق والنقانق والسبانخ كونها تحتوي على مواد تحفز المخ». واضافت الاديب، «يمكن الإكثار من تناول الموز والتمر ومنتجات الألبان، لأنها تحتوي على حامض أميني يساعد على النوم، وكذلك كوب من الحليب الدافئ مع ملعقة من العسل». اما الذين يعانون من فقر الدم فقد نصحتهم الأديب، «بتناول المكملات الغذائية، كالكالسيوم والبوتاسيوم والماغنيزيوم ولكن طبعاً بعد استشارة الطبيب».

 الأعراض الجسدية 

اعتبر دكتور علم النفس محمد النحاس أن الأعراض الجسدية التي تظهر في الأزمات، هي بالضرورة ناتجة عن الحالة النفسية، لذا شدد على «أهمية عدم الاستسلام للأعراض الجسدية كالصداع والدوران لأن مصدرها نفسي، وكذلك دعا الى القراءة عن تطوير المهارات كي يتمكن المرء من تطوير ذاته». مضيفاً ان علوم الاجتماع والنفس والتغذية اتفقت على ان الرياضة افضل الامور التي تساعد على التخلص من التوتر والقلق.

تويتر