سلطان الشاعر إلى لندن للعلاج

الشاعر خضع لعملية جراحية في مستشفى راشد. تصوير: لؤي أبوهيكل

نقل الفنان الإماراتي سلطان الشاعر الذي كان يرقد في حالةٍ حرجة في قسم العناية الفائقة في مستشفى راشد في دبي، إثر تعرضه لمشكلات صحية وخيمة بعد عودته من رحلة العلاج الأخيرة، مساء أمس؛ نُقل إلى لندن لتلقي العلاج، بناء على توجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، باتخاذ الترتيبات السريعة لنقل الشاعر إلى أكبر المستشفيات في الخارج. وثمّن سلمان، الإبن البكر للشاعر، مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، معتبراً هذه اللفتة الإنسانية ليست غريبة على متابعة سموه لأبناء الإمارات، وحرصه على توفير الرعاية لهم، خصوصاً المبدعين والفنانين.

وروى سلمان لـ«الإمارات اليوم» تفاصيل مرض والده، قائلاً «أدى العطل الذي أصاب ماكينة التنفس التي يستخدمها أبي ليلاً، إلى إصابته بضيق تنفس حاد، تم نقله على إثره إلى المستشفى، ليكتشف الأطباء إصابته بجلطة في القلب، وانسداد في أحد شرايينه». وأوضح أن الفنان الشاعر تلقى العلاج المناسب، إلا أنه لايزال يعاني من صعوبة في التنفس، حيث يعتمد في ذلك على الأجهزة الطبية المساعدة، فضلاً عن ارتفاع في درجة الحرارة تراوح بين 38 درجة ونصف الدرجة إلى 39 درجة ونصف الدرجة، وانخفاض في ضغط الدم وعدم انضباط في دقات القلب نجم عنهما ضعف في وظائف الكلى. وتابع «خلال الأيام الماضية، توقف قلب والدي عن التنفس لأكثر من مرة، ليعود للحياة مجدداً على يد الأطباء بعد إنعاشه».

رحلة مع المرض
وأفاد الإبن البكر للشاعر بأن والده كان يعاني من عدم القدرة على النوم والمشي . وفي رحلة العلاج الأخيرة في لندن، تم إجراء دراسة ليلية على حالته الصحية، تبين من خلالها وجود انسداد في القصبة الهوائية يؤدي إلى انخفاض نسبة الأوكسجين مساء لتصل إلى 50٪، الأمر الذي يحول دون قدرته على النوم، لذا تم تزويده بالماكينة التي تعمل على ضخ الأوكسجين في الليل، وأثرت بشكلٍ إيجابي في صحته.

وأردف «زيادة الوزن التي يعاني منها والدي، فضلاً عن آثار مرض السكري الذي لحق به منذ نحو 15 سنة، أثرا في حالته الصحية كثيراً في الآونة الأخيرة».

وكان الفنان سلطان الشاعر تعرض قبل 30 عاماً إلى حادثٍ سيارة أليم، فقد على إثره بصره، وتلقى العلاج من آثاره لمدة سنتين على التوالي.

وقال الدكتور غازي الردايدة لـ«الإمارات اليوم» «كان الشاعر يعاني من أمراض عدة لفترة طويلة، تمت معالجتها في مستشفيات عديدة داخل الدولة وخارجها، وتعرض أخيراً إلى آلام في الصدر نتيجة احتشاء جديد في عضلة القلب، وأدخل مستشفى راشد في حالة حرجة من البداية، بسبب تراكم الأمراض التي تؤثر في القلب والأوعية الدموية والكلى». وأفاد أنه تم علاج الشاعر كحالة طارئة ضمن المعايير المتعارف عليها عالمياً «وأجريت له عملية قسطرة قلبية، وتبين وجود ضيق شديد في الشريان الإكليلي الأمامي النازل، وأجريت له عملية توسيع وتم وضع دعامة»، مؤكداً نجاح العملية واستقرار حالة الشاعر بعدها.

وأضاف الردايدة «لكن، بسبب تأثير التهاب الصدر الذي يعاني منه، والتراكمات الطبية التي كانت تؤثر في الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية والكلى، بسبب مرضي الضغط والسكري اللذين يعاني منهما؛ تدهورت حالته الصحية، ما استوجب وضعه على جهاز التنفس الصناعي بسبب نقص كمية الأوكسجين في الدم، وبقي في العناية المركزة تحت إشراف أطباء القلب والتخدير والجهاز التنفسي، لكن حالته بقيت حرجة».

رائد الدراما
وانتقد سلمان الشاعر الوسطين الفني والإعلامي لتقصيرهما في إعطاء والده حقه، ما أثر في نفسيته بشكل كبير، خصوصاً في أثناء فترة مرضه، وقال «على الرغم من الدور الكبير الذي لعبه والدي في تأسيس ونشر الدراما الإماراتية، إلا أنه لم تسلط عليه الأضواء بصورة كافية، وشهد دوره تقصيراً واضحاً من الوسطين الفني والإعلامي، ما أثر بشكلٍ كبير في حالته النفسية التي رافقت مرضه»، معتبراً اتهام الشاعر بالابتعاد عن الأضواء إجحافاً في حقه، مضيفاً «والدي غالباً ما كان يرد على هذا الاتهام بالقول (من يدق الباب اييه الجواب)»، مدللاً على تلبية والده دعوات إعلامية باللقاءات التي بثت معه منذ فترة على قناة «سما دبي».

ويعد الفنان سلطان الشاعر من مؤسسي الدراما التلفزيونية الإماراتية في أواخر الستينات، ومن رواد الفن الإماراتي، حيث كان له الفضل والريادة في انتشاره. ولفت سلمان إلى أنه بعد 13 سنة من إصابة والده في الحادث، لم يتم إنتاج عمل درامي إماراتي، حيث كان يلعب الدور الأكبر في هذا المجال، فلم يكن يقتصر دوره على التمثيل فحسب، بل يتعداه إلى التأليف والمشاركة في الإنتاج، مشيراً إلى أن أعمال الشاعر الدرامية والمسرحية قبل وبعد اتحاد الإمارات شاهدةً على ذلك، وفي مقدمتها «العمل الدرامي الأشهر في الخليج في السبعينات (اشحفان القطو) الذي لعب فيه دور البطولة إلى جانب التأليف، واستطاع من خلاله أن يحظى بشعبية جماهيرية كبيرة في الخليج، إلى درجة أنه لقب باسمه، ومسلسل (الغوص) الذي يتناول فترة مهمة في تاريخ الإمارات، من تأليفه وبطولته كذلك، إلى جانب(جحا)، و(شعبان ورمضان)، و(قوم عنتر)، و(أمثال شعبية). وتعتبر مسرحية (الأم) أول أعماله المسرحية التي يعد من أشهرها (الأول تحول)».

وكان الفنان سلطان الشاعر متفرّغاً للعمل في وزارتي الشؤون الاجتماعية ووزارة الإعلام، وترأس اللجنة التي تكفلت بتسجيل الدفعة الأولى لمستحقي الشؤون الاجتماعية في الدولة. وقبل قيام الاتحاد كان يعمل نوخذة على مركبه الخاص (اللنش)، قبل أن يستبدل به محلاً يعتبر الأول من نوعه لبيع مستلزمات ومواد البناء، حسب ابنه سلمان.

إسهامات شعرية

لم تتوقف مواهب الفنان سلطان الشاعر عند الدراما تأليفاً وأداءً، حيث إنه شاعر نبطي معروف صاحب إسهامات رفدت الساحة الشعرية الإماراتية بإبداعات كثيرة، وصدر له ديوان شعري يحمل اسمه، وتمتاز قصائده بالجرأة الممزوجة بالفكاهة، ومنها «القطو والفار، ورشيد والقطو، والماضي والحاضر، والماكينة مال اللنش، والعنز والشيك»، إلى جانب قصائد اجتماعية تهدف إلى توعية الشباب بالأضرار الناجمة عن أعمال سلبية، كالتدخين وإدمان المخدرات.

تويتر