الأمـومـة الأولـى.. مخـتبــر مشاعر متداخلة

الشعور بالأمومة لا يختلف بين طفل وآخر.    «ايمجنغ أور سلفس»

قد يصعب وصف شعور المرأة عندما تصبح أماً للمرة الأولى، حيث تختبر الكثير من الأحاسيس الغريبة والمتباينة في آن واحد. وغالباً لا تفهم الأم طبيعة الوضع الذي أصبحت فيه، إحساس بالمسؤولية، وخوف على المولود، وحب تختبره لأول مرة في حياتها، هذا بالإضافة الى كآبة ما بعد الوضع التي تتعرض لها بعض النساء. ويظهر الإرباك في المشاعر الذي يحدثه الطفل الأول في حياة الأم من خلال تصرفاتها، فغالباً ما تبكي لبكاء طفلها، أو حتى تطلب مساعدة من حولها لشدة خوفها على الطفل.

ورأت مها الهاشم (سعودية تعيش في الإمارات)، أن «الأمومة غريزة موجودة في قلب الفتاة منذ طفولتها». ووصفت شعورها عندما أصبحت أماً لأول مرة قائلة «أذكر أنه حين ولدت طفلتي الأولى، لم أدرك مشاعر الأمومة من اللحظة الأولى، لأنها كانت تجربة غريبة، ولكن مع الوقت شعرت أن حبي لابنتي بدأ يكبر في قلبي شيئاً فشيئاً، وبدأت أعرف فعلاً معنى الأمومة».

وأشارت إلى ان تجربة الطفل الثاني كانت أسهل من الأول، كما ان التعاطي معه يكون مختلفاً بسبب الخبرة التي تكسبها الأم مع الطفل الأول. وتابعت الهاشم «لذا أرى أن شعور الأم بحب طفلها الثاني يكون منذ لحظة ولادته»، لافتة إلى أن الطفل الأول يكون الأغلى على قلب الأم، وإلى أنها لم تواجه صعوبات في تربية الطفل الأول، لكون مساعدة أمها كانت موجودة معها.

شعور جميل

أما ماري جييم فرأت أن الشعور بالأمومة للمرة الأولى شعور جميل لا يمكن وصفه. وقالت عن تجربتها «عندما أنجبت طفلي الأول شعرت بالمسؤولية تجاهه، وكنت أخاف أن أؤذيه من خلال اهتمامي به وتأمين احتياجاته». وتابعت «كنت أخاف جداً عندما يواجه طفلي مشكلات استرجاع الحليب التي غالباً ما يعاني منها الأطفال، لذا كنت أطلب المساعدة»، مشيرة إلى ان شعورها بالأمومة لم يختلف بين طفليها الأول والثاني، لأن الأبناء جميعاً يفرضون حبهم داخل قلب الأم منذ تكونهم بداخلها وقبل الولادة، حسب جييم.

بينما قالت شيرين فؤاد إنها لم تكن تفهم معنى وجود كائن بداخلها، موضحة «كنت اشعر بشيء غريب داخلي، ولكن عندما رأيت ابنتي نونا للمرة الأولى وضعت وجهها على وجهي، كما اني قربتها من قلبي، كي تعرف أنها كانت تعيش داخل أحشائي»، مستطردة بوصف مشاعرها بالقول «بكيت جداً عندما رأيت طفلتي الأولى، وشعرت بالخوف قبل ان أنجب، لذا ثقفت نفسي كثيرا قبل الولادة، وعملت على نقل الأحاسيس المرهفة الى ابنتي قبل الولادة من خلال الموسيقى، وفعلاً هذا اثر فيها وبشخصيتها كثيراً».

وأشارت إلى أنها عاشت تجربتين مختلفتين؛ كون طفلها الثاني كان صبياً وهذا منح كل طفل في العائلة مساحته وحبه وقصته الخاصة. وبينت ان مسألة الأمومة تحتاج الى فهم حقيقي «لأن من المهم ان تعرف الأم تفاصيل عن كيفية الاهتمام بالطفل فهذا يجعلها تعيش تجربة الأمومة على نحو أفضل».

وروت داليا عزت، (مصرية) أن آلام الولادة كلها زالت عندما رأت ابنتها لأول مرة، مشيرة إلى ان الأم دائماً تنسى كل آلامها وتلبي حاجات طفلها لأنها فعلاً تعتبر ان طفلها هو الأهم في حياتها.

واستدركت «قدرت قيمة أمي بعد ان أنجبت طفليّ مريم وحسين، لأنني كنت احب أمي من دون ان أدرك مدى التعب الذي بذلته في تربيتنا». وتذكرت عزت تجربتها مع تربية الطفل الأول، وقالت «كنت أبكي عندما لا اعرف سبب بكاء طفلي وعندها كنت اطلب مساعدة أمي، ولكن غالباً ما كانت تفضل امي ان استشير طبيباً».

تأقلم

وبينت أخصائية علم النفس ليلى اليازجي ان التغيرات النفسية التي تطال المرأة عندما تصبح أماً كثيرة، لذا فإن التأقلم والتواصل مع الطفل يعتبران من الأمور المهمة». ونوهت بأن «الاكتئاب بعد الوضع من الأمور الطبيعية، ولكن على المرأة ان تدرك انها مرحلة عابرة ولن تستمر لفترة طويلة، لأنه في حال استمرارها لفترة طويلة لابد من استشارة الطبيب».

وأشارت إلى أهمية دعم المحيطين للأم، نفسياً وعملياً والاهتمام بالطفل، لأن المساعدة ستحسن تكيف الأم مع الوضع، ولكن ان أحست ان كل المسؤولية عليها ستشعر ان الأمومة فرضت عليها فرضا». اما الاستمتاع بوجود الطفل فهو وفقاً لليازجي يقلل من إحساس الأم بالمسؤولية وشعورها بصعوبة الموقف. وتابعت «استمتاع الأم بطفلها يكون من خلال تواصلها النفسي والجسدي معه، إذ يجب ان تحضنه وتقترب منه، وكذلك ان تغني له، فهذه الأمور تساعد في بناء علاقة جيدة بين الأم وابنها على المدى الطويل»، مشيرة إلى أنه توجد آراء تنصح بوجوب وضع الطفل على بطن أمه بعد الولادة لأن هذا من شأنه ان يخفف الصدمة عنه، كونه فصل عن أمه، بالإضافة إلى التركيز على حاستي الشم والسمع لدى الطفل، لأنه يعرف رائحة أمه، وكذلك يتجاوب مع ذبذبات صوتها وهو داخل الرحم، حسب اليازجي.

 
فروق

أكدت أخصائية علم النفس ليلى اليازجي أنه لا يجب ان يختلف شعور الأم بعد إنجابها أكثر من طفل، لأن الأمومة لا تميز بين طفل أول أو ثان، فلكل طفل مميزاته وبهجته التي يفرضها منذ ولادته، مع عدم نكران تميز التجربة الأولى، مستدركة بأن «هناك أطفالاً يتميزون بأنهم صعبو المراس، وبالتالي الأم قد تشعر بالاختلاف بين طفل وآخر من هذه الناحية ليس أكثر».


ونوهت اليازجي ببعض الأمهات اللواتي يتزوجن وهن صغار ويشعرن ان الطفل الأول لعبة، قائلة «إن الحياة في حد ذاتها لعبة كبيرة وبالتالي إننا نلعب أدواراً جميلة في حياة الآخرين، وإن شعرت الأم ان الطفل لعبتها ليس بالأمر السيّئ ان لم يصل لدرجة اهمال حاجاته». مشيرة إلى ان «الفتاة منذ صغرها تتربى على كيفية رعاية الطفل وإعطائه الحنان، فنحن دائماً نعطي البنت لعبة كي تهتم بها، وهذا يمرسها على إعطاء الحنان والتواصل في هذه العلاقة الحميمة».

واعتبرت بكاء الأم لبكاء طفلها أمراً طبيعياً شرط ان «يكون ناتجا عن شعور الأم بالخوف على ابنها»، أما الخطورة بالنسبة لليازجي فتكمن في «عدم قدرة الأم على التحكم في الموقف، ومساعدة الطفل، وحل المشكلة، إذ إن الأم القادرة على التواصل مع ابنها يمكنها ان تميز بين انواع متباينة من البكاء أو الصراخ».
تويتر