رسائل إلكترونية تنذر بجلب الحظ السيئ
أناس كثيرون لا يؤمنون بها ويعيدون إرسالها. فوتوز.كوم
يحمل البريد الإلكتروني يومياً عشرات الرسائل الترفيهية والتي يحمل بعضها نكتاً أو قصصاً طريفة، فيما يحمل بعضها الآخر قصصاً مؤلمة وإنسانية. ولكن الغريب في الرسائل الإلكترونية هي تلك التي بدأت تنتشر بصورة كبيرة أخيراً والتي تهدد بجلب الحظ السيئ للشخص في حال لم يعد إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص، وغالباً ما يفوق الرقم 10 أشخاص. وقد يتوقف المرء عندما يتلقى هذه الرسالة، ويفكر في إعادة إرسالها، وبينما يعتقد أشخاص بأنه من الصعب أن تؤثر رسالة كهذه في حياتهم، يعمد آخرون إلى إعادة إرسالها خوفاً من الحظ السيئ الذي قد يهيمن على حياتهم لسنين، ويعيدون إرسالها على الرغم من انهم قد لا يكونون مقتنعين بمضمونها.
ورصدت «الإمارات اليوم» كيفية تعاطي الناس مع هذه الرسائل الالكترونية، وكذلك تأثيرها النفسي في المرء، فبداية لم يقتنع اللبناني احمد ظاهر بهذه الرسائل على الإطلاق، ويقول «تصلني رسائل كثيرة، وأحياناً تكون القصة جميلة وليست بحاجة إلى وضع هذه الجمل السخيفة في نهايتها كي يتم إعادة إرسالها».
ويتابع «لا أقتنع بهذه السخافات، وغالباً ما أعود وأرسل الرسالة الالكترونية الى الشخص الذي أرسلها إلي، والى جميع من وصلتهم الرسالة مع تعليق عليها بأنه علينا ألا نلتفت الى من يستخف بعقولنا».
ويؤكد انه لا يحب ان يبدو بمظهر الرجل الذي ينصح من حوله، مستدركاً «ولكن تفشّي هذه الرسائل على نحو واسع يضايقني ويشعرني بأن هناك من يستخف بعقولنا بتهديدات وإنذارات تافهة تستوجب التعليق».
مسح فوري وتعمد الأردنية هدى أبوحمدة إلى مسح هذه الرسائل فوراً بعد قراءتها، وتقول، «قد أرسل هذه الرسائل الى أشخاص أدرك تماماً أنهم سيستمتعون بقراءة مضمونها، في حال كانت قصة الرسالة جميلة»، مضيفة «غالباً امسح الرسائل ولا أعيد إرسالها في حال لم تحمل بداخلها أي شيء مهم، لأنني لا أريد أن يعتقد أصدقائي أنني أؤمن بهذه المعتقدات».
وترى ان إعادة إرسال مثل هذا النوع من الرسائل يؤثر في مكانة المرء بين أصحابه، اذ علينا ان نعرف تماماً ان أي بريد الكتروني نرسله يعبر بالدرجة الأولى عن معتقداتنا وآرائنا، وبالتالي علينا ان نفكر كثيراً قبل ان نرسل أي رسالة لأي شخص.
بينما تقوم اللبنانية مريم نصار بإعادة إرسال مثل هذه الرسائل وتقول «لا أرسلها لأني أؤمن بان عدم إرسالها سيجلب الحظ السيئ، ولكنني لا شعورياً أعيد إرسالها حالها حال معظم الرسائل التي تصلني». وتضيف نصار «لا اشعر ان إعادة إرسال مثل هذه الرسائل سيؤثر في شخصيتي او مكانتي او كيف يراني الناس، لأني أدرك اننا يومياً نتلقى الكثير من الرسائل عبر البريد الالكتروني ومعظمها تحتوي قصصاً لا تتناسب مع قيمنا العربية او حياتنا الاجتماعية، ورغم ذلك نرسلها لغيرنا». وتابعت «علينا ان نفصل بين التسلية والجد، وشخصياً لا ارى في مثل الرسائل الالكترونية الترفيهية ما يمت الى الحياة التي نعيشها بصلة، لذا غالباً ما افصل بين الاثنين وأحاول ان أتصرف بتلقائية دون ان احمّل هذه الرسائل أبعاداً لا تستحقها».
ولفتت ريما داوود، الى أنها لا تحب ان تتلقى مثل هذه الرسائل، وهذا ما دفعها الى كتابة رسالة واضحة الى جميع من تعرفهم تبلغهم بأنها لا تؤمن بهذه الأمور.
وتوضح «وضعت رسالة واضحة على موقع الفيس بوك، تفيد بأني لا أؤمن بهذه الأمور كي لا أتلقى مجدداً مثل هذه الرسائل، لأنها فعلاً تزعجني، وأحياناً يخاف الناس من الإنذارات التي توجه اليهم عبر هذه الرسائل وبالتالي يعـيدون إرسالها دون ان يفكروا بالشـخص الذي سيتلقى الرسالة».
وأضافت «علينا الأخذ بعين الاعتبار معتقدات وقيم الشخص الذي سنرسل له الرسالة قبل ان نبعث له أي قصة سواء كان مضمونها ترفيهياً او اجتماعياً او حتى دينياً»، متسائلة عن سبب وضع رقم محدد للأشخاص الذين يجب ان تعاد الرسالة إليهم، وتقول «غالباً ما تطالب هذه الرسائل بوجوب إرسال الرسالة الى 10 أشخاص وما فوق، وعلينا ان نتساءل عن الهدف وراء نشر مثل هذه الرسائل، فالأرقام التي توضع تشير الى هدف متخفٍ من نشرها، لذا على من يرسلون هذه الرسائل التفكير جيداً قبل ان يتأثروا بما قرأوا».
تأثير نفسي
وتعتبر اختصاصية علم النفس ليلى يزيدي أن «هذه الرسائل التي قد تحمل أحياناً مضموناً ايجابياً، تتمتع بجانب سلبي وهي أنها تفرض على المرء إعادة إرسالها لعدد من الأشخاص، حيث إنه أخلاقياً لا يحق لنا ان نفرض على الآخرين تلبية نداء إرسال هذه الرسائل الالكترونية بأي شكل من الأشكال». وتضيف ان «مثل هذا الأمر يمكن ان يؤثر كثيراً في الفرد من الناحية النفسية، لأنه قد يصل البعض إلى الاعتقاد بأن الأمور السلبية التي تحدث في حياتهم ناجمة عن تأثير هذه الرسائل».
وتنوه إلى ان «الأفكار التي تحملها هذه الرسائل غالباً ما تكون ايجابية، ولكن هناك ما نسبته تقريباً 10 او 15% من الرسائل لا تتوافق مع القيم التي يحملها الشخص، وهنا يدخل عامل الحرية الشخصية في إعادة إرسالها». وأكدت ان إعادة إرسال هذه الرسائل الالكترونية، لا يعود لضعف في الشخصية، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنوعية شخصية المرء إذ ان هناك نوعين من الشخصيات، حسب يزيدي «الشخصية المتأثرة بالعالم الخارجي، وغالباً هم من يعيدون إرسال مثل هذه الرسائل، فيما أصحاب الشخصية المستقلة لا يتأثرون كثيرا بمحتوى ما يقرأون»، لافتة إلى الظروف المحيطة التي تساعد المرء على إرسال مثل هذه الرسائل.
وتؤكد ان التأثير السلبي لمثل هذه الرسائل يكمن في العواقب الباطنية والإيحاءات التي تحدث لاحقاً في حياة الفرد، لافتة الى ان «التأثير السلبي ليس كبيراً ويتفاوت من شخص لآخر، فلا يمكننا الحديث عن حالات احباط على سبيل المثال، إلا ان كان الانسان يمر بظروف صعبة، والمشكلات تهيمن على حياته وبالتالي هنا حكماً سيتأثر بكل ما يحيطه».
موازنة الأمور
نصحت اختصاصية علم النفس ليلى يزيدي بأن يخضع إرسال الرسائل الإلكترونية التي تشمل مثل هذه الإنذارات السيئة لتحكيم العقل، ومناسبة مضمون الرسالة لقيم الشخص الذي يرسلها وكذلك الذي يتلقاها، بالإضافة إلى اخذ الوقت الكافي في التفكير قبل ارسالها. واستدركت «من الجميل نشر كلمة محبة وسلام، ولكن أحياناً علينا الالتفات إلى الأمور المبالغ فيها، والتي يصعب على الإنسان إعطاؤها من وقته الذي يجب ان يستغل بأمور أهم».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news