«الأعياد».. بهجة لا تخلـو من مشكلات

مشاعر متباينة لدى كثيرين في فترات الأعياد. غيتي

يمكن لفترات الأعياد وما تشملها من إجازات واحتفالات عائلية أن تكون فترة مليئة بالمتع والبهجة وزحام الترتيبات والتجهيزات، كما يمكن أن تحمل معها توتر الساعات الأخيرة من الاستعداد أو ترقباً للسنة الجديدة، إلا أن ذلك لا يمنع اعتقاد كثيرين أن للعيد أو رأس السنة قدرة خاصة على جلب مشاعر الحزن والكآبة، التي قد ترتبط أحياناً بتذكر البعض لسنوات «أسعد» مضت، أو تذكيرها لآخرين بما يمر عليهم من زمن، ما يجعلها فترة مناسبة للتأمل، واتخاذات القرارات. تقول إخصائية علم النفس، نادين عزو، إن «أكثر ما يؤجج مشاعر الحزن ويزيد من ظهور المشكلات في مثل هذه الفترة من العام، هو وضع الأفراد لتوقعات وآمال يعولون عليها كثيراً»، مشبهة ذلك بلوحة غير واقعية يرسمها المرء لأسرة مثالية وسعيدة تؤججها المشاعر العامة «المفترضة» لعيد سعيد، وهي الصورة التي تعزّزها الإعلانات والبرامج التلفزيونية أيضاً، مشيرة إلى أن الفشل في الوصول إلى «تلك الصورة غير الواقعية للحياة الأسرية، يزيد من مشاعر التوتر، ومن ثم الخدر والكآبة تجاه هذه الفترة».

واجبات

وترى عزو أن الضغط الموسمي المرتبط بفترة الأعياد ودخول العام الجديد قد تعود أسبابه لعدد من العوامل، منها «الواجبات والمسؤوليات المادية التي يجب على المرء مواجهتها وذلك في ما يخص رب الأسرة، بالإضافة إلى القلق من فترة الامتحانات المدرسية الحالية، وذلك بالنسبة للابن أو الابنة». وتابعت «بالإضافة إلى الحاجة المتزايدة للتحلي بالصبر والطاقة والقدرة على إدارة المنزل واحتياجات أفرادها والاستعداد للأنشطة المرتبطة بهذه المناسبة، ما يعني الضغط النفسي والجسدي على الأم أو الزوجة»، مشيرة إلى أن هناك نوعاً من ربات المنازل، «لا يرضين بالجيد، ويسعين عادة للأفضـل، ما يعني تحول هذه الفترة الموسميـة للأعياد إلى نوع من التعذيب النفسي والجسدي».

وتزيد عزو على الأسباب الأخيرة، الضغط النفسي الناتج عن العلاقات بين أفراد الأسرة والأقارب، «فحتى إن لم تجلب مثل هذه المناسبات معها ضيوفاً غير محبوبين أو محبذين، فقد يتسبب التجمع لعدد كبير من أفراد الأسرة الواحدة ولساعات طويلة معاً، بنوع من التوتر والأجواء المشحونة»، التي تنتج برأيها عن اختلاف الآراء وتنوع الشخصيات، ورغبة كل فرد في التعامل بطريقته الخاصة مع الأمور، ما يزيد على ربة المنزل أو أصحابه الضغط، «ما يجعل من التخطيط المسبق، والابتعاد عن وضع آمال عالية لنجاح الاحتفال، حلاً مخففاً لضغوطات العيد».

تذكير بالحال

وتعترف (م. سالم)، 27 عاماً، موظفة في أحد البنوك، من دبي، بأن فترة العيد لا تعدّ من فترات السنة المفضلة لديها، «حيث أضطر خلالها إلى مواجهة العائلة والأقارب والمعارف القريبين والبعيدين والابتسام في وجوههم، وهم لا ينفكون عن سؤال المرء عن حياته وحالته، الاجتماعية، والمادية، وعن الوظيفة وكل ما يمكن أن يثير توتر المرء، الذي يحتاج إلى الابتعاد عن التفكير ولو ليوم واحد عن كل مشاغل حياته»، مشيرة إلى أن عدم زواجها حتى الآن، رغم أنه أمر لا يشغل بالها، إلا أنه يجعل منها محور حديث اجتماعي الأبعاد حول أسباب عدم الزواج، ومناقشة قضايا العنوسة وحلولها، مؤكدة «على الرغم من أن الأمر لا يزعجني شخصياً».

حوادث

ورغم تحضيرات جاكلين خوري، موظفة بنك في دبي، الدؤوبة والشغوفة لعيد الميلاد التي تؤكد أنها تستنزف من «ميزانيتها» السنوية جزءاً كبيراً، وأضافت «على الرغم من أنني لا أعيش في دبي مع أسرتي، بل وحيدة بينما تحتفل أسرتي في فترة الأعياد في بلدي لبنان، إلا أنني أحرص سنوياً على تحضير شجرة ميلاد ومأدبة كبيرتين»، مشيرة إلى أن تعمدها بشغل نفسها بتحضيرات العيد تجعلها تبعد تفكيرها ولو قليلاً عن واقع بُعدها عن وطنها وعائلتها. وتوضح «عادة ما تراني صديقاتي شغوفة ونشيطة في تحضيرات العيد، ويحسدنني على سعادتي وطاقتي الإيجابية، إلا أنني في الواقع أقوم بذلك فقط لأواسي نفسي بشجرة مزينة ومجموعة من الأصدقاء حولي في الميلاد»، لافتة إلى أن تسليتها تكمن في تزيين الشجرة والتحضير، «إلا أن كل ذلك يتحول إلى حزن واشتياق لوطني وأسرتي بمجرد انتهائي من كل ذلك وجلوسي وحيدة بعيداً عنهم، لا توصلني بهم سوى أسلاك الهاتف، ومخيلتي لما يفعله عادة كل منهم في الميلاد».

وأشار نبيل داود، موظف في دبي، إلى أن فترة الأعياد ورأس السنة لم تكن له ولزوجته في هذا العام، سوى فترة ممتدة لخطة التقشف والحذر التي أعتمدها انعكاساً وخوفاً من الحالة الاقتصادية العالمية.

لتفادي كآبة العيد



تقبل مشاعرك، فإن كنت قد فقدت شخصاً عزيزاً أخيراً، فاعلم أن مشاعر الحزن أمر طبيعي، وأنه لا ضير من التعبير عن حزنك، فلست مجبراً على أن تكون سعيداً لمجرد أنه «العيد».

احصل على الدعم، إن كنت تشعر بالوحدة أو الانعزال، فابحث عن صحبة عائلتك وأصدقائك، فالتعاون والتدخل في تحضيرات العيد يمكن أن يدخلا عليك الفرحة.

كن واقعياً، فالعائلة تنمو وتتغير، والتقاليد والأعراف المنزلية قد تتغير أو تدخل عليها أمور جديدة، فتمسك بما تريده، وتقبل الجديد عليه.

ابحث عن طرق جديدة للاحتفال بالعيد سواء عبر فتح ألبوم الصور أو ابتكار أنشطة عائلية ممتعة.

حاول تقبل أفراد العائلة والأصدقاء كما هم، وابتعد عن التجادل والمشاحنات معهم، ومرّن نفسك على المسامحة واتخاذ العيد فرصة صلح ووصل للأرحام.

ضع ميزانية محددة لفترة العيد، وحاول ألا تخرج عنها، وتذكر أن العيد فترة احتفاء جماعي وليست فترة تباهٍ مادي.

خطط مسبقاً لما تريد القيام به في العيد وكيفية قضاء الإجازة، التي يمكن أن تتحول إلى تجربة سفر ممتعة.

تعلم أن تقول: «لا»، واعلم أن الآخرين سيتفهمون اعتذارك عن المشاركة في أنشطة معينة، فإن حاولت إرضاء الجميع، سينتهي المطاف بك متعباً ومخيباً لآمال الجميع بسبب تشتتك.

لا تتجاهل العادات الصحية في تناول الطعام، لكن دون حرمان النفس من أطايب الطعام، لكن القليل من كل شيء وعلى فترات متقطعة قد يكون الطريقة الأمثل للتمتع المريح بأكلات العيد وحلوياته.

خصص الوقت لنفسك، فزحام العيد قد يعيقك عن التركيز على مهامك كمضيف جيد، فخذ القليل من الوقت للاسترخاء لتعود لاحقاً لأسرتك بطاقة متجددة.

تويتر