عرائس عكرة.. فـرنسيات من عـشرينات القرن الماضي

ريم عكرة تتوسط عددا من عارضاتها.

استطاعت مصممة الأزياء الأميركية، اللبنانية الأصل، ريم عكرة، أن تكسر كل القواعد المتعارف إليها في عروض الأزياء، وذلك خلال عرضها الأخير، مساء أول من أمس، في قاعة الحفلات في فندق برج العرب في دبي، ونجحت في تقديم مجموعة من فساتين الزفاف التي تتخصص بابتكارها المصممة لموسم ،2009 محوّلة عرضها إلى احتفال خاص، اختلطت خلاله بمدعويها واحتفت بوجودهم، بينما توزعت عرائسها مع بدء العرض بين الحضور في أجواء فرنسية من عشرينات القرن الماضي.

ولم يخلُ ابتعاد العرض عن شكله التقليدي، من الأجواء الدافئة المميزة التي تعزّزت بوجود المصممة في القاعة مع المدعوين قبل وبعد العرض، على الرغم من انشغالها، وتحيتهم شخصيا عبر زيارتها لكل مجموعة من الأفراد، وشكرها لهم على الحضور، مبتعدة بذلك عن «اتيكيت» مصممي الأزياء العالميين، من التواجد الفقير البعيد عن التواصل الشخصي، والمتعمد لإظهار الانشغال والتوتر.

وقالت ريم عكرة لـ «الإمارات اليوم» إنها حرصت على أن تصمم الحدث بنفسها، مشيرة إلى أن كل ما يراه المدعوون هو من تصميمها ورؤيتها، عبر تعاون «ساكس فيف أفنيو» التي تحتضن مجموعتها الكاملة.

احتفال أنيق

ونجحت المصممة في اختيار قاعة الحفلات التي تماشى تصميمها الكلاسيكي البذخ، مع فكرة مجموعتها، ومع بدء المدعوين بالحضور تتزين أصابع النساء منهم بخاتم ملون مضيء يميز بذلك مدعوات العرض، ونزولهم إلى القاعة الرئيسة التي يمكن مراقبة الأحداث فيها عبر شرفات تؤدي إليها، وتحولت الأحداث إلى أخرى شبيهة باحتفال خاص، توزعت فيه العصائر والمأكولات والأحاديث الجانبية التي لم تتوقف إلا خلال عرض التصاميم رغبة من المصممة، في إضافة جو من الاسترخاء والراحة على المدعوين الذين لم يزد عددهم على 180 شخصاً تقريباً، توزعوا بطريقة أنيقة في دائرة كبيرة حول القاعة، بينما انتشرت مجموعات دائرية في وسط القاعة تهادت بينها العارضات بطريقة سنحت الفرصة لمشاهدة مقربة جداً للفساتين.

ولم تزد المجموعة عن 25 تصميماً، تميزت ببساطتها الرومانسية والكلاسيكية الشديدة الترف التي عززتها الخطوط المنسدلة الرقيقة لعشرينات القرن الماضي، بادئة عرضها بطقم من سترة وسروال من اللون الأبيض الكريمي ذي الخطوط الرجالية القوية، على الرغم من أنوثته، كاسرة بذلك قاعدة فساتين الزفاف الأنثوية الرومانسية، ومعززة فكرة مجموعتها المقبلة من حقبة قديمة تأثرت بالحرب العالمية وتأثرت خلالها النساء بالخطوط القوية الرجالية، إلا أن ذلك لم يستمر طوال العرض.

وبدأت المصممة بعد طقمين من فكرة رجالية وخطوط أنثوية كان ثانيهما أسود اللون، بإظهار الجانب الأنثوي من تلك الفترة، من دون أن تخرج عن درجات الأبيض الكريمي اللؤلؤي التأثير، ومن دون أن تبتعد كثيراً عن فساتين بلا أكمام أو كتف تدعمها مظهرة بذلك خطوط الكتف الناعمة والدقيقة لدى المرأة، بينما تفاوتت أطوال الفساتين بين الشديدة القصر إلى الطويلة المذيلة، بالإضافة إلى تقديمها عدداً من الفساتين ذات الألوان الفاتحة من لون البيج اللؤلؤي الداكن والمعروف باسم «شامبين» أو الفضي، والتي يمكن أن تكون مناسبة لغير حفل الزفاف، أو للحفلات التي تسبقه من عقد قران أو خطوبة.

بذخ

وعلى الرغم من البساطة الشديدة في الخطوط، وعدم المبالغة في حجم فساتين الزفاف وانتفاخها أو التطريزات المستخدمة فيها، إلا أن عكرة حرصت من خلال المجموعة على تعزيز فكرة البذخ والترف في التصميم، سواء عبر اختيار الخامات أو الكرم في التطريزات التي بدا واضحاً الجهد اليدوي الحرفي فيها، وظهرت البساطة في المشغولات اليدوية، عبر ابتعادها عن استخدام الكريستالات اللمّاعة المشوشة للنظر، والتي عادة ما تعيق رؤية الفكرة والتصميم الحقيقي للتطريز تحتها، ما جعلها تستخدم مواد أخرى للتطريز من لؤلؤ وقصب وترتر ونثر بسيط جداً للكريستال على بعض الفساتين، معززة عبره فكرة الالتماع الموارب.

واستخدمت عكرة عدداً من الخامات التي تتميز بصفات وطبيعة خاصة، سواء في مدى لمعانها، أو انسيابيتها، من الكريب الشانتوني، والتور، بالشكل الأكبر، بالإضافة إلى الشيفون، والساتان الغني، إذ وظفت كلاً منها بحسب التصميم والقصة المستخدمة واحتاجت بعض الفساتين الى فكرة الانسدال الشديد، ما تعزز عبر الساتان.

تطريز يدوي

وتميزت تصاميم أخرى بثباتها، وميلها للانتفاخ عبر الكريب الشانتوني، وكان التأثير المتطاير بخفة للشيفون متميزا من خلال استخدامه في طبقات وكشكشات صغيرة رقيقة، بالإضافة إلى التور الذي استخدم بشكله الطبيعي المواري الشبيه بتأثير الغيوم المخفية، والمظهرة في آن واحد لجمال ما يقبع خلفها، أو عبر تطريز كامل بالخيوط والشذرات واللآلئ والترتر، أو بالورود فقط والكريستال، بشكل حوّلها إلى خامة أخرى جديدة تظهر في مساحات لا تزيد على السنتيمتر الواحد أو نصف السنتيمتر جزءا من أجساد العارضات على طول الفساتين.

وكان التركيز الأكبر للتطريزات المنمنة اليدوية ـ التي تعتبر بصمة عكرة الشهيرة والخاصة بها ـ على منطقة الصدر، والجذع، بالإضافة إلى بعض اللمسات على الأذيال، والتي تنوعت بين تلك ذات الخطوط العرضية، أو المتموجة، أو الهندسية المزخرفة، أو المنسدلة بانتشار موزّع على الوسط والأرداف، والتي تميزت بنعومتها ورقتها الشديدة، ما قد يصعب رؤيته إلا عبر النظر المقرب، الأمر الذي أعانه طريقة العرض القريبة من المدعوين حتى اللمس، بينما قد لا تبدو للناظر عن بعد سوى فخامة وجمال التصاميم والتطريزات وتداخلها الأنيق مع بعضها بعضا.

قلائد

اجتمعت غالبية التصاميم على فكرة الافتقار إلى الأكمام أو الحمّالات، عبر قصّات صدر، منها ذو الخطوط العرضية المستقيمة، أو الأخرى القلبية، في قوالب مثبتة وشادة لمنطقة الجذع، عدا ابتكارين تزينت خلالهما منطقة الصدر بقلائد مثبتة في الفستان من أحجار الكريستال الملونة الكبيرة والصغيرة من الأبيض والأخضر الزمردي تتصل بالكتف بشكل دائري كبير، بينما تميزت قصات الخصر، بين تلك العالية بتنورة طويلة، وأخرى ضيقة بخصر طبيعي الارتفاع وآخر حتى نهاية الوسط بقصة قميص ضيقة ومنفصلة تعرف باسم «قصة الأميرة»، كما تميزت أخرى بضيقها حتى الأرداف والاتساع لاحقاً، وأخرى حتى الركبة شبيهة بقصة الحورية، ولكن بحدة أقل في الخطوط.

وكان أكثر ما ميز التصاميم هو عامل المفاجأة الذي قدمته عكرة، عبر تميز التصميم من الخلف، سواء عبر قصات الظهر أو الأذيال التي تميزت، وأكدت الخبرة الحرفية والجودة المترفة لأعمال المصممة، حيث تنوعت قصات الظهر، بين تلك المستديرة المفتوحة، والأخرى الطولية ذات الزاوية الحادة، بينما كان للأذيال شأن آخر، حيث تفاوتت بين الطويلة المنسدلة بشكلها الدائري الواسع، مع ابتعادها في كل المجموعة عن الأذيال الطويلة، والأخرى المعكرة في مجموعات عفوية منسدلة ومنتفخة في عقد مختلفة، وتلك التي تميزت بعقد ظفيرية متجمعة على ذيل منسدل، بالإضافة إلى أذيال توسعت تلقائياً وبانسيابية من تنورة الفستان بتجمع مفصول بشكل وهمي عن المنطقة الأمامية من الفستان، كما لو كان هناك ما يدفعها إلى الخلف، كما تميزت أذيال أخرى بتجمعها الشبيه بعرف الديك على طول الفستان من الخلف ابتداء من الظهر وحتى الأسفل، أو أخرى ابتداء من نهاية الظهر وحتى نهاية الفستان، بشكل ثابت لم يتحرك، بسبب طبيعة الخامة الثابتة، أو تلك التي انسدلت عبر طبقات متنوعة كان بعضها متفاوتة في أحجام واتجاهاته، بينما كانت أخرى ذات طبقات متساوية صغيرة وكثيفة، وأخرى تميزت بقصرها من الأمام وظهور طبقة مميزة من التور المطرز الحواشي.

إكسسوارات

 
تميزت اكسسوارات العرض، بتأثيرها العشريني الفرنسي البسيط، إذ ارتدت العارضات شعورا مستعارة سوداء شديدة القصر مزينة بقبعات من التور المكشكش الملتصق بالرأس والمزين بورود سوداء، أو عبر شرائط مخملية مزينة بأحجار ملونة من الكريستال، أو تيجان بسيطة ثبتت على الرأس، أو قبعات صغيرة جداً سوداء اللون امتزجت مع سواد شعر العارضات، بينما تزينت بعض الفساتين بشرائط من الساتان المزين بالورود، مع تأثير غامض ومغوي للماكياج، بأحمر شفاه من الأحمر الداكن جداً، ورموش مستعارة طويلة الأطراف تصل حتى خدود العارضات، بينما تهادت العارضات على أغانٍ فرنسية كلاسيكية قديمة عززت من التأثير المطلوب.

حلم... ونجاح
تعد مصممة الأزياء الأميركية اللبنانية الأصل، ريم عكرة، واحدة من أشهر مصممات فساتين الزفاف في أميركا، وذلك بعد انتقالها، وهي في سن مبكرة، من لبنان إلى أميركا، متدرجة في مجالها، ومعتمدة بصمتها الدائمة، من التطريز الحرفي اليدوي الأنيق للفساتين، بينما بدأ حبها للتصميم منذ الطفولة، حيث كانت تمتلئ صفحات كتبها المدرسية بشخبطات ورسومات، كانت تأخذها بعيداً نحو حلم، حققته بنجاح كبير.
تويتر