روّاد الأعمال هم أصحاب الرؤية المستقبلية وصنّاع التغيير الحقيقيين في المجتمع

قال الدكتور إيهاب حمارنة، معلم ومدرب قائد تغيير ، حول ريادة الأعمال والأهداف وجذب النجاح وغيرها الكثير، إن العالم يعيش مرحلةً غير مسبوقة في التاريخ البشري، حيث يمكن لأي شخص الان ان يقوم بإيصال صوته للعامة من غير المنصات التقليدية مثل التلفاز والراديو، عن طريق استخدام منصات التواصل الاجتماعي من منزله مجاناً. مما يفتح مجال غير مسبوق للأشخاص ان يشاركوا اهتماماتهم وشغفهم، ليقوموا بتحويله لمحتوى استراتيجي او حتى علامة تجارية خاصة في صفحات التواصل الاجتماعي، وفي التدرج في سلم النجاح قد يصبحوا من المؤثرين والقادة في مجالهم، ليحدثوا تأثير وتغيير جذري في سلوكيات المتابعين والثقافة العامة، ومن غير مناصب سياسة او اجتماعية.

وهذه النقلة في مفهوم التأثير، من المنصب الى القدرات الابداعية في صناعة المحتوى، فتحت الباب على مصراعيه للمبتكرين في وسائل التواصل الاجتماعي لإحداث تأثير أكبر، مشكلاً نوع جديد من الرابط الاجتماعي بين الناس يتعدى العشائرية والاقليمية، الى الترابط على مستوى الشغف والاهتمامات.
 فالتأثير الان هو (العملة الأهم) ليس فقط اجتماعيا بل حتى اقتصاديا، فأي شخص قام ببناء علامة تجارية في صفحات التواصل الاجتماعي من محتواه، هو قادر بكل بساطة على تقديم خدمات ومنتجات ذات قيمة للمتابعين، لتفتح بالمقابل مصادر دخل لا محدوده للشخص. فالان بغض النظر عن العمر والشهادات التعليمية، أي شخص قادر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة أفكاره ومعلوماته مع الآخرين في مختلف أنحاء العالم. ولذلك تُعد مهارات تقديم المحتوى وتلاوة القصص كالخطوةً الاساسية في بناء التأثير في صفحات التواصل الاجتماعي. حيث يمكن لصانع المحتوى بهذه الطريقة أن يُلهم الآخرين، ويبني مجتمعاً كاملا حول اهتماماته وأسلوب حياته. ويفتح هذا المجال فُرص اقتصادية جديدة لصناع المحتوى، تتيح لهم تقديم منتجاتٍ أو خدماتٍ معينة للمجتمع الذين يخدموه (حتى وإن كانوا مجرد وسطاء لهذه المنتجات والخدمات)، ما يضمن تنوع طرق الدخل المادي وعدم حصرها في الوظائف التقليدية. ويعتمد الأمر على أصالة الشخص وعمله الجاد وإبداعه في تقديم المحتوى، وليس على الشهادات التي يمتلكها وحسب. ولكن هذه الفرص لا تخلو من التحديات في الوطن العربي، فمن خلال تجربتي مع الجمهور العربي على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي حسابات المؤثرين خاصةً، أنه جمهور ذات طابع عاطفي؛ فهو إما من المحبين أو الكارهين للمحتوى المطروح. وأعتقد أن هذا التطرف هو ناتجٌ عن عدم تقبّل الاختلافات الثقافية وغياب التفكير النقدي. لذلك على صاحب المحتوى ان يبني نضوجه الداخلي بالتدريج، للوصول الى حالة الحياد مع التعليقات سواءا بالإيجاب أو السلب. ولكن مهما كانت التحديات، فنحن نشهد فرص غير مسبوقة للجميع في عالم التواصل الاجتماعي. فأنا لا أعتقد أن أيّ حدثٍ في التاريخ قد غيّر مشهد التوظيف مثل وسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت الفرصة أمام الأشخاص، وخاصةً صناع المحتوى، لمشاركة أفكارهم وأسلوب حياتهم مع العالم مباشرةً متجاوزين حدود الزمان والمكان.

وحول جوهر حركة "كن أنت" وكيف يتفاعل معها سكان المنطقة وأهم الإنجازات والتأثيرات التي حققتها الحركة حتى الآن، قال  الدكتور إيهاب حمارنة: "تهدف حركة (كن أنت) لإلهام الناس ان يعبروا عن ذاتهم بحرية، حتى يعيشوا حقيقتهم الأصلية على الأرض، في مختلف جوانب الحياة. وهذه ليست بالعملية السهلة في المنطقة العربية، خصوصا إننا نعيش في ظل ثقافةٍ مغلقة تحكمها الكثير العادات والتقاليد، والتي يصعب فيها التميّز عن الآخرين. ولهذا السبب تسعى حركة "كن أنت" إلى تمكين الأفراد للتعبير عن أسلوبهم الخاص الفريد. ويتطلب ذلك عدداً من الخطوات منها اكتشاف الذات، والتدرج في رحلة القيادة والفكر المستقل، بما يضمن الوصول إلى أعلى تعبيرٍ ممكن عن الذات. وأعتقد أنه لا يوجد على الأرض شيءٌ أقوى وأجمل من الإنسان الذي يعبر عن شخصيته الحقيقية بحرية.
وقد واجهت الحركة العديد من التحديات في البداية، نظراً لأفكارها غير التقليدية وحتى الثورية في العالم العربي. وكان عليَّ في البداية أن أقنع الوعي العربي بأهمية اكتشاف الذات، كمحفز للابداع والتقدم وحتى التطور المادي، ثم مساعدة الناس في المضي في هذا الطريق عن طريق العمل الداخلي للنهوض في التعبير الأصيل من الشخص. وهذا تطلب مشاركة كميةً هائلة من المعارف التي تساعد الناس على اكتشاف ذاتها والتحرر من سجن الاحكام. وتعرضت الحركة، مثل أي حركةٍ تغيير أخرى في بداياتها، إلى الرفض والسخرية من قبل الكثيرين، وحتى من قبل الأصدقاء والمقربين. لكنني تابعتُ بعزيمةٍ وإصرار حتى بدأ عدد الأشخاص المهتمين بهذا النوع من المعارف بالازدياد. وأشعر بالامتنان العميق اليوم لوصولنا إلى ملايين المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، وانضمام طلاب من أكثر من 40 دولة مختلفة إلى أكاديمية "كن أنت" مدفوعين بالشغف الحقيقي للمعرفة والرغبة باكتشاف الذات. ويسرني للغاية النجاحات المستمره لمجتمع كن انت سواءا في مساعدتهم اكتشاف ذاتهم او السعي لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.  فنحن نتلقّي دائما الكثير من رسائل الشكر وقصص النجاح المذهلة، وأذكر على وجه الخصوص مقطع فيديو أرسلته طفلةٌ صغيرة بعمر 6 سنوات تشكرنا فيه على التغيير الجذري الذي حدث لوالدتها بعد مشاهدة المحتوى الذي تقدمه (كن انت، لتصبح أكثر هدوء واتصال مع ابنتها.

وحول مشهد ريادة الأعمال في المنطقة والاقتراحات وباقة العروض والجلسات التدريبية التي تقدمها لروّاد الأعمال، قال الدكتور إيهاب حمارنة: "أعتقد أنّ روّاد الأعمال هم أصحاب الرؤية المستقبلية وصنّاع التغيير الحقيقيين في مجتمع اليوم. وأعني هنا رواد الأعمال الذين يسعون التأثير الصادق وخدمة الأشخاص بكل احترامٍ وإخلاص. في الماضي تعيّن على الأشخاص الانضمام إلى المنظمات السياسية والحكومية ليتمكنوا من التعبير عن أفكارهم والتأثير الايجابي في العامّة. ولكن أصبح الآن بإمكان أي رائد أعمال يملك رؤيةً مستقبلية ومهارات تقديم المحتوى أن يروّج لأفكاره ومنتجاته باستخدام هاتف ذكي فقط. وإذا واظب رائدالأعمال على الخدمة الصادقة، لا بدّ أن يصل إلى جمهورٍ أكبر ويحقق تأثير ونجاح احترافي عن طريق بناء علامة تجارية قوية مدعومة بمجتمع مميز من الأشخاص الذين يشاركوه الاهتمامات نفسها. وتقدم علامتنا التجارية مجموعةً متنوعة من الكورسات الموجهّة لروّاد الأعمال الناشئين، والتي تتناول مهارات الحديث العلني ومنهجية التفكير الضرورية للنجاح وسط عالم اليوم سريع التطور. ونركّز في الأكاديمية على مساعدة روّاد الأعمال على احتراف ذهنهم بما يساهم في تحقيق طموحاتهم. كما نقدم لهم مفاتيح النجاح وصناعة الثراء خطوةً بخطوة في منهاجنا في الاكاديمية.

وحول صفات القيادة الناجحة، قال  الدكتور إيهاب حمارنة: "تتمحور القيادة الهادفة حول (العالم الداخلي) للقائد ذاته، أي أن القيادة الحقيقية تبدأ باحتراف القائد لفكره وتنظيم رؤيته الداخلية من الداخل. ويدرك جميع القادة أهمية التواصل العميق مع أنفسهم للنجاح في التأثير بالآخرين ودفعهم نحو التغيير.لذلك تستقبل جلساتنا التدريبية العديد من القادة والمدربين الذي يسعون إلى تعزيز معرفتهم بذاتهم ورسم صورة واضحة لأهدافهم في الحياة، قبل قيادة الآخرين في الخارج. وقد توصلتُ من خلال تجاربي عبر السنوات إلى أن الصفة الرئيسية للقيادة الهادفة هي النية الصادقة للقائد بالتغيير من الداخل لهدف الخدمة والتغيير. وإدراك هذه المعلومة يغير الطريقة التي يرى فيها الناس القيادة بشكل عام، ليحوّل اهتمامهم من السعي لنيل ألقاب الفارغة، إلى خوض رحلة داخلية لتطوير ذاتهم واكتشاف رسالتهم الحقيقية، لتجسيدها من خلال مثالٍ حي للخدمة الصادقة. وتتطلب هذه الرحلة الداخلية أن يواجه القادة مخاوفهم وحقيقتهم بشجاعة، بدلاً من الهروب منها أمام  قناع المناصب والمواقع. ولهذا تدور القيادة الهادفة حول رغبة الشخص في التواصل مع ذاته وقيادتها من الداخل قبل ان يقوم بقيادة أي شخص في الخارج. فلن تفلح القيادة ما لم يقود الشخص نفسه اولا واخيرا.

وحول العقبات التي تمنع الأشخاص وروّاد الأعمال والقادة من تحقيق طموحاتهم وكيف يمكنهم معالجتها، قال  الدكتور إيهاب حمارنة: "يصعب على معظم الأشخاص، وخاصة القادة وروّاد الأعمال، الاقتناع بأنّ ما يمنعهم من التقدم ليس العالم الخارجي أو الاقتصاد أو حتى السياسة، بل أنفسهم. وتحدث العلامة الفارقة في حياة الأشخاص عند تقبلهم لهذه المسؤوليه لبدأ العمل الداخلي، والتي تخلق بعدها عادةً  شعور بالامتنان للتجارب التي خاضوها، بإدراكهم بأن العقبات التي واجهتهم او ستواجههم هي بالأصل من داخل عقولهم، ولذلك الحلول تبدأ من الداخل. وبدلاً من لوم الظروف الخارجية، يبدأ القائد بالسعي للتغيير من الداخل، لتحقيق المزيد ولعب دورٍ أكبر في الحياة. وأحرص دائماً على تذكير الآخرين أن القيادة وريادة الأعمال تبدأ من الاحترافية الذهنية للشخص أولاً واخيراً، ليتمكن من الاستفادة من الموارد التي أمامه الان، وتنمية القدرات والمهارات المطلوبة للتقدم نحو الأمام. وأؤكد أنّ كل شيءٍ يصبح ممكناً عندما يتحكم الشخص بذهنه ويتجاوز الحدود الداخلية التي يرسمها لنا عقلنا، والتي لا تتعدّى كونها مجرد أفكارٍ".

تويتر