وسائل التّواصل الاجتماعيّ في رمضان

شهر رمضان نزل فيه القرآن، هو شهر الصّدقة والرّحمة والعتق من النّار، نتدبّر معانيه ونفهم مراميه ونتفكّر بأسراره ونتفقّه أحكامه، شهر البناء والعمل والابتعاد عن الكسل، ففيه دواء لكلّ قلب مريض، وراحة للّنفوس المتعبة، ونورٌ وفرجٌ لكلّ ضيق وظلمة.
هو كالشّمس تشرق على كلّ البشر، البعض يستمدّ منها النّور والدّفء، والبعض الآخر يبقى قابعاً في ظلامه الدّامس، لا يستغلّ هذه اللّحظات المباركة، يشغل نفسه ويلهيها عن طريق وسائل التّواصل الاجتماعي على اختلاف أنواعها، كالفيس بوك وتويتر وغيرها.
وسائل التّواصل هذه سلاح ذو حدّين، ينبغي التّحكّم بها حتى لا تتحكّم هي بالإنسان، وخاصّة الضّعيف منه، فتأسره بمواضيعها، مبعثراً وقته الثّمين باللّهو وأمور لا فائدة منها.

ولكي لا تفوت الإنسان لحظةً من هذا الشّهر الفضيل عليه أن ينظّم وقته بشكل جيّد، لينجز المهام الموكلة إليه، وبالتّالي يصبح أكثر انضباطاً في حياته، وللعلم إنّ تنظيم الوقت بالشكل الأمثل سيكون سبيلاً للحصول على وقتِ فراغٍ بترتيب الأولويات، الأمثل فالأمثل، خاصّة وأنّ شهرَ رمضانَ يُضاعَفُ فيه الأجرُ.

البعض يقوم بمتابعة أعماله عن طريق الانترنت أو يضطرّ للدّخول إلى مواقع التّواصل الاجتماعي وقضاء بعض الوقت، لا مانع من تخصيص موعد وزمن محدّد بحيث يُنهي واجباته، مستغلاً ما تبقّى من وقته  في الطاعة والعبادة،  لأنّه شهر الصّيام والقيام وقراءة القرآن، أمّا المدمن على وسائل التّواصل الاجتماعيّ يسرق وقته الرمضانيّ المخصّص للعبادة بالمحادثات، ومتابعة المشاهير والمناقشات بمواضيع دنيويّة غير مهمّة يمكنه العودة إليها في وقت لاحق، أمّا إن رحلت اللّحظات الثّمينة من شهر الخير فإنّها لا تعود أبداً، تذهب ويذهب معها الأجر.
لذا عزيزي القارئ امنح نفسك فرصة لتجديد روحك خلال شهر رمضان، نوليها لهذه الرّوح المشتاقة لأجواء العبادة الصّادقة، كالاعتكاف في المساجد مبتعداً عن مغريات الحياة الدّنيويّة، مستثمراً وقته قاطفاً ثمار عمله ورحمات ربّه.

فلنستغلّ هذه الأيام الثّلاثين، منظّمين استخدامنا لوسائل التّواصل الاجتماعيّ بكفء حيث لا تؤثّر على شهر العبادة، فهو شهر يأتي بسرعة ويذهب بسرعة، لا ندرك ذلك إلا بعد فوات الأوان، تقبّل الله طاعاتنا جميعا وجعلنا من المغفور لهم.

  بقلم.. مايا الهواري.. اول باحثة دكتوراة في الذكاء العاطفي والقيادة في الوطن العربي

تويتر