تشغل عضوية مجلس الإدارة في 8 شركات

عارفة الفلاحي: عيالي هم استثماري الحقيقي

عارفة الفلاحي: الحديث اليوم عن «تمكين المرأة» لم يعد في محله، لأن الإمارات تجاوزت هذه المرحلة بالفعل.

كشفت عارفة الفلاحي، وهي أول إماراتية تتولى منصب مدير بنك في إمارة رأس الخيمة، عن رؤيتها لصناعة القرار، والتحديات المستقبلية للمرأة العاملة، ومسؤوليتها في تحقيق التوازن بين القيادة المهنية والحياة الأسرية.

وتُعرف الفلاحي بخبرتها المصرفية التي تقارب 25 عاماً، وقدرتها على الدمج بين الرؤية الاستراتيجية وصناعة القرار. وتشغل حالياً عضوية مجلس الإدارة في ثماني شركات، وتعمل مستشارة لدى ثلاث جهات أخرى، أي أنها تعمل مع أكثر من 11 مؤسسة داخل الإمارة وخارجها.

ومن مسؤولياتها الحالية عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة رأس الخيمة، وشركة رأس الخيمة للتأمين، وشركة أسمنت الخليج، وشركة فلل للإسكان، إضافة إلى رئاستها للجنة المعارض في غرفة التجارة، وعضويتها في لجان أكاديمية واقتصادية في كليات التقنية العليا.

وقالت الفلاحي في حوار لـ«الإمارات اليوم» إن الحديث اليوم عن «تمكين المرأة» لم يعد في محله، لأن الإمارات تجاوزت هذه المرحلة بالفعل، مضيفة: «نحن اليوم لسنا في مرحلة التمكين.. بل في مرحلة الاستمرارية. التحدي الحقيقي هو: هل تستطيع المرأة الاستمرار في مواقع القيادة؟ وهل تملك القدرة على التوازن بين العمل والأسرة وصحتها في ظل تسارع المتغيرات؟».

وأشارت إلى أن المرأة الإماراتية أثبتت قدرتها على التوازن حتى اليوم، لكن المرحلة المقبلة تتطلب وعياً أكبر بمتطلبات الصحة النفسية والبدنية، لأن المسؤوليات تتضاعف كلما ارتقت المرأة في التوازن بين القيادة والأسرة.

التحدي الأكبر

وفتحت عارفة الفلاحي قلبها لتروي الجانب الآخر من رحلتها، وهو جانب قلّما يظهر للناس كما تقول وهي تبتسم بثقة الأم التي خاضت الكثير: «قد يظن البعض أن إنجازاتي كانت فقط في المناصب والقرارات، لكن الحقيقة أن نجاحي الأكبر كان داخل بيتي.. مع أولادي».

وتتذكر بتأثر كيف كانت تعود من اجتماعات طويلة ومسؤوليات ثقيلة، ثم تبدأ يوماً جديداً داخل المنزل، وقالت: «أولادي هم استثماري الحقيقي. علّمتهم كل شيء وهم صغار، واليوم أراهم أشخاصاً قادرين، مثقفين، ويعتمدون على أنفسهم.. وهذا بالنسبة لي أعظم إنجاز».

وأوضحت الفلاحي أن التحدي الأكبر في حياتها لم يكن في إدارة فرق العمل أو قيادة المؤسسات، بل في الموازنة بين قيادة بنك وبين تربية أبناء يحتاجون حضوراً يومياً واحتواءً نفسياً. وأضافت بصوت يحمل مزيجاً من الفخر والامتنان: «كنت أؤمن أن الأبناء لا يحتاجون الوقت فقط، بل يحتاجون عقلاً واعياً يرافقهم، وكلمة طيبة، ونموذجاً يرونه أمامهم. وهذا كان أصعب تحدٍّ في حياتي.. لكنه كان الأجمل».

استقالتي قبل استقالتهم

وقالت الفلاحي لـ«الإمارات اليوم» إن أصعب لحظات مسيرتها كانت حين وضعت استقالتها على الطاولة دفاعاً عن موظفيها، وتوقفت عند واحدة من أكثر اللحظات قسوة في مسيرتها المصرفية، خلال فترة جائحة «كورونا»، حين واجهت إدارتها أزمة مالية دفعتها إلى التفكير في إنهاء خدمات عدد من الموظفين لعدم القدرة على دفع الرواتب.

وتروي الفلاحي تلك اللحظة قائلة: «اتصلوا بي يومها وقالوا إن علينا الاستغناء عن عدد من الموظفين.. قلت لهم مباشرة: استقالتي قبل استقالتهم».

وشرحت: «هؤلاء الموظفون هم الجنود الحقيقيون.. هم من صنعوا نجاح عارفة الفلاحي، ولا يمكن أن أتخلى عنهم في أصعب الظروف. لو تخلّيت عنهم أكون أنانية، وأكون قد خذلت الأشخاص الذين وقفوا معي لسنوات».

وأشارت إلى أن القدر كان رحيماً في تلك اللحظة، إذ تداركت الإدارة العليا الموقف لاحقاً وقررت الإبقاء على الموظفين جميعاً دون أي استغناء.

المهارات والخبرات

وشدّدت الفلاحي على أهمية الانضباط واحترام الوقت، وإدارة العلاقات الإنسانية، إذ ترى أن القائد الحقيقي هو الذي يعرف كيف يدير الموارد البشرية والمالية، لأنهما أساس نجاح أي مؤسسة. وقالت: «نحن الآن الحمد لله عندنا التعليم للمرأة والرجل، ولكن يجب أن نركز على المهارات والخبرات. مهارة صنع القرار وكيف ندير الموارد البشرية والمالية مهمتين جداً، لأن هاتين الإدارتين من أهم الموارد التي نرى من خلالها مستوى القائد».

وأضافت «القائد هو من يعرف كيف يدير إدارة الموارد البشرية، لأن كل إنسان له تعبير معين، وله طريقة تحفيز معينة، وطريقة حوار معينة، وطريقة تعامل وتشجيع.. كل إنسان يختلف عن الثاني. وهنا يظهر دور القائد الذي يعرف كيف يدير الموارد البشرية».

 

رسالة للمرأة الإماراتية

ووجّهت الفلاحي رسالة للجيل الجديد من الفتيات الإماراتيات، قائلة: «اهتمي بدراستك، ولا تبحثي عن المكسب السريع.. ابحثي عن رفع الكفاءة والخبرة». وأضافت: «صناعة القرار تحتاج مهارات محددة. تعلّمي كيف تُدار الموارد البشرية، وكيف تُستثمر الميزانيات في المكان الصحيح.. فالقائد الناجح هو الذي يحقق نتائج ويوجه المؤسسة نحو التطوير». وأشارت الفلاحي إلى أن المؤسسات يجب أن تمنح النساء فرصاً حقيقية وتدريباً نوعياً، لأن المرأة تمتلك قدرات كبيرة، لكنها بحاجة إلى منصة تُظهر هذه القدرات. وأكدت الفلاحي أن المرأة الإماراتية أثبتت وجودها، وأن الاستثمار في تدريبها وصقل مهاراتها المهنية والقيادية هو الطريق الأهم لصناعة جيل جديد من القيادات النسائية القادرة على التأثير وصنع المستقبل.

حكمة القادة

وأوضحت الفلاحي أنها تتعلم وتستلهم من حكمة ورؤية القادة، وقالت: «نتعلم من المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، حينما قال (لا شيء يسعدني أكثر من رؤية المرأة وهي تأخذ دورها في المجتمع ويجب ألا يعيق تقدمها شيء)». وأضافت أن دعم القيادة الرشيدة للمرأة الإماراتية هو أساس كل ما وصلت إليه اليوم، وهو السبب الأساسي والداعم الحقيقي للنجاح.

وقدّمت عارفة الفلاحي نموذجاً حقيقياً للمرأة الإماراتية القادرة على صناعة القرار، لا بصفته «دوراً مكملاً»، بل باعتباره محوراً أساسياً في تنمية المجتمع. لتختصر تجربتها في جملة «المشكلة ليست في التمكين.. بل في أن نستمر، ونصنع القرار، ونوازن بين كل الأدوار».

تويتر