«قلق الشبكات الاجتماعية».. متاهة تضر بالصحة النفسية

صورة

منذ ظهورها في العقد الأول من القرن الـ21، بدأت الشبكات الاجتماعية على اختلاف أنواعها بالتأثير ليس فقط على حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية، بل وكذلك على صحتهم النفسية والجسدية. وبالفعل، فإن تداعيات الاستعمال المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي على جسم الإنسان يمكن أن تكون جسدية وعقلية ويمكن أن تقودنا بالفعل إلى تغيير رؤيتنا للحياة أو وعينا بأنفسنا، إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون في كثير من الأحيان بالاكتئاب والقلق والوحدة أكثر من أولئك الذين يقضون وقتاً أطول بعيداً عن الشاشات. موقع «هيلو كيرميديسين» الطبي قدم مجموعة من الملاحظات والنصائح منها:

إدمان «التواصل الاجتماعي»

في كل مرة تقوم فيها بتسجيل الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي المفضلة لديك، تزداد إشارات «الدوبامين» في دماغك. وبمرور الوقت، يعتبر دماغك هذا النشاط مجزياً. إضافة إلى ذلك، يتم تضخيم هذا الشعور بالسعادة هذا في كل مرة تحصل فيها على تعليقات إيجابية. ومع ذلك، فإن هذه المشاعر الإيجابية مؤقتة وحينية، تنتهي بانتهاء التجربة. ومع تلاشي «الدوبامين»، ستحتاج إلى إعادة تسجيل الدخول للحصول على المزيد، والانصهار بالتالي، في حلقة مفرغة من ردود الأفعال التي تشعرك بالمتعة والسعادة الواهية. وبالتالي، تصبح عادة الدخول على الشبكات الاجتماعية روتيناً لا إرادياً ونتاجاً لسلوك «إدماني» لا علاقة له بالاختيار يضاهي في غالبه أنواع الإدمان على ألعاب الفيديو وغيرها.

من جانب آخر، يستخدم العديد من شبكات التواصل الاجتماعي تصميمات مقنعة (الواجهة، الألوان، المحتويات) ويعتبر «التصيد الاحتيالي» حجر الزاوية فيها، باعتبار ما يتضمنه من عناصر تركز على هدفين أساسيين هما أكبر رصيد قيم لها وهما: جذب انتباه المستخدم والاحتفاظ به. فيما تتكون دورة التصيد هذه، من أربع مراحل تضمن تشكيل عادات لدى مستخدميها وهي:

التحفيز: يمكن أن يكون هذا خارجياً (الإشعارات، وما إلى ذلك) أو داخلياً (مرتبطاً بعادات الفرد).

الإنجاز: ويعتمد على ضمان تحقيق الهدف المنشود الذي قد يكون إجراء عملية شراء أو العودة إلى الموقع.

المكافأة: تختلف مستويات المكافأة لتترجم على شكل إعادة تغريد، تسجيل إعجاب أو رابط خصومات أو هدية.

الاستثمار المحكم: بمجرد مكافأة المستخدم، سيتم تعزيز استثماره في التطبيق، ومن ثم سوف يرغب في إعادة الدخول، أو التغريد، أو تسجيل الإعجاب، الأمر الذي سيغذي دورة الإدمان ويكرسها بشكل أكبر.

التفاعل واحترام الذات

من جانب آخر، يمكن أن ينشأ المزيد من المشكلات عندما تعطي أهمية كبيرة لحركة التفاعلات التي تتلقاها كمستخدم لهذه الوسائل (أو لا)، فإذا قمت على سبيل المثال، بنشر صورة ولم تحصل على الملاحظة والتفاعل اللذين ترغب فيهما، قد تشعر بخيبة أمل وبإحساس حقيقي بعدم الجدوى، فيما يمكن أن تحدث هذه الخيبة أيضاً عند مقارنة تفاعلاتك أو رسائلك بتفاعلات مستخدمي الإنترنت الآخرين. كل هذا، يمكن أن يشعرك بتدني احترام الذات، ويلهيك عن استكمال المهام الأخرى، وحتى القلق والشعور بالاكتئاب.

ممتعة لكنها مزيفة

توضح الفلاتر التي باتت تغزو الوسائط الاجتماعية وتشوه صورتنا إزاء أنفسنا، مدى قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على أن تكون إيجابية وسلبية في آن واحد. ففي الوقت الذي يجد الكثيرون استخدام هذه الفلاتر مسلياً وممتعاً، ينزلق آخرون في استثمارها لإخفاء العيوب وخلق أوهام جديدة وكاذبة، فوسائل التواصل الاجتماعي تخلق منصة للتفاخر والتباهي والتسابق على «مثالية» واهية تبدو فيها الأحداث والأشخاص وحتى السعادة نفسها أحياناً في حالة تنافس بالنظر إلى ما ينخرط فيه الناس من مقارنات غريبة لأفضل تجاربهم مع تجارب الآخرين، ما قد يؤدي إلى التوتر والقلق والاكتئاب وحتى ظهور بعض الأفكار الانتحارية.

«الخوف» من تفويت الفرص

يُعد «الخوف من تفويت الفرصة»، أو ما اتفق الخبراء على تسميته «فومو»، الذي يجسد شعوراً بالقلق من احتمال تفويت الأحداث المثيرة التي سيستثمرها أشخاص آخرون على وسائل التواصل الاجتماعي، سبباً آخر يجعل تصفح هذه الوسائط أمراً مشبعاً وجاذباً إلى أبعد الحدود، ينطلق من شعور البعض بالقلق بشأن فقدان أحدث موضوعات المحادثة الدارجة، أو إحدى الصور الفكاهية و«الميمات» الساخرة لتوصيل بعض الرسائل والانخراط في موجة «الشائع» و«المتداول» على هذه الصفحات. وفي الوقت الذي يؤدي هذا النوع من القلق الاجتماعي، نحو قضاء المزيد من الوقت أمام الشاشات، فإنه يمكن أن يدفعنا في المقابل، نحو مضاعفة نسب تفاعلنا مع وسائل التواصل الاجتماعي ومفاقمة حالة عدم الرضا، فيما تؤول بعض محاولاتنا للتخفيف منه، إلى تفاقمه.

• الاستعمال المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي يؤثر في جسم الإنسان وعقله.

تويتر