نهاية ذروة تلفزيون الإنترنت وبزوغ هوليوود الجديدة

توصلت نقابة الكُتّاب في هوليوود إلى اتفاق جديد مع استوديوهات منصّات البث التدفقي على الإنترنت أنهى خمسة أشهر من الإضرابات، وكنتيجة مباشرة ارتفع سقف معايير تجديد المسلسلات الجديدة - يعني تجديد المسلسلات لمواسم جديدة لن يكون تلقائياً كما تفعل «نتفليكس» و«أمازون» في كل أعمالهما بغض النظر عن النجاح والفشل - وبالتالي فإن عدداً أقل من العروض سيدخل مرحلة الإنتاج، ما يعني أن المستفيدين هم نخبة قليلة من العاملين في الصناعة.

سيسرع الاتفاق موجة تقليص النفقات التي ضربت هوليوود منذ أكثر من عام. وهذا يعني أن الاتفاق يمثل نهاية رسمية لمرحلة ذروة التلفاز التي بدأت منذ عقد بالضبط، أي في 2013. وسميت بالذروة لأنها كانت عبارة عن انفجار في البرامج والمسلسلات بشكل لم يحدث في تاريخ صناعة التلفزيون قط، وبالتالي وفرت فرصاً ووظائف لطبقة مهمشة في هوليوود لم يحالفها الحظ في العمل مع شبكات التلفزيون التقليدية أو قنوات «الكيبل» المدفوع.

انتصارات

فاز الكُتّاب بتنازلات كبيرة في الاتفاق تتضمن أرباحاً إضافية وعائدات امتياز أعلى من قبل. وهذه الانتصارات تعد ذات أهمية كبيرة لكثير من هؤلاء الذين عانوا سوء الحظ، بسبب ضعف اختياراتهم، أو أولئك الذين لم يجدوا أعمالاً جيدة تخلف مسلسلات ناجحة عملوا بها وظلوا يعيشون على فتات رسوم الامتياز التي تصلهم من إعادة عرض الأعمال الناجحة.

أضف إلى ذلك عمليات معقدة من إعادات الهيكلة ضربت كبريات شركات هوليوود بسبب ثقل ديونها والتقلص الكبير الذي ضرب صناعة تلفزيون «الكيبل» المدفوع، وهو ما قاد إلى مرحلة تقليص النفقات وتسريح العاملين.

في ظل الاتفاق، على خدمات البث التدفقي مثل «نتفليكس» و«أمازون برايم» و«هولو» و«ماكس» إيجاد طريقة لدفع الأجور الجديدة المعدلة للعاملين في المسلسلات - وهؤلاء العاملون هم الكُتّاب والمخرجون في هذه المرحلة ولاحقاً سينضم إليهم الممثلون والممثلات - دون أن تزيد الكلفة الإجمالية للعمل الفني.

هذا معناه أن هذه الشركات ستضطر إلى تقليل عدد المسلسلات والبرامج مستقبلاً، وإلغاء ما كان على أجندتها في الفترة الماضية قبل انفجار الإضرابات في مايو الماضي. عملياً، سيستفيد الكثير في هوليوود من هذا الاتفاق، لكن هذا يعني حتماً أن التقليص في الإنفاق سيعني قليلاً من العمل أو أقل بكثير عن الفترة الماضية.

لاعبون متمردون

طوال العقد الماضي، مثلت شركات البث التدفقي تحدياً كبيراً لهوليوود التقليدية، بل كانوا بمثابة لاعبين متمردين في الصناعة، لكنّهم اليوم هم اللاعبون الرئيسون الذين يجلسون إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي نقابات العاملين، أو على الأقل هذا ما ظهر بعد اتفاق هؤلاء مع نقابة الكُتّاب.

كان سبب خلاف نقابة الكُتّاب مع شركات البث أن الأخيرة شروط دفعها غامضة ولا تعرض مكافآت مجزية للأعمال الناجحة كما تفعل شبكات التلفزيون التقليدية. لكن في ظل الاتفاق الجديد فقد ضمن الكُتّاب شروطاً واضحة لمكافآت مجزية لو حققت أعمالهم أرقام مشاهدات عالية. كما كان الكُتّاب قلقين من اتجاه شركات البث على الإنترنت لتقليص عدد العاملين على كتابة النصوص نتيجة حملة التخفيض المذكورة آنفاً، وانتزعوا من الشركات ضمانات ألا يتجاوز التقليص حداً معيناً.

المشكلات كثيرة

من ناحية الاستوديوهات، فقد قال هؤلاء إنهم لن يتيحوا معلومات عن مشاهدات أعمالهم للجمهور العام، رغم مطالبة الكُتّاب بالشفافية في إعلان الأرقام. لكن بدل ذلك ستعطي استوديوهات المنصّات المعلومات عن الأعمال الناجحة إلى النقابات فقط بشكل سري.

كما توصل الطرفان إلى اتفاق أنه يحق للمنصّة استخدام نصوص الكُتّاب في عملية تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، وفي المقابل يحمي الاتفاق الكاتب ويحصل على حقوقه كاملة حتى لو استخدم استوديو المنصّة الذكاء الاصطناعي في تعديل النص أو تغييره بشكل عام.

مشكلات هوليوود حالياً تتركز في الهياكل الإدارية للشركات، وهي أكبر بكثير من المشكلات المعتادة المتمثلة في البحث عن أعمال ناجحة. المشكلة الجذرية أن هناك كثيراً من شركات البث التدفقي (ستريمنغ)، وهو ما يسبب حيرة لدى المستهلك، ويبعثر حسابات الشركات من الناحية الاقتصادية. والحلول المتوافرة حالياً هي دمج الشركات ببعضها أو دمج الخدمات المتعددة لشركة ما ببعضها أو استثمار استوديوهين كبيرين في خدمة مشتركة، أو تقديم المحتوى على شكل باقات.

ما النتيجة المباشرة المتوقعة من الاتفاق؟ النتيجة عودة البرامج الحوارية الليلية مثل «ذا تونايت شو» لجيمي فالون، خلال الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري، لكن المشكلة تكمن في صعوبة استضافة ممثلين في الاستوديو لهذه البرامج الليلية الكوميدية، نظراً إلى التزام هؤلاء بإضراباتهم الهادفة لتحسين أحوالهم.

كما من المتوقع عودة الكُتّاب لاستئناف العمل على نصوص عدة، مثل: «آبوت إلمنتري» و«لو أند أوردر» و«سترينجر ثينغز»، لكن لن يبدأ أي إنتاج حتى تتوصل نقابة الممثلين إلى اتفاق مُرضٍ مع الاستوديوهات، وهذا من المتوقع حدوثه بنهاية أكتوبر.

أما سؤال المليون دولار فهو: «هل سيكتب الذكاء الاصطناعي نصوص الأفلام والمسلسلات في هوليوود؟»، الإجابة إلى الآن هي «حتماً لا وليس حتى قريباً». لكن المتوقع حدوثه في السنوات المقبلة أن الذكاء الاصطناعي سيستخدم كأداة عصف ذهني وللمساعدة في قراءة واختيار النصوص المناسبة للتصوير، إضافة إلى وضع الهيكل العام لفكرة فيلم أو مسلسل أو وضع تصور للحوارات مثلاً، وأما الجانب الإبداعي من الكتابة والتفاصيل فسيكون على عاتق الكُتّاب.

لكن حتماً سيتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل صُنع المؤثرات الخاصة المرئية. في نهاية الأمر، فإن الذكاء الاصطناعي يهدد الطرفين معاً، لأنه لو زاد استخدامه لدرجة تقليل كلفة النصوص، وبالتالي حصل انفجار في عملية تدفق النصوص الجيدة المكتوبة جزئياً أو كلياً بهذا النظام من ورشة الكتابة إلى مواقع التصوير، فهنا يمكن القول إن نظام هوليوود سينهار فعلياً أو سيتغير 180 درجة.

• سؤال المليون دولار: هل سيكتب الذكاء الاصطناعي نصوص الأعمال في هوليوود؟.

• فاز الكُتّاب بتنازلات كبيرة في الاتفاق تتضمن أرباحاً إضافية وعائدات امتياز أعلى من قبل.

• الاتفاق سيسرع موجة تقليص النفقات التي ضربت هوليوود منذ أكثر من عام.

أهم فوز

أهم فوز انتزعته النقابات من استوديوهات المنصّات: «إن أعضاء النقابات سيحصلون على عائدات في حال شاهد 20% على الأقل من مشتركي المنصّات العمل الفني في أول 90 يوماً من طرحه، والعائدات ستكون بين 9000 و40 ألف دولار، بحسب حجم المنصّة وعدد مشتركيها ونوع البرنامج ومدته».