«تايتانيك».. «قبر جماعي غارق» يستقطب السياح
منذ أن غرقت السفينة «تايتانيك» خلال رحلتها الأولى قبل أكثر من قرن، استحوذ حطامها الذي استقر في أعماق المحيط على اهتمام كبير، رغم ما تنطوي عليه زيارته من مخاطر، كان آخرها فقدان وموت الركاب الخمسة في الغواصة السياحية التي كان يفترض أن تخوض رحلة استكشافية في مكان غرق «تايتانيك»، الحدث الذي يصنف واحداً من أعظم الكوارث البحرية في زمن السلم.
وقبل هذه الرحلة الاستكشافية التي بلغ كلفة تذكرتها 250 ألف دولار، ألهمت السفينة الفاخرة التي اصطدمت بجبل جليدي روائيين ومخرجين ومغامرين كثراً راغبين في فهم ما حدث عام 1912 في مياه شمال الأطلسي.
فعندما أبحرت «آر إم إس تايتانيك» عامذاك من إنجلترا متوجهة إلى نيويورك، كانت تُعتبر بمثابة جوهرة تكنولوجية، وقد وصفها كثر بأنها سفينة محيط غير قابلة للغرق. وكانت «تايتانيك» التي كانت تحمل أكثر من 2000 شخص من ركاب وأفراد طاقم تُعتبر أكبر سفينة بُنيت حتى ذلك الوقت.
وعلى متن هذا القصر العائم الضخم ذي المقصورات الفخمة، كان متاحاً للمسافرين في الدرجة الأولى استخدام صالة للألعاب الرياضية وملعب أسكواش وحوض سباحة ومطعماً فخماً.
ولكن في مكان آخر من السفينة كان المئات من المهاجرين الفقراء مكدّسين وينتظرون الوصول إلى ما كان يعرف بـ«الحلم الأميركي».
لكن بالنسبة للجميع، تحولت الرحلة عبر المحيط الأطلسي إلى كابوس في 14 أبريل، ففي نهاية ذلك اليوم اصطدمت «تايتانيك» بجبل جليدي، فتشوّه بدنها واندفعت المياه إلى السفينة التي يبلغ ارتفاعها 269 متراً، وتحت وطأة المياه التي غزت المقصورات بدأت السفينة بالغرق.
ولم يكن متوافراً عدد كافٍ من قوارب النجاة على متنها، وما كان موجوداً لم يُحسن أفراد الطاقم استخدامه، نظراً إلى أنهم كانوا في حال ذعر وارتباك. تم تهريب النساء والأطفال أولاً، لكن بعض القوارب تُرك نصفها فارغاً.
وبعد ساعات قليلة من بدء الميل عمودياً، انشطرت السفينة الضخمة إلى قسمين وغرقت في الأعماق. والركاب الذين لم يتم إجلاؤهم ماتوا بسرعة كبيرة في المياه المتجمدة.
ولقي نحو 1500 شخص حتفهم في الكارثة، وتم انتشال 700 من الناجين فقط بواسطة سفينة «آر إم إس كارباذيا» التي استجابت لنداءات استغاثة «تايتانيك».
وبقي الموقع الدقيق للحطام لغزاً لمدة 70 عاماً إلى أن تمكنت بعثة فرنسية أميركية عام 1985 من اكتشاف المكان الذي كان موجوداً فيه على عمق 3700 متر.
وأظهرت الصور التي التقطتها البعثة نصفَي السفينة المنشطرة في قاع المحيط، محاطين بالكثير من الحطام والبقايا من أثاث وأحذية وأطباق وأغراض أخرى كانت في الماضي على متنها.
ومنذ العثور على الحطام شهد الموقع زيارات من باحثين ومستكشفين وسيّاح ومخرجين سينمائيين.
ولاتزال تذكارات «تايتانيك» والتحف المرتبطة بها مطلوبة على نطاق واسع. وستباع قريباً رسالة كتبها راكب من أوروغواي مات في الكارثة بالمزاد العلني، كما بيع الكمان الذي عزف عليه الموسيقي وقائد الفرقة الموسيقية والاس هارتلي على السفينة لدى غرقها مقابل 1.7 مليون دولار عام 2013.
وبعد أن أصبحت هذه المأساة بمثابة دراما تاريخية تماماً مثل تدمير مدينة بومبي بفعل ثوران بركان فيزوف، تُولّد الكارثة فضولاً يزعج بعضاً من عائلات الضحايا ممن يُبدون سخطاً بسبب سياحة الأثرياء المستعدين لإنفاق ثروات لرؤية الحطام.
وقال جون لوكاسيو (69 عاماً)، الأربعاء، الذي قضى اثنان من أعمامه في المأساة: «أعتقد أنه أمر مثير للاشمئزاز بصراحة تامة».
وأضاف في تصريحات لصحيفة «ديلي بيست» الأميركية: «أتمنى أن يتوقف الأمر بصراحة تامة. هذا لا معنى له. هذا نزول لمعاينة قبر». وتابع قائلاً: «لقد ماتوا بطريقة مأساوية مروعة (...) إنهم لا يريدون أن ينزل الناس لرؤيتهم. اتركوهم وشأنهم».
• ألهمت السفينة التي اصطدمت بجبل جليدي روائيين ومخرجين ومغامرين من أرجاء العالم.