شخصيتان متناقضتان في حقبة تاريخية متقاربة

أنس طيارة.. «باشا رمضان»

بين شخصية الإقطاعي المتجبر، وطالب الحقوق صاحب الوعي السياسي العالي المنتقل من أروقة التحصيل العلمي إلى جبهات القتال مع الجيش العثماني، يطل الممثل السوري أنس طيارة، خلال رمضان هذا العام في دورين مختلفين في الشكل والمضمون، على الرغم من انتمائهما إلى حقبة زمنية متقاربة تحفل بكثير من التجاذبات والتناقضات والأحداث الفارقة التي تنقل بين تفاصيلها الفنان، مقدماً في الأول (الزند - ذئب العاصي) شخصية «نورس باشا»، وفي الثاني (سفربرلك) شخصية «يحيى».

«باشا رمضان»

على امتداد حلقات المسلسل الذي شارف على نهايته، تمكن النجم السوري أنس طيارة بشدة، من لفت الأنظار إلى شخصية «الباشا

»، الذي يسعى إلى السيطرة على تجارة وأرزاق كل الأراضي التي تقع على نهر العاصي في سورية، ليصطدم ببطل الحكاية «عاصي الزند»، الذي يقتل والده أمام عينيه دفاعاً عن أرضه، فيقرر حال عودته إلى قريته بعد الخدمة العسكرية، الانتقام والثأر، محاولاً تصحيح أخطاء الماضي وإعادة الحق إلى أصحابه.

من ثم، وبوتيرة متسارعة، تتصاعد أحداث العمل لتصل إلى مواجهة مباشرة وضارية مع «نورس باشا» الذي نشأ وترعرع في كنف والده الإقطاعي، ليصبح أكثر جشعاً وشراسة في نشر ظلمه واستبداده بين الفلاحين الضعفاء وكبح جماح «عاصي الزند»، فيربح مرات ويخسر أخرى، تاركاً للجمهور توقع مآلات هذا الصراع بعد خسارته الشهيرة في المزاد العلني لمصلحة «الزند»، في مشهد درامي حصد نسب مشاهدة واسعة واهتماماً جماهيراً خاصاً، إذ أشاد متابعون بأداء الممثل السوري أنس طيارة، الذي أثبت قدرة عالية على تجسيد الشخصية ونقل تفاصيلها الدرامية ببراعة، معتمداً على تميز أدواته الفنية والتعبيرية وخبرته الأكاديمية التي حصلها من المعهد العالي للفنون المسرحية، وتقديمه من ثم لعشرات الأدوار الدرامية منذ عام 2013، التي أتقن الفنان استثمارها في تجسيد معالم شخصية «نورس باشا» وانحطاطه الأخلاقي، وعكسها في تفاصيل حركاته على الشاشة ونظراته اللئيمة وحتى في مشيته المختالة وقهقهاته.

موهبة وإتقان

في الجانب الآخر من إطلالته الرمضانية هذا العام، نجح أنس طيارة، في تغيير جلده، والانتقال بحكمة من شخصية الإقطاعي إلى عتبة الطالب الحقوقي، ليلتصق بإتقان بشخصية «يحيى» ويكمل لوحة الأصدقاء الأربعة الذين جمعهم القدر في إسطنبول، ليدفعهم نحو معايشة أحد أكثر الفترات التاريخية العصيبة التي مرت بها البلاد العربية من الحجاز إلى بلاد الشام، وصدور «فرمان» الخدمة العسكرية الإلزامية من قبل السلطان العثماني آنذاك، فكان نصيبه مع صديقه «عبدالرحمن» أن يساقا مضطرين غير مخيرين إلى التجنيد، ويقرران بعد سلسلة لا متناهية من المآسي والأزمات والحروب الضارية، الهروب من المعارك والعودة إلى دمشق، مستكملين دائرة المصادفات في المدينة المنورة، بالتزامن مع سقوط الدولة العثمانية.

تجربة متزنة

من خلال ما تابعه الجمهور في هذا العمل، بدت تجربة الفنان أنس طيارة، في «سفربرلك» متزنة ومتكاملة العناصر الفنية، إذ نجح طيارة فعلياً في إقناع المشاهد بشخصية الشاب المثقف المتنور، المفتخر بانتمائه، والغيور على واقع أهله، في ظل الاحتلال العثماني، وما ارتكبته «جمعية الاتحاد والترقي» التركية آنذاك، من فظاعات بحق المفكرين ورجال الثقافة والمعرفة، وكذلك الصحافيين العرب. كما نجح الفنان باقتدار في الانتصار لمبادئه الإنسانية وأخلاقياته ووفائه لأصدقائه، خصوصاً صديقه «عبدالرحمن»، سواء في رحلة الأسر الطويلة أو فترة الدراسة في إسطنبول، وما رافقها من ملاحقات ومضايقات من السلطات العثمانية لمنتسبي «جمعية العهد العربية»، التي سعت متأخرة إلى رأب الصدع بين الضباط العرب والأناضول والبلقان.

• بدت تجربة الفنان في «سفربرلك» متزنة ومتكاملة العناصر الفنية.

• أشاد متابعون بأداء أنس طيارة، خلال تجسيد شخصية (نورس باشا) في مسلسل «الزند».

تويتر