يعود إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب طويل

جورج خباز المثقف العالق في «النار بالنار»

صورة

رغم ابتعاده عن الشاشة الصغيرة لأكثر من 11 عاماً وتفرغه على امتداد سنوات طويلة لخشبة المسرح، فإن إطلالة الممثل والكاتب اللبناني جورج خباز، في مسلسل «النار بالنار» للمخرج محمد عبدالعزيز، شكلت مفاجأة حقيقية لجمهور الدراما الرمضانية، توازت مع ما كرّسه العمل بدوره من حالة درامية متفرّدة، أضاءت بنوع من الشفافية وبالكثير من الجرأة، عدداً من القضايا الاجتماعية والإنسانية المختلفة التي تناقش لأول مرة على الشاشة.

في الوقت الذي برزت من قلب الأزمة التي يسبح فيها العمل، تجربة شخصية «عزيز» المثقف الانطوائي الذي يعيش صراعات نفسية قوية وتجاذبات داخلية عدة، ناتجة عن غياب والده القسري، الذي حمّل فيه عزيز المسؤولية للسوريين.

معالم عامة

على الرغم من البرود العاطفي الجلي الذي شكل السمة الأبرز لشخصية عزيز على امتداد حلقات المسلسل الدرامي المشارف على النهاية، الذي فسرته تجربة فقدانه القسري لأبيه منذ الطفولة ونشأته في بيئة تحكمها عمته القاسية الطباع، إلا أن سلسلة الصراعات والحروب والنزاعات التي شهدتها تجربته الشخصية في العمل، خصوصاً مع المرابي «عمران»، الذي يؤدي شخصيته الممثل السوري عابد فهد، كشفت - بشكل تدريجي - عن الكثير من التفاصيل الإنسانية والجوانب الإيجابية الخفية في شخصيته لتبرز التزامه بالمبادئ والأخلاقيات الرافضة للظلم والقهر الذي يمارسه المرابي مع أهالي الحي، رغم مشكلته القائمة مع النازحين الذين يجدهم (عزيز) السبب في الإخلال بالتوازن الديمغرافي للمجتمع اللبناني عامة ومجتمع الحي خصوصاً الذي يواجه أزمات بالجملة.

محطات

من خلال التركيز على تجربة «عزيز» المحورية في العمل، تتكشف معالم شخصية انطوائية تتحاشى التواصل والانغماس في مجتمع الحي ووضع الحواجز عبر إحكام إغلاق أبواب البيت بأكثر من قُفل، إلا أنه ومع تطور أحداث العمل، تظهر مميزات شخصية (عزيز) «مدرس البيانو» المحترف والرومانسي الذي يعشق المسارح والموسيقى ويدرس آدابها للأجيال لتصبح على امتداد حلقات المسلسل، تعبيراً عن حالته الوجدانية وصراعاته النفسية، وصولاً إلى علاقته الشائكة مع اللاجئة السورية «مريم» التي تؤدي شخصيتها كاريس بشار، والتي اعتبرها «عزيز» «شماعة» يعلق عليها همومه ونظرته التي بدت «عنصرية» تجاه جميع السوريين الذين نزحوا إلى الحي الذي يقطنه، ما دفعه إلى تعليق لافتة تمنع تجوالهم بعد الساعة الثامنة مساء، مثيراً بهذه الخطوة سيلاً من الانتقادات والهجوم والصدامات المتواصلة مع الجيران ومع «مريم» على وجه الخصوص، لتنقلب الحال بعد ذلك، ودون أي مبرر درامي منطقي، إلى ود ظاهر وتفهم لهموم «غرباء الحي».

الحقيقة أولاً

مع اقتراب حلقات المسلسل الرمضاني من النهاية، وتجلي خيوط الحبكة الدرامية، يكتشف البطل «عزيز» مكان دفن والده داخل مقبرة جماعية في لبنان، فتتضح الحقائق لترفع الستار عن صراعات سياسية داخلية ساهمت في تصفية الوالد من الداخل اللبناني، ما يفتح الباب واسعاً أمام تحول جذري من المتوقع أن يظهر في شخصية عزيز في نهاية المسلسل.

فرصة ذهبية

جاء مسلسل «النار بالنار» بمثابة فرصة ذهبية أتاحت بروز عدد من المواهب الفنية البعيدة عن دائرة الضوء عربياً، ولعل جورج خباز أحد هذه النماذج باعتبار ما ضمه رصيده من مواهب متعددة في مجالات الكتابة والتمثيل المسرحي والموسيقى، أبرزها تجربته كممثل ومؤلف لمسلسل «براندو الشرق»، مع نخبة من نجوم الدراما السورية واللبنانية، ومن ثم، دوره الحالي في مسلسل «النار بالنار» الذي جذب إليه الأنظار بشكل أوسع.

• إطلالة شكلت مفاجأة حقيقية لجمهور الدراما الرمضانية، توازت مع ما كرّسه العمل بدوره من حالة متفرّدة.

• مع تطوّر أحداث العمل، تظهر مميزات شخصية «عزيز» الذي يعشق المسارح والموسيقى ويدرس آدابها للأجيال.

تويتر