تلتزم بوصفات والدتها بحذافيرها ومطعمها يرفع شعار «لاقيني ولا تغديني»

«سلام» الفائزة بنجمة ميشلان في دبي: «أمي» سر الخلطة

صورة

ملتزمةً بوصفات أمها بكل حذافيرها، وبحنانها الذي تستعيده أيضاً، تعد الطاهية سلام الدقاق أطباقها في مطعمها في دبي، والذي يحمل هو الآخر لمسة وفاء للوالدة، فمكونات الوصفات منكّهة بالكثير من الحب والعطاء، إذ أرادت مؤسسته أن يكون وجهة للباحثين عن لقمة الأم بكل ما تحمله من خصوصية وذكريات جميلة.

نجحت سلام التي أسست «بيت مريم» منذ سنوات في دبي، في الفوز بنجمة ميشلان للخدمة والترحيب، وكذلك بأن تدرج ضمن قائمة «بيب غورمان» للمطاعم التي تقدم أفضل الأطباق بأسعار مقبولة ضمن الجائزة نفسها، لإخلاصها في إعداد الطعام وتقديمه وفق أفضل المعايير.

وكشفت سلام الدقاق لـ«الإمارات اليوم» عن سر الخلطة التي مكنتها من تحقيق ذلك النجاح: «كنت أحلم دائماً بتأسيس مشروع يرتبط بإعداد الطعام وأمنحه اسم أمي، لأنها كانت دائمة الحرص على إعداد أفضل الطعام لنا، فسعادتها كانت في إطعام أولادها، كما أنها كانت متميزة جداً في الطبخ، فـ(النَّفس) له دور كبير جداً في مذاق الطهي، وقد أخذت هذا منها، وإلى اليوم أسير على خطاها في حبي للطبخ ولإطعام الناس».

وأضافت: «أسست فكرة (بيت مريم) كنوع من ردّ الدين والتكريم لها على مسيرتها الجميلة معنا، كما أنني عشت في غربة وتنقلت في العديد من البلدان، فأهلي انتقلوا من فلسطين إلى الأردن، ثم إلى السعودية ما بين الرياض وجدة والخبر، وبعدها إلى أميركا، ثم إلى دبي، وهذا التنقل صعب ويترك الكثير من الأشياء داخل الإنسان، ولهذا يبقى تواقاً للأهل والأصدقاء».

ورأت سلام أن الترحال مفيد، إذ يمنح المرء الكثير من الغنى والعلاقات، مشيرة إلى أنها متخصصة في علم الاجتماع وعلم النفس، ولذا تحب التواصل مع الآخرين والتخفيف عن أوجاعهم، معتبرة أن «دبي كانت المكان الأمثل لتأسيس مشروعي، لأن الهدف منه ليس مجرد مطعم يقدم الأطباق، بل إيجاد مساحة يستطيع فيها الزوار أن يستمتعوا بالطعام والحديث، ويجدوا من يستمع إليهم، ولذا كان المكان الذي أسسته محمّلاً برسالة حب لكل من يدخله».

ترحيب خاص

وتؤمن سلام الدقاق بالمثل الشعبي «لاقيني ولا تغديني»؛ ولذا تولي أهمية كبيرة بالترحيب، إذ ترى هذا المثل صادقاً إلى أبعد الحدود، فلابد من الترحيب الحار بالضيف، ولهذا يشعر ضيوفها بأنهم أصحاب مكان، وليسوا زبائن في المطعم.

وبعد الترحيب، يستمتع الزوار بمذاق الطعام الجيد والأطباق التراثية، إذ حافظت صاحبة «بيت مريم» على الأكلات التقليدية، مشددة على أنه على الرغم من التطور الذي دخل على المطبخ العربي والشرقي، إلا أنها حاولت الالتزام بوصفات والدتها بحذافيرها، إذ تحفظ جميع النصائح والمعلومات التي أخذتها منها، وتحديداً حين كانت تطبخ لهم في فصل الشتاء حيث كانت تجلس بالقرب من المدفأة وتعد الطعام. ولفتت إلى أن التطوير في الأطباق جميل، إذ بات هناك من يحترفونه «ولكن في الأخير يعود الناس إلى أصل الطبق، فهذه المذاقات التقليدية هي التي يشتاق إليها كثيرون».

مكونات ونكهات

وتلعب المكونات دوراً كبيراً في مذاق الطعام، ولكي تقدم سلام الدقاق أطباقها بالنكهة نفسها التي كانت تعدها والدتها، لجأت إلى شراء البهارات من أماكن عدة، إذ تجلب الزعتر وزيت الزيتون من فلسطين، وتحضر البرغل من لبنان، والفريك من سورية، أما الخضر واللحوم فهي من الإمارات، وبهذه الطريقة تعد الوصفات بأقرب شكل لوصفات والدتها.

وأضافت «المنافسة في المطاعم كبيرة في دبي، إذ إنها من أكثر المدن التي تحتوي على مطاعم، ولذا فالتميز صعب، ولكنه يبدأ من الجودة في اختيار النوعية الجيدة لمكونات الطعام، وكذلك البهارات المميزة، إلى جانب النظافة خلال الطبخ، والأهم إعداد الأكل بحب وكأننا نجهزه للعائلة، فبقدر ما نمنح الأشياء تمنحنا، فالطعام يحتاج إلى النظافة والكرم كي يكون مميزاً».

أما عن خطط التوسع، فأشارت سلام الدقاق إلى أنه عُرض عليها كثيراً المشاركة أو حتى شراء الاسم لفروع أخرى، ولكنها كانت قلقة في السنوات الخمس الأولى، معتبرة أن الصعود يجب أن يكون درجة تلو الأخرى وبشكل هادئ، دون تعجل الوصول إلى نجاحات أكبر، فلكل مرحلة لها طعمها الخاص من النجاح، ومن الأفضل الاستمتاع بها. وبينت أنها تعمل على التحضير لفرع جديد، وسيكون في منطقة أقرب إلى وسط دبي، مشيرة إلى أنها دربت كل الفريق المعاون لها، وباتوا يجيدون إعداد الأطباق بأسلوبها نفسه.


«بيت مريم» نجحت صاحبته في أن تدرج ضمن قائمة «بيب غورمان» للمطاعم التي تقدم أفضل الأطباق بأسعار مقبولة.

«بيت» للجميع

قالت سلام الدقاق إنها تحرص على الوجود في مطعمها والتحدث إلى الزبائن والتأكد من أن الجميع مرتاحون، إذ تعتبر ذلك واجبها على حد تعبيرها، مشيرة إلى أنها تحرص على سماع آراء الزوار على أرض الواقع، موضحة أنها كسرت الحواجز بوصفها طاهية وصاحبة محل، فباتوا كأنهم عائلة وهذا أجمل ما يحمله المكان الذي بات «بيت أسرار» الكثير من رواده.

ونوهت بأن فوز «بيت مريم» بنجمة ميشلان للترحيب والخدمة، لم يكن سهلاً، خصوصاً أن المطعم ليس فيه أي نوع من أنواع الترفيه، فلا تقدم فيه النرجيلة ولا حتى برنامج فعاليات كبعض الوجهات الأخرى، ولذا فالترحيب هو أهم ما يمكن تقديمه للزوار.

سلام الدقاق:

«دبي كانت المكان الأمثل لتأسيس مشروعي، لأن الهدف منه ليس مجرد مطعم، بل مساحة يستطيع فيها الزوار الاستمتاع بالطعام والحديث».

«أمي كانت متميزة جداً في الطهي، فـ(النَّفس) له دور كبير جداً في المذاق، وقد أخذت هذا منها، وإلى اليوم أسير على خطاها». 

تويتر