ماري تيريز ترسم لوحاتها التجريدية بعد «الإقامة الفنية»

مدينة تشع بألوان الحياة.. دبي بريشة نمساوية

ماري تيريز أكدت أن برنامج الفنان المقيم يدعم المبدع ويوسع شبكة جمهوره. تصوير: باتريك كاستيلو

 «المدينة المفعمة بالحياة التي يمتزج فيها التراث بكل أشكال المعاصرة».. بتلك الصورة تعبر الفنانة النمساوية ماري تيريز مدني عن انطباعاتها حول دبي في معرضها الذي يحمل عنوان «نحو الغد»، والذي أنجزت أعماله ضمن برنامج الإقامة الفنية بعد أن أمضت ثلاثة أشهر في الإمارات، لتحمل الألوان في لوحاتها التجريدية روح الصحراء، فكانت بمجملها تميل إلى البني والذهبي مع ضربات من البرتقالي تأخذ المتلقي إلى ألوان الشمس عند المغيب.

أنتجت الفنانة أعمالاً تتقاطع فيها المساحة اللونية بين البياض والألوان الهادئة، وقليل من الضربات ذات الألوان القوية. وحولت حيوية مدينة دبي إلى شكل فني يعبر عن زخم الوقت الحاضر بصورة متوازنة ومفعمة بالحيوية. وهيمنت درجات اللونين البني والبرتقالي على مساحات الأعمال بشكل بارز، كأنها تخط عبر الألوان الرياح وفق أشكال تستعيد من خلالها حركتها في الطبيعة.

هذا المزج بين الألوان الداكنة والهادئة يدفع زائر المعرض إلى تأمل المدينة التي تسعى الفنانة إلى ترجمتها عبر اللوحات بين حالتي الهدوء والصخب، أو بين السكون والضجيج. تجمع في تركيبات اللون بين التجريد والتعبير لتقود المشاهد إلى خوض حوار عاطفي مؤثر مع ذاته. تبني ماري تيريز لوحتها وفق طبقات تراعي التدرج اللوني، فنشهد الألوان وهي تهبط على الكانفاس، فنجدها توجد الظلال في العمل لتبين من خلاله الانعكاس القوي للنور، كما لو أنها تطرح مفهوم المدن المشعة بألوان الحياة بشكل قوي.

بحث ومشاهدة

وقالت ماري تيريز لـ«الإمارات اليوم»: «جئت إلى دبي في بداية مارس الماضي، وعملت على الكثير من الأبحاث، وفي البدء حرصت على فهم المزاج العام الذي يسيطر على الإمارة، لذا أقمت لشهر في دبي قبل بدء مشروع الإقامة الفنية من أجل البحث والمشاهدة، لأن رؤية المدينة والبحث فيها هو الذي يعكس العمق في العمل». وأضافت: «لا يمكن القول إن الإلهام أتى من مصدر واحد في هذه المدينة، فالتنوع الموجود في دبي يجعل الفنان يستقبل الإلهام من تفاصيل كثيرة، كما أن اللافت في دبي هو إمكانية الاستلهام من الماضي، ولكن برؤية متجددة تتجه نحو المستقبل».

أقامت الفنانة ماري في دبي مارينا بشكل أساسي، خصوصاً في بداية زيارتها، وانتقلت إلى أكثر من بقعة فيها، ومنها منطقة الخور، مشيرة إلى أنها وجدت أن الجو العام يختلف تماماً من منطقة إلى أخرى بالمدينة، موضحة أنها اشتغلت في البداية على رسومات صغيرة، وتحويلها إلى لوحات كبيرة تطور مع مرور وقت الإقامة، وكذلك مع تبديل حجم العمل الفني من صغير إلى عمل كبير.

تأثيرات المكان

تبرز في لوحات الفنانة النمساوية الألوان الترابية، وأوضحت أن ذلك أتى بشكل يحاكي ألوان الصحراء، ولهذا يطغى البني ولون الرمال الذهبية، لافتة إلى وجود تداخل بين الصحراء والمدينة، لذا كان من الصعب عليها تحديد نقطة البدء أو الانتهاء في الصحراء في هذه المدينة.

ورأت ماري تيريز أن السفر يحمل الكثير من التحديات، كما أن العمل بتكليف يضع الفنان أمام تحديات جديدة ومختلفة، فعليه أن يقدم تأثيرات المكان عليه وانطباعاته حوله، وغالباً ما يحتاج ذلك إلى فترة طويلة من الوقت، مؤكدة أن تلك التأثيرات ستظهر في أعمالها المستقبلية بشكل طبيعي وتلقائي. ونوهت بأنها أعجبت بالألوان والانعكاسات هنا «خصوصاً أن الرياح في الإمارات تبدو كما لو أنها تعانق المرء»، مشيدة بالبرامج الخاصة بالفنان المقيم، والتي تدعم المبدع وتمنحه القدرة على عرض مشاريعه، وتوسيع شبكة جمهوره.

يشار إلى أن ماري تيريز ولدت عام 1993 في العاصمة النمساوية فيينا. ويتمحور الدافع الذي تعتمد عليه في ممارستها الفنية حول «إطلاق حوار» يتيح للمشاهد فرصة التواصل مع الأعمال وتفسيرها بصورة مستقلة. واستوحت الفنانة أعمالها في معرضها «نحو الغد» من إقامتها في «جميرا كريك سايد» لثلاثة أشهر، فابتكرت أعمالاً فنية استلهمتها من أجواء المدينة. واختتم المعرض الذي يعد الأول لها أخيراً.


التزام

قال المدير العام في «جميرا كريك سايد» الذي قدم برنامج الإقامة الفنية، آندي كوثبرت: «تأكيداً على التزامنا تجاه الفنون والتصميم، نواصل تنظيم برنامج الفنان المقيم سعياً لتمكين ضيوفنا من عيش لحظات لا تنسى من خلال الفن عبر إتاحة الفرصة لهم لاستكشاف الأعمال الجديدة لعدد من ألمع الأسماء ودعم الفنانين الصاعدين من جميع أنحاء العالم، وبالتالي ترسيخ مكانتنا كوجهة إبداعية متميزة».

وأضاف: «رحبنا بالفنانة ماري تيريز، ونتطلع قدماً لتعزيز تفاعل الزوار مع مدينة دبي ومواصلة تنظيم هذه السلسلة الملهمة من برامج الفنان المقيم».

ماري تيريز:

«الإلهام لا يأتي من مصدر واحد في هذه المدينة، فالتنوع يجعل الفنان يستقبله من تفاصيل كثيرة، علاوة على إمكانية الاستلهام من الماضي، ولكن برؤية متجددة تتجه نحو المستقبل».

«العمل بتكليف يضع الفنان أمام تحديات جديدة، فعليه أن يقدم تأثيرات المكان عليه، وذلك يحتاج غالباً إلى فترة طويلة، وتلك التأثيرات ستظهر في أعمالي المقبلة بشكل تلقائي».

3

أشهر أمضتها ماري في الإمارات ضمن برنامج الإقامة الفنية.

تويتر