المسلسل يستقطب المشاهدين بإيقاع أحداثه السريع

«بطلوع الروح».. الهروب من قلب الجحيم

صورة

رغم دخوله المنافسة في النصف الثاني من شهر رمضان، استطاع مسلسل «بطلوع الروح» أن يلفت الانتباه بقوة منذ حلقاته الأولى، ثم انتقل ليدخل بين قائمة الأكثر مشاهدة والأكثر جدلاً أيضاً، مستنداً إلى اسم مخرجته كاملة أبوذكري، التي تعد من الأسماء القليلة التي استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة خاصة لدى المشاهد، لما اتسمت به أعمالها من تميّز واحترافية.

يعدّ «بطلوع الروح» العمل الأول عربياً الذي يتناول فترة ما قبل سقوط «داعش» ‏بشهور قليلة، وحتى هزيمته، إذ يروي قصة «روح»، التي يستدرجها زوجها إلى أحد مراكز عمليات التنظيم الإرهابي في ‏مدينة الرقة السورية، فتجد نفسها مضطرة إلى مواجهة الحياة الجديدة، وحماية ابنها على أمل أن تتمكن من الهرب به خارج الرقة.

تميز المسلسل، الذي يتكون من 15 حلقة، بسرعة إيقاع أحداثه وتلاحقها، وهو ما جذب المشاهدين له للتعرف إلى مصير الشخصيات، في ظل التطور السريع الذي يحدث، على خلاف كثير من المسلسلات المعروضة في الموسم الجاري، التي تعاني الترهل وبطء الأحداث، والاعتماد على الحوارات المطولة.

كما تميز العمل باهتمام مخرجته، التي قدمت من قبل مسلسلات «ذات» و«سجن النساء» و«بـ100 وش»، بالتفاصيل، والدقة في اختيار أماكن التصوير، والفنانين المشاركين في العمل، وكادرات التصوير المعبّرة عن الحالات النفسية للشخصيات، أو معبّرة عما يمرون به من صراعات وأحداث. كما حاول فريق العمل تصويره في الرقة لتحقيق مزيد من الواقعية، ولكن صعوبة الحصول على التصاريح دفعتهم للتصوير في لبنان.

من حيث الأداء، تفوقت الفنانة منة شلبي في أداء دور «روح»، التي تجد نفسها تعيش في عالم مرعب بالنسبة لها، وتضطر إلى مجاراة ما يحدث حولها حفاظاً على حياتها وحياة ابنها، فتقوم بأعمال ترفضها، وتردد كلاماً يخالف ما يدور بداخلها، وعبّرت عن كل هذا التناقض بسلاسة وسهولة وتلقائية بوجه خلا من الماكياج ودموع طبيعية استحوذت على مشاعر الجمهور وتعاطفهم.

ولم يكن الفنان أحمد السعدني أقل تفوقاً في أداء شخصية «الأمير أبوأسامة»، التي قدمها باحترافية ونضج كبيرين ظهرا في العديد من المشاهد، لعل من أبرزها مشهده وهو ينقل لـ«روح» خبر وفاة زوجها «أكرم»، معبراً عن المشاعر المتناقضة التي تملكته والصراع بين مشاعره كإنسان يكن لها الحب، وشخصيته المتشددة.

وكما هو متوقع، أثار «بطلوع الروح» كثيراً من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل عرضه، فاتهم البعض صنّاعه بالإساءة للإسلام، لكن هذه الاتهامات تراجعت مع عرض المسلسل وظهور شهادات لأشخاص عايشوا الأحداث نفسها في الرقة، أكدوا أن ما يعرضه العمل يمثل صورة واقعية لما كان يحدث في «دولة الخلافة» المزعومة، بينما أوضح آخرون أن المسلسل يهدف إلى توضيح تجاوزات «داعش» في حق الدين الإسلامي.

كذلك شهدت مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات للمسلسل باقتباس قصة الفيلم ‏الأميركي «ليس بدون ابنتي» الذي أُنتج عام 1991‏، بينما أشار متابعون إلى التشابه بينه وبين مسلسل «قصة أمة»، وهو ما نفاه مؤلفه محمد عبية، موضحاً أن أحداث «بطلوع الروح» حقيقية، وأنه استلهم فكرته من تحقيق صحافي نُشر بجريدة «الشرق ‏الأوسط»، عن إجبار امرأة مصرية على يد زوجها للذهاب إلى الرقة، ‏والانضمام إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، كما ذكر أن الشخصية الحقيقية مازالت على قيد ‏الحياة، حيث تعيش في مخيمات شمال سورية.

والمسلسل من بطولة منة شلبي، وإلهام شاهين، وأحمد السعدني، ومحمد ‏حاتم، وأيمن عزب، وعادل كرم وعدد كبير من الفنانين من مصر وسورية ولبنان. مخرجة العمل كاملة أبوذكري، من الأسماء القليلة التي استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة خاصة لدى المشاهد، لما اتسمت به أعمالها من تميّز واحترافية.

 

تويتر