شقيقان ينفردان في صناعة مآذن وقباب بيوت الله

عائلة الترتير.. بصمة نادرة في مساجد فلسطين من 50 عاماً

صورة

وسط البلدة القديمة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وتحديداً في شارع «الساقية»، يقضي يوسف الترتير (49 عاماً) جلّ وقته خلف آلات يدوية قديمة، داخل ورشة صغيرة ورثها عن والده، إلى جانب شقيقه الأكبر سعيد، من أجل صناعة مآذن المساجد وقبابها وأهلّتها.

ما يصنعه الشقيقان الترتير هو صورة يندر وجودها حالياً في فلسطين، فما من مسجد في الأراضي الفلسطينية إلا تركت فيه عائلة الترتير بصمتها الخاصة، والمتخصصة في صناعة قباب المساجد ومآذنها، والتي تنفرد في إنتاجها منذ ما يزيد على نصف قرن.

عائلة الترتير التي تسكن في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، تشتهر في تخصصها النادر، وانفرادها في هذه المهنة داخل الأراضي الفلسطينية، فمنذ 35 عاماً حتى اليوم، يكمل الشقيقان سعيد ويوسف المهنة التي شق طريقها والدهما سليم الترتير في عام 1968.

إرث لم يندثر

الشقيقان سعيد ويوسف شقا مشوار صناعة قباب ومساجد فلسطين منذ الصغر، حيث كانا يترددان على ورشة والدهما، التي مازالت تحمل اسم «الإخلاص» حتى اليوم، ليتشربا حب هذه المهنة، القائمة على تزيين دور العبادة بطريقة يدوية حرفية.

«الإمارات اليوم» التقت يوسف الترتير في شهر رمضان المبارك، عقب انتهاء العمل داخل ورشة والده وسط بلدة نابلس القديمة، والتي مازالت تحافظ على شكلها العتيق وآلاتها اليدوية القديمة، على مدار عشرات السنين الماضية.

ويقول يوسف، الذي يصغر شقيقه سعيد بعامين، «إن الحفاظ على مهنة الوالد على مدار عشرات السنين الماضية، لم يكن بالأمر السهل والهين، فبداية نحن نزاول مهنة يدوية أثرية، مثقلة بالخبرات التي ورثناها عن والدنا في زمن التطور التكنولوجي، كما أننا نسعى بخطوات ثابتة لا تتغير لتبقى ورشة الوالد حاضرة على مر الزمان، لا تندثر أبداً، يقصدها الجميع من شتى بقاع فلسطين».

ويضيف: «في سبعينات القرن الماضي كنت أنا وشقيقي سعيد نرافق والدي يومياً إلى ورشته، فبعد انتهاء الدوام الدراسي تكون هي وجهتنا حتى غروب الشمس، وعلى مر الأيام والسنين تربينا على حب هذه المهنة، وتعلمنا قواعد صناعة قباب المساجد وأهلّتها، والتي أسسها الوالد قبل 54 عاماً».

ويضيف: «عندما خضنا غمار هذه المهنة في الصغر، كانت تشهد مدن رام الله والقدس مزاولة أشخاص عدة صناعة مآذن المساجد وقبابها، ولكن إرثها لم يدم طويلاً، أما نحن فبذلنا كل جهدنا ليبقى موروث والدنا يزين مدن فلسطين وقراها، على مر الأزمنة والعصور».

المهنة الوحيدة

بفضل الحفاظ على إرث الوالد سليم الترتير مهنة أثرية، تحمل في ثناياها مضموناً فنياً تراثياً، أصبح سعيد ويوسف دون سواهما رائدي صناعة الأهلة ومآذن بيوت الله وقبابها، في شتى مدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل قاطبة، إلى جانب بلدات مدينة القدس الشريف.

ويقول يوسف الترتير: «نحن في الوقت الراهن أصحاب الورشة المهنية الوحيدة في فلسطين من البحر إلى النهر، المتخصصة في إنتاج المآذن والقباب والأهلة بطريقة يدوية، لكل مناطق الضفة والداخل، وجميع مساجد القدس».

ويكمل: «يكفينا فخراً أننا نترك بصمتنا الخاصة بتزيين بيوت الله داخل كل بلدة، أو قرية، أو مخيم، أو حارة، كما أننا ومن خلال مزاولتنا هذه المهنة التراثية الوحيدة تعرفنا إلى قرى فلسطينية نسمع باسمها ونزورها لأول مرة، مثل، قرية أم التوت في مدينة جنين بالضفة الغربية، وقرية صندلة الواقعة بين جنين ومدينة الناصرة بالداخل الفلسطيني، وقرية قيس في مدينة سلفيت شمال الضفة».

ويؤكد يوسف أن الإقبال على إنتاجهما مازال قائماً على نطاق واسع، إذ يقصد ورشتهما الوحيدة في نابلس الزبائن من جنوب الضفة الغربية كمدينة الخليل، ومن شمال فلسطين في الداخل المحتل، مثل بلدة أم الفحم.

ويتابع صاحب المهنة المتفردة: «مازلنا حتى يومنا هذا نزاول مهنة والدنا، تماماً كما ورثناها عنه، إذ نعتمد في صناعة منتجاتنا من النحاس والصلب على الماكينات اليدوية القديمة ذاتها، بعيداً على الآلات المتطورة».

• ما يصنعه الشقيقان الترتير هو صورة يندر وجودها حالياً في فلسطين.

• الشقيقان سعيد ويوسف يمارسان المهنة التي شقّ طريقها والدهما سليم الترتير.

• الإقبال على إنتاج الأخَوَان الترتير مازال قائماً على نطاق واسع، حيث يقصد ورشتهما الوحيدة في نابلس الزبائن من جنوب الضفة الغربية كمدينة الخليل، ومن شمال فلسطين في الداخل المحتل، مثل بلدة أم الفحم.

• أصبح سعيد ويوسف دون سواهما رائدي صناعة الأهلّة ومآذن بيوت الله وقبابها، في شتى مدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل قاطبة، إلى جانب بلدات مدينة القدس الشريف.

تويتر