جبال ومرتفعات الدولة توفر رحلات شيقة

العسل غذاء ودواء وتنوع.. يعزز السياحة البيئية ويُبرز غنى وتنوع طبيعة الإمارات

تحولت المناحل خصوصاً في المناطق الجبلية إلى مورد للدخل وعامل جذب سياحي. من المصدر

تزخر بيئة الإمارات الفطرية بالكثير من الثروات التي تعكس فرادة وتنوع طبيعتها الغنية، فمن الجبال الشاهقة إلى السواحل الممتدة من الخليج العربي وحتى المحيط الهندي، وصولاً إلى الواحات التي تتوسط صحاريها الواسعة، تتنوع أشكال الغطاء النباتي الذي تعززه المحميات الطبيعية المنتشرة في مختلف أنحاء الدولة، ومعه تتنوع عطاءات الطبيعة من أنواع العسل الإماراتي بخصائصه الصحية الفريدة والإضافة المميزة التي يقدمها للسياحة البيئية والجبلية في الدولة.

فمنذ قديم الزمان، يواكب العسل رحلة الإنسان في الإمارات وأسلوب معيشته المستدام المتكامل مع الطبيعة، فهو غذاء يمكن تناوله بمجرد حصاده أو الاحتفاظ به فترات طويلة ليواكب رحلات السفر البعيدة، وهو دواء يدخل في العديد من الوصفات الشعبية كما أنه رمز لكرم الضيافة وشعار للترحيب بالضيوف.

ومع تنوع بيئة الإمارات وثروتها الطبيعية تنوع إنتاجها من العسل وتحولت المناحل، خصوصاً في المناطق الجبلية، إلى مورد للدخل وعامل جذب سياحي يقوم على خيرات الأرض وأصالة التراث في قلب أجمل شتاء في العالم. وتنتشر على امتداد دولة الإمارات بتضاريسها المتنوعة موائل طبيعية عديدة لتربية النحل وجني العسل بمختلف أنواعه بما يعكس غنى طبيعة هذه الأرض الطيبة ومساهمتها في استدامة الحياة لجميع البشر، إذ بحسب برنامج الأمم المتحددة للبيئة، فإن 71 محصولاً زراعياً من أصل 100 نوع من المحاصيل المسؤولة عن توفير 90% من الغذاء عالمياً، يعتمد وجوده بشكل شبه كامل على تلقيح النحل.

ويُعرف العسل الإماراتي بخصائصه الطبيعية الممتازة وجودته العالية التي تستفيد من بيئة الدولة الطبيعية المتنوعة ومن القوانين الصارمة التي تحمي الموائل الطبيعية للكائنات الفطرية والتوسع الكبير في إنشاء المحميات. ويرتبط إنتاج العسل في دولة الإمارات بثلاثة مواسم رئيسة هي السمر والسدر والغاف، وهي على صلة بسقوط الأمطار.

وتبدأ عملية جني عسل السمر المعروفة بـ«قص العسل» في شهر أبريل وتستمر حتى يونيو، وتشتهر المناطق الجبلية الوعرة في الدولة بإنتاج هذا النوع من العسل الذي احترف أبناء الجبال معرفة مخابئه عبر تتبع طرق النحل بين شعب الجبال في مناطق انتشار أشجار السمر.

وتشتهر جبال إمارة الفجيرة بإنتاج هذا النوع من العسل البري الذي عادة ما يجمعه النحل في خلايا مخبأة بين الكهوف والصخور أو على قمم الجبال وفي الوديان السحيقة وبين أغصان الأشجار البرية. ويعتبر «عسل السمر» من ألذ وأغلى أنواع العسل المحلي ويمتاز برائحته الزكية وفوائده الطبية، ويميل لونه عند حصاده إلى الأحمر أو الذهبي قبل أن يتبدل بعد تخزينه لاحقاً ليصبح أقرب إلى الألوان الداكنة مع احتفاظه بخصائصه الطبيعية كاملة.

أما عسل الغاف فيكون حصاده بين أشهر مايو ويوليو، ويرتبط اسم هذا العسل بشجرة الغاف المعروفة في الدولة، والتي تنتشر بكثرة في المناطق الصحراوية وعلى جوانب الطرق، ويتميز عسل الغاف بنسبة السكريات العالية التي تمنح متناولها طاقة وقوة فترات طويلة.

أما عسل السدر الذي يستخلص من زهرة «اليبياب»، فيكون موسم قصه بين أكتوبر ونوفمبر، ويكثر هذا النوع من العسل في جبال وسهول الإمارات وأوديتها، لاسيما في المناطق الشمالية الشرقية، ويعد أفخر أنواع العسل وأجودها، ويمتاز بمذاقه ورائحته العطرة ولونه الذهبي المميز، ولعسل السدر فوائده الصحية إذ يستخدم في العلاجات الشعبية لأمراض الصدر والسعال.

وإلى جانب هذه المواسم الثلاث الرئيسة للعسل في المناطق الجبلية في الدولة، توجد مواسم أخرى لأنواع أقل انتشاراً من العسل مثل العسل الربيعي بين منتصف فبراير ومنتصف أبريل، والذي ينتج عن تغذية النحل على النباتات المزهرة، إلى جانب عسل أشجار القرم وعسل السنط العربي وعسل القتاد، ولكل منها مذاقة ولونه ورائحته المميزة.

ويمكن للمتجول في جبال الإمارات مشاهدة النحل المحلي الذي يتميز بحجمه الصغير وألوانه الخاصة، ويعرف باسم نحلة «أبوطويق» وهي نحلة ذات خصائص فيسيولوجية فريدة بين سائر فصائل النحل، وتنتمي إلى عائلة «النحل القزم» الذي يعيش في المناطق الحارة جنوب وجنوب شرق آسيا والخليج، ويمتاز بقدرته الكبيرة على تحمل الحرارة المرتفعة بعكس سائر فصائل النحل.

وتشكل رحلات البحث عن العسل بين ثنايا جبال ووديان الإمارات تجربة فريدة ضمن تجارب السياحة الجبلية، ويبدأ البحث عن خلايا العسل البري عند الفجر.

محميات للعسل

 

تنتشر في مختلف بقاع دولة الإمارات محميات مخصصة للنحل والعسل، أبرزها «حديقة النحل» التي تقع بين جبال حتا وتحيط بها أروع النباتات والحيوانات، كما تسهم في تسليط الضوء على دور النحل وأهميته للبيئة. ويمكن للزوار الاقتراب من خلايا النحل واكتشاف سلالاتها الرائعة، بينما يستمتع الأطفال بالنشاطات الترفيهية المتنوعة. وتشهد مدينة حتا أيضاً مهرجاناً سنوياً للعسل تترافق فعالياته مع حملة أجمل شتاء في العالم.

وفي منطقة دبا الفجيرة، يمكن زيارة «محمية الظنحاني للعسل» والاطلاع على متحف علي سالم سليمان الظنحاني الشخصي الذي يحوي أدوات تراثية وأزياء شعبية والأدوات والآلات الخاصة بتنقية العسل وتعبئته، ليصبح جاهزاً للبيع في السوق المحلي. أما في مشروع وادي الحلو وسد الغيل بمدينة كلباء في المنطقة الشرقية من الدولة والتابعة لإمارة الشارقة، فيستمر العمل على مشروع جبل الكتاب الذي يقع على ارتفاع 950 متراً ويستهدف تطوير خمس قمم جبلية متصلة ببعضها عبر مجموعة من الطرق والمسارات التي تتيح للمستخدمين تجربة فريدة ومميزة.

تويتر