مصر.. مراحل مرور أوراق حكم الإعدام بدار الإفتاء قبل التنفيذ

بعد أن أحالت محكمة جنايات الإسماعيلية، أوراق المتهم عبد الرحمن دابور المعروف إعلاميا بسفاح الإسماعيلية، إلى مفتي مصر لاستطلاع رأيه بشأن الحكم بإعدامه في القضية التي عرفت إعلاميًا بـ "مذبحة الإسماعيلية"، يترقب الجميع صدور تقرير المفتي الذي سيحسم هذه القضية.

السرية التامة هي العنوان الأبرز لما يدور داخل دار الإفتاء حول تقرير المفتي، فلا أحد من المسؤولين فيها يريد الإجابة عن أي أسئلة متعلقة بهذا الشأن، حفاظًا على السرية وعلى إجراءات العدالة.

وتنتظر أسرة المجني عليه تقرير المفتي، منذ أن تُحال إليه أوراق الإعدام من محكمة الجنايات، وحتى عودتها إليها مرة أخرى، أما مشفوعة بتأييد المفتي لحكم المحكمة أو برفضه.

بداية تقوم دار الإفتاء، بعد تسلم أوراق الإحالة، بدراستها جيدا وعرض الأدلة التي تحملها ومطابقة كل ما ورد فيها للنصوص الشرعية ومعايير الفقه الإسلامي على اختلاف آراء الفقهاء، واختيار الرأي الذي يوافق الشريعة وصالح المجتمع.

ويرفق التقرير الخاص بملف القضية بعد الانتهاء من إعداده، بظرف مغلق ومختوم، يتم تسليمه لمحكمة الجنايات في سرية تامة.

وتُحال الأوراق الخاصة بالإعدام للدار تنفيذا للمادة 2/183 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث تحيل محاكم الجنايات هذه القضايا بشكل وجوبي وملزم إلى المفتي وإلا يُعد الحكم باطلا، وبعد إرسال تقرير المفتي إلى المحكمة، تقوم المحكمة بالنطق بالحكم.

يذكر أن رأي المفتي هنا استشاري وليس ملزما بالنسبة للقاضي، الذي يتخذ قراره بمنتهى الحرية على خلفية الرأي الشرعي الذي يصله من دار الإفتاء، لكن استشارة رأي المفتي لا تقلل من أهمية دوره، بل تميل المحكمة دائما إلى الأخذ برأيه، خاصة لو جاء تقريره قائما على أسانيد شرعية واضحة.

وتمر أوراق قضايا الإعدام بثلاثة مراحل داخل دار الإفتاء المصرية وهي: مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ثم مرحلة التكييف الشرعي والقانوني.

وتشمل مرحلة الإحالة، قيام دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها ودراسة الأوراق منذ بدايتها، وذلك قبل النطق بالحكم، ثم تأتي مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، وفيها تقوم دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها والالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسب ما تحمله أوراق القضية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم.

ويلي ذلك مرحلة التكييف الشرعي والقانوني، وفي هذه المرحلة يعاون المفتي هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتها دراسة ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المدانون يستوجب إنزال عقوبة القصاص حدًا أو تعزيرًا أو قصاصًا أو غير ذلك.

كما أنه من مهمة المفتي والهيئة المعاونة له في هذه المرحلة النظر في سؤال حول هل يستحق المتهم الإعدام أم لا وفقا للنصوص الشرعية.

وتهدف هذه المرحلة لطمأنة القاضي إلى مشروعية حكمه، لأن هذه القضايا حساسة ويترتب عليها إزهاق روح، لذلك نصّ المشرع على أن يصدر حكم الإعدام بالإجماع، وذلك على عكس الأحكام الأخرى، التي يمكن الاكتفاء فيها برأي الأغلبية فقط.

كما أن حكم الإعدام لا بد أن يصدر من قبل أشخاص يتمتعون باستقرار نفسي وذهني، لذلك يتم إحالة القضية للمفتي لأخذ رأيه فيها.

تويتر