المملكة في المرتبة الثانية على مستوى العالم في عدد المدخنين

الأردنيون يشيّعون 9000 شخص كل عام.. بسبب التدخين

وباء «كوفيد» وما تبعه من حظر تجوّل وإغلاقات تسبّب في ارتفاع نسبة استهلاك الدخان بين الأردنيين الذين يعتبرون أصلاً من أبرز المدخنين في العالم. أ.ف.ب

تسبّب وباء «كوفيد» وما تبعه من حظر تجوّل وإغلاقات في ارتفاع نسبة استهلاك الدخان بين الأردنيين الذين يعتبرون أصلاً من أبرز المدخنين في العالم.

بينما ينتظر الزبائن في محل بيع النراجيل ومستلزماتها الذي يعمل فيه، في وسط العاصمة عمان، يقول الشاب منير شناعة (24 عاماً) وهو ممسك بسيجارته: «ظهور هذا الوباء قبل نحو عام وما خلفه من منغصات في حياتنا من حظر جزئي وشامل سبّب لي ضغوطاً نفسية جعلتني أدخن أكثر فأكثر».

ويضيف شناعة الذي بدأ التدخين وهو في سن الـ17 «قبل الوباء، كنت أدخن علبة إلى علبتين في اليوم، اليوم صارت أربع إلى خمس علب، الضغط النفسي زاد، والتدخين زاد هو الآخر».

ووفقاً لآخر استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية العام الماضي، وشمل 2400 شخص، أكد 52% ممن تمّ استجوابهم أن حظر التجول أسهم في زيادة نسبة تدخينهم للسجائر والنرجيلة.

ورغم إنفاقه نحو 300 دينار (أكثر من 400 دولار) شهرياً على التدخين وما يسبّبه ذلك له من مشكلات صحية وآلام في الصدر، يصرّ شناعة على أن السيجارة تمنحه الراحة عندما يجد نفسه «محبوساً في المنزل بين أربعة جدران في أوقات حظر التجول».

ومنذ مارس 2020، فرضت السلطات الأردنية تدابير صارمة جداً لمكافحة تفشي الفيروس، بينها حظر للتجول من أجل الحدّ من تنقلات السكان.

وذكرت منظمة الصحة العالمية في 2015 أن «الأردن هو في المرتبة الثانية على مستوى العالم في عدد المدخنين الذكور (70.2%) بعد إندونيسيا (76.2%)».

ووفقاً لدراسة حكومية أجريت في عام 2019، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، أكثر من ثمانية من كل 10 رجال أردنيين يدخنون أو يستخدمون منتجات النيكوتين بانتظام، بما في ذلك السجائر الإلكترونية. وأشارت الدراسة الى أن الرجال الأردنيين الذين يدخنون يومياً يستهلكون ما معدله 23 سيجارة في اليوم.

وارتفعت الأعداد أكثر مع بدء انتشار الوباء في المملكة، حيث بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا أكثر من 700 ألف، بينها 8800 وفاة. ويبلغ عدد سكان الأردن 10 ملايين.

حماية غير المدخنين

وتقول مديرة مديرية التوعية والإعلام الصحي في وزارة الصحة، عبير الموسوس: «أعتقد أن استهلاك الدخان ازداد مع الوباء بسبب الوضع النفسي».

وتؤكد أن «56% من نسبة الوفيات في الأردن سببها التدخين»، مضيفة «نحن نفقد سنوياً نحو 9000 شخص يكون سبب موتهم الرئيس التدخين والأمراض الناتجة عنه».

وتشير الى إن «كلفة علاج المصابين بأمراض مزمنة من السرطان وضغط الدم والسكري التي يكون سببها الرئيس التدخين، على الدولة نحو 204 ملايين دينار سنوياً (نحو 300 مليون دولار)».

وحظرت الحكومة الأردنية في يوليو الماضي التدخين بكل أشكاله (سجائر، سجائر إلكترونية، نراجيل) في الأماكن العامة المغلقة «حرصاً على سلامة المواطنين في ظل جائحة (كوفيد-19)».

ولكن رغم هذا، لم يتوقف التدخين، بل ينتشر في غالبية الوزارات والمؤسسات والدوائر وحتى تحت قبة البرلمان، وفق ما أظهرت صور عدة.

وتقول منسقة منظمة الصحة العالمية في الأردن، هالة بوكردنة: «تمّ تحقيق العديد من الإنجازات حتى الآن، لكن لاتزال هناك حاجة إلى مزيد من الجهود، خصوصاً في ما يتعلق بالتدخين الثانوي في الأماكن المغلقة وسط جائحة (كوفيد-19)».

وتشير الارقام الى أن نحو 20% من النساء الأردنيات يُدخنّ السجائر أو السجائر الإلكترونية، لكن 75.5% منهن يتعرضن للتدخين غير المباشر بوجود مدخن في المنزل.

وتقول حنان (37 عاماً)، وهي ربة منزل وأم لأربعة أطفال: «زوجي لا يتوقف عن التدخين، لا فرق إن كان سعيداً أو غاضباً، فدائماً تكون هناك سيجارة في فمه، حتى إن أسنانه باتت صفراء بسبب النيكوتين».

وتضيف «لكن أسوأ ما في الأمر هو أنه يدخن في المنزل أمامي وأمام أطفالنا الأربعة. لا شيء يمكن أن نفعله. لقد أصبحنا مدخنين سلبيين، وعندما أجادله يخبرني أنه لا يستطيع ترك التدخين».

وعملت الوزارة على زيادة عيادات الإقلاع عن التدخين من خمسة الى 20 عيادة بعد الجائحة، وأطلقت حملة توعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمكافحة التدخين، وفق ما تقول عبير الموسوس.

عيادات

في عيادة الإقلاع عن التدخين في حي ماركا الشعبي المكتظ بالسكان شرق عمان، يقول محمد أبوخضرة الذي يسير بخطى بطيئة، إنه لجأ إلى العيادة بعدما فشل في ترك التدخين ثلاث مرات. ويضيف «بصراحة تعبت من التدخين، وبت أعاني أمراض ضغط الدم والسكري وضيقاً في التنفس».

ويتابع سائق الباص السياحي، البالغ 53 عاماً وهو أب لخمسة أطفال، «منذ كان عمري 20 عاماً وأنا أدخن السجائر، صحتي لم تعد كما كانت، لهذا قررت ترك التدخين».

ويقول الطبيب أنس المحتسب المشرف على علاجه بينما يملأ بيانات المريض: «نحن نقدم علاجاً مجانياً يستمر لنحو ثلاثة أشهر يتضمن أدوية تحفز الجسم على إفراز هرمون السعادة، ولزقات توضع على الكتف، وعلكة تزود الجسم بالنيكوتين».

ويوضح المحتسب أن «الأمر ليس بالسهل، ولكنه يستحق المحاولة». وبحسب رئيس جمعية مكافحة التدخين في الأردن، محمد شريم، فإن «استراتيجية محاربة التدخين سهلة، ولا تحتاج الى شطارة أو فلسفة»، مؤكداً أن «كل ما نحتاجه هو منع التدخين في الأماكن العامة، ورفع أسعار السجائر، وتوعية الناس بأن التدخين هو القاتل رقم واحد».


ثمانية من كل 10 رجال و20% من النساء يدخّنون.

التدخين منتشر في الوزارات والمؤسسات وحتى تحت قبة البرلمان.

رئيس جمعية

مكافحة التدخين: «استراتيجية محاربة التدخين

سهلة، ولا تحتاج إلى شطارة أو فلسفة».

تويتر