مطبخ نسائي منزلي لطهي المأكولات الشعبية للفلسطينيين والسياح

12 سيدة يقاومن صعوبات الحياة بـ «نكهات خليلية»

صورة

على مقربة من مسجد الحرم الإبراهيمي، وبين أزقة البلدة القديمة في مدينة خليل الرحمن جنوبي الضفة الغربية، تتسلل رائحة «القِدرة الخليلية»، وهي عبارة عن طهي الأرز واللحم والثوم في وعاء كبير مصنوع من الحديد والنحاس، من داخل منزل فلسطيني، تحول حديثاً إلى مطبخ نسائي، يختص في طهي المأكولات الفلسطينية بشتى أنواعها، خصوصاً الشعبية والتراثية منها.

ويشرف على المطبخ، الذي أطلقت عليه صاحبته زليخة المحتسب اسم «نكهات خليلية»، 12 سيدة فلسطينية يواجهن ظروفاً اقتصادية صعبة.

وتعمل السيدات كخلية نحل داخل مطعمهن المنزلي، لطهي جميع المأكولات المنزلية الشعبية، التي تباع لعائلات الخليل بأسعار رمزية، لدعم صمودها، وتعزيز مبادئ التكافل الاجتماعي، جراء تردي الأوضاع المعيشية لسكان وفقراء الخليل، خصوصاً في شهر رمضان المبارك.

وعلى مقربة من الحرم الإبراهيمي وسط المدينة، تعيش زليخة المحتسب (52 عاماً) مع والدتها في منزل تحيطه خمس بؤر استيطانية، وتعاني هي ووالدتها من انتهاكات الاحتلال على مدار الأعوام الماضية، فمنذ 11 عاماً تم إغلاق الشارع الذي تسكنه وعدد من العائلات، دافعين ثمن وجودهم على أراضي البلدة القديمة.

مطعم في منزل

«الإمارات اليوم» التقت صاحبة المطبخ المنزلي، زليخة المحتسب (55 عاماً)، أثناء إعدادها قائمة مأكولات، تلقتها عبر الهاتف النقال، ووسائل التواصل الاجتماعي، من عائلات فلسطينية عدة في البلدة القديمة بالخليل، فيما توجد سيدات المطعم في جنباته، لطهي وجبات الطعام المطلوبة قبل أذان مغرب اليوم الرابع من شهر رمضان المبارك.

وتقول صاحبة المطبخ الخليلي: «عملت خلال السنوات الماضية معلمة، ومن ثم مترجمة، ودليلاً سياحياً داخل مدينة الخليل، ولشدة إعجاب السياح بالمأكولات الفلسطينية، بادرتني فكرة افتتاح مطعم يقدم الوجبات الخليلية بنكهتها الأصلية التراثية، ولم أجد مكاناً أفضل من منزلي الذي أعيش فيه منذ الطفولة، وذلك لأنه يطل مباشرة على الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة، فيشكل عامل جذب لرواده.

وتضيف: «كما أن المطعم يروي حكاية معاناة سكان البلدة القديمة، كونه يقع على مشارف شارع الشهداء المغلق منذ عام 2000، وفي مرات كثيرة يغلق الاحتلال المنطقة التي أقطن بها».

وتواصل المحتسب حديثها: «مع بداية افتتاح المطعم كان من الأجدر مشاركة العديد من نساء البلدة القديمة في تأسيس وعمل المطبخ المنزلي، من أجل نجاح فكرة مشروعنا، وتقديم أكبر عدد من المأكولات، إلى جانب توفير مصدر رزق دائم لهن ولأطفالهن، في ظل تردي ظروف أسرهن المعيشية».

وتوضح مديرة مطبخ «نكهات خليلية» أن السيدات العاملات في المطعم المنزلي، جميعهن التحقن بدورات تصنيع غذائي، الأمر الذي أكسبهن تجربة مضافة إلى خبراتهن في الطهي.

طلبات يومية

تجتمع النسوة، بحسب المحتسب، في المطعم يومياً لتجهيز المأكولات الشعبية، ومنها قدرة اللحم والأرز الخليلية، والمسخن، والمقلوبة، إلى جانب المعجنات والمقبلات، لزائري المطعم من الخليل ومدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل، وكذلك السياح الأجانب، الذين يفدون يومياً لتناول الوجبات الشعبية، والاستمتاع بمشاهدة الحرم الإبراهيمي ومعالم البلدة القديمة من داخل المطبخ المنزلي.

وتشير إلى أنها تستقبل يومياً طلبات الزبائن والعائلات في مدينة الخليل، لطهي مجموعة متنوعة من الوجبات المنزلية، خصوصاً في الولائم المعدة للأهل والأقارب ومناسبات الأفراح، وموائد شهر رمضان الفضيل. ومن بين الأطعمة التي تصنعها سيدات «نكهات خليلية» حلويات الكعك، خصوصاً مع اقتراب عيد الفطر المبارك.

كعك بأنواعه

تمضي صاحبة المطبخ المنزلي، زليخة المحتسب، قائلة: «ننتج بشكل دائم الكعك بأنواعه المصنوع من التمر (المشنن)، أو المكسرات، والسكر المطحون (المعمول)، ومع اقتراب الأعياد ننتج ما يقارب 150 كيلوغراماً من سميد القمح المستخدم في صناعة حلوى الكعك».

مشغولات يدوية

إلى جانب عملهن داخل المطبخ الخليلي، تنتج السيدات مشغولات يدوية متنوعة، منها الثوب الفلاحي، والمطرزات التراثية، لتعرض في المعارض المحلية والتراثية، حيث تجد إقبالاً ملحوظاً من الرواد والسياح الأجانب، والمهتمين باقتناء مثل هذه المنتجات.

تويتر