منتج إماراتي برز بين أوساط الشباب

عبدالله البلوشي: 18 عاماً بين «الهيب هوب» وموسيقى «الراب»

أكثر من 18 عاماً أمضاها عبدالله البلوشي، مرتحلاً بين عوالم فن الموسيقى الشبابية المعاصرة بأنواعها المختلفة بداية من موسيقى «الهيب هوب» إلى «الآر أند بي» وصولاً إلى موسيقى «الراب»، وذلك قبل أن يحترف الإنتاج الموسيقي ويغدو اسماً إماراتياً فارقاً في هذا العالم الساحر الذي تعرف عبدالله الى أولى ملامحه منذ طفولته المبكرة وبداية شغفه بالتكنولوجيا، وتحديداً بآلة «البيانو»، هدية والدته التي غيرت حياته وفتحت أمامه آفاق الاكتشافات الكبرى، بعد أن استطاع معها تسجيل مختلف النغمات مستعيناً بجهاز كمبيوتره الصغير، والانطلاق في رحلة شغف حقيقية بعالم الفن والنغمات، عبر صداقته الوطيدة برفيق دربه أحمد مبارك، النجم الإماراتي المعروف في أوساط موسيقى الراب المحلية والخليجي بلقب «ديزي دون»، ويبدأ معه أولى خطواته الفنية الناجحة.

الابتكار والتجديد

منذ عام 2004، ومسيرة البلوشي حافلة بالعديد من المحطات التي صنعت طريقه الفني في عالم الإنتاج الموسيقي، وأعطته المساحة الإبداعية التي يستحقها لتكريس شغفه بعالم إنتاج الأغاني، وذلك قبل أن يتعرف إلى المنتج الموسيقي عبدالرزاق مال الله صاحب لقب «برنس كيو» الذي يصفه بالأستاذ الذي علمه الكثير من أصول العمل الموسيقي بتقنياته المتعددة وكواليسه المتشابكة، وفتح له أبواب التعامل مع العديد من المواهب الإماراتية الشابة العاملة في المجال، مؤكداً على خصوصية الإنتاج الموسيقي بالقول: «هناك خلط دائم بين مفهوم الملحن والمنتج الموسيقي، ففي حين يقوم الأول بوضع الألحان الخاصة بالأغنية، يتولى الثاني عملية تنفيذها لتصبح جاهزة للاستماع، في الوقت الذي يمكن للمنتج الموسيقي أن يتولى إعداد وتجهيز الفيديو المصاحب للأغنية إذا كان صاحب الفكرة الأساسية للألحان والكلمات».

لافتاً إلى التجارب الناجحة التي تصدى لإنتاجها بالقول: «لدي الكثير من الأغاني التي قمت بإنتاجها كاملة مع كليباتها المصورة»، مثل تجربة أغنية «هوز لوفينغ يو» في عام 2017 لمغني الراب الأميركي «شاين» التي لقيت نجاحاً واسعاً وأصداء إيجابية غير مسبوقة.

وحول ندرة المنتجين الموسيقيين الإماراتيين العاملين في مجال موسيقى «الراب» و«الهيب هوب» و «الآر أند بي» و«التراب» والموسيقى الأجنبية بشكل عام، والصعوبات التي يمكن أن تواجه مجال الإنتاج هذا، توقف البلوشي عند العقبة الأكبر، وهي ضرورة مواكبة منتجيها الدائمة للإيقاع المتسارع لهذه الأنماط الموسيقية حول العالم، ومجاراة تحولاتها المتواصلة «يجب على الموسيقي الراغب في النجاح في الميدان، أن يكون مبدعاً وقادراً على الابتكار والتجديد المتواصلين، لأن هذه الأنماط الموسيقية تتسم عالمياً بسرعة التغير، سواء في أسلوب طرحها أو الأفكار التي تتناولها أو حتى أنماط تنفيذ جملها الموسيقية التي يجد الكثيرون صعوبة كبيرة في مجاراتها، ما يجعل أعداد منتجي أغاني (الراب) من الشباب الإماراتي منخفضة جداً».

شروط النجاح

على صعيد متصل، تبدو عملية الإنتاج الموسيقي مكلفة جداً مقارنة بغيرها من الميادين الفنية المتخصصة، باعتبار ارتباطها في موسيقى «الراب» مثلاً، بعملية اقتناء النغمات الموسيقية واشتراء الحقوق الفكرية اللذين يطرحان اليوم المزيد من المعوقات الإضافية على مسيرة المنتج الموسيقي على وجه التحديد، وذلك، على الرغم من النهضة الحقيقية التي بات يشهدها مجال موسيقى الراب في الإمارات على وجه التحديد، التي باتت اليوم المُصدِر الأول لهذا الفن وللفنانين في منطقة الخليج العربي، مؤكداً بالقول: «لدينا اليوم باع طويل في المجال، إلا أن الكثير من مغني هذا اللون الموسيقي للأسف مظلومون من الإعلام، وظالمون كذلك لأنفسهم في بعض الأحيان من خلال ابتعاد الكثير منهم عن تكريس تجارب (راب) هادف يحترم خصوصية المجتمع الإماراتي المحافظ، ويراعي أخلاقيات أفراده، ونزوع بعضهم نحو اختيار ألفاظ جارحة ومسيئة تتنافى مع الأخلاقيات العامة للمجتمع»، لافتاً إلى ميله نحو الانتقائية في تعاملاته الفنية مع بعض الأسماء الفنية الناشطة على الساحة بالقول: «لهذا السبب نفسه بتُّ انتقائياً بخصوص مغني (الراب) الذين أتعامل معهم فنياً، سواء في الإمارات، أو في بقية دول الخليج العربي، لأنني أريد في نهاية المطاف تقديم أعمال فنية ناجحة وهادفة تشعرني بالفخر حين يستمع إليها الأهل والأبناء على حد سواء».

حافز إبداعي مهم

وحول ارتدادات أزمة جائحة «كورونا» على الساحة الفنية والموسيقية والإبداعات المستقبلية، أكد عبدالله أن فترة الحظر المنزلي، ساعدته على العمل والإبداع، لتقديم موضوعات اجتماعية هادفة، كما فتحت أمامه جسور التواصل للتعرف الى تجارب فنية جديدة وابتكار أساليب موسيقية تتماشى مع المزاج السائد في تلك الفترة، قائلاً: «يدفعني الطموح باستمرار إلى تطوير أدواتي الفنية بشكل أكاديمي أكثر احترافية، ولعل هذا السبب الذي دفعني حالياً إلى الانضمام إلى المعهد الموسيقي المتخصص (ميوزك زون) من أجل دراسة أصول الموسيقى الكلاسيكية»، كاشفاً في نهاية حواره عن تعاون موسيقي جديد سيجمعه مع أحد أبرز نجوم الإمارات خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

سر النجاح

لا يجد عبدالله البلوشي، صعوبة في تقسيم أوقاته وتنظيم مسؤولياته التي يوزعها بمهارة بين عمله كموظف حكومي بدوام كامل في إمارة رأس الخيمة، وواجباته الاجتماعية مع العائلة، وبين تنمية مهاراته في مجال الموسيقى، بعد أن تمكن مع الوقت من إنشاء استوديو توزيع موسيقي خاص في منزله لتنمية موهبته والعمل جدياً على إنجاح تجاربه في الميدان.

مواهب شابة

في حواره مع «الإمارات اليوم»، توقف المنتج الموسيقي عبدالله البلوشي، عند عديد الأسماء الإماراتية التي تعامل معها على صعيد أغنية «الراب» أمثال: ويكد، ديجي ماد، إم سي إل إل، تيكيو، دريدر، بالإضافة إلى تعامله مع مغني الراب الكويتيين «بو بلال» و«بق باني» و«بق بو»، ومغني الراب السعودي «إس كي آر» ولقائه في دبي بـ«كوينسي جونز»، قائد الأوركسترا، الموزع والمؤلف والمنتج العالمي ومنتج ألبوم (Thriller) لأيقونة موسيقى البوب، مايكل جاكسون، الذي حقق مبيعات بلغت أكثر من 110 ملايين نسخة حول العالم، مؤكداً استفادته من نصائحه الثمينة في مجال الإنتاج الموسيقي.


الابتكار والتجديد سر النجاح والانتشار.

هدية والدتي غيّرت حياتي، وفتحت أمامي آفاق الاكتشافات الكبرى.

تويتر