أطباء ومشاهير وأبطال في الصفوف الأمامية بين المتطوّعين

«فرسان» إماراتيون فـي مكافـحة «كورونا»: التعب سيزول مع «صــفـر إصـابـات»

صورة

فرضت ظروف مواجهة جائحة «كورونا» أنماطاً متنوّعة من المبادرات الإنسانية، التي انخرط فيها العديد من شباب الوطن، منذ الأيام الأولى لظهور الوباء، وإطلاق مراكز المسح الوطني والمستشفيات المتنقلة المستحدثة في مختلف الإمارات، إسهاماً منهم في دعم جهود الدولة، لتخطي هذه الأزمة التي فرضت تحديات غير مسبوقة، تبعتها خطوات استباقية أسهمت في انحسار الفيروس، والاحتفال بإغلاق العديد من المراكز والمشافي الميدانية بانتظار انحسار الوباء بشكل نهائي.

«الإمارات اليوم» التقت عدداً من فرسان التطوّع، للتعرف إلى الأدوار التي شاركوا فيها، وتفاصيل التجربة التي خاضوها في مكافحة «كورونا»، منذ أشهر، وعلى مدار ساعات طويلة طوال أيام الأسبوع بعيداً عن أهلهم، مؤكدين أن كل التعب سيزول مع إعلان صفر إصابات.

بطل العالم

من جهته، توقف فيصل الكتبي، بطل العالم في «الجوجيتسو»، عند تجربته في العمل التطوّعي، إذ كان قائد فريق يضم نحو 110 من نخبة تقنيي المعلومات والطاقم الطبي المتكامل وعدد من العاملين في مجال التوجيه والمعلومات، منذ منتصف شهر مارس الماضي.

وأوضح: «استفدت كثيراً من تخصصي في مجال القيادة لأكتشف في هذه الأزمة أنها فعل تتحد فيه كل الخبرات والجهود لخدمة الوطن، ومهما اختلفت الأساليب، فإن الهدف يظل واحداً وهو مواجهة الوباء والحدّ من انتشاره بكل الطرق»، مضيفاً: «تعلمت كثيراً من هذه التجربة التي عرفتني بقوة إدارة الشعب الإماراتي وتمسكه بالحياة، وأنا أتابع عن كثب الطاقم الطبي وكل الفرق العاملة في هذه الأزمة، ومدى تفانيهم في خدمة المجتمع».

وأكد: «رغم كل الظروف التي مررت بها وابتعادي عن أهلي وعائلتي لأربعة أشهر، فإنني أشعر اليوم بالتفاؤل، خصوصاً بعد تجربتي مع فريق المتطوّعين، الذي يضم 75 إماراتياً من مختلف الاختصاصات».

ثقافة راسخة

أما فاطمة حسن الصيقل، التي استهلت مسيرتها مع التطوّع منذ نحو سنوات، فقالت: «مع بداية شهر أبريل الماضي التحقت ببرنامج المارشال الإماراتي للتطوّع في مجال الإدارة عن بُعد، وتمثل دوري في إدارة المتطوّعين وتنظيمهم بحسب المواقع الجغرافية لكل مركز. إلى جانب تنظيم الجداول وإدخال البيانات وساعات التطوّع، والإشراف على كل الأمور الإدارية المتعلقة بهم».

وأكملت: «كنت أهتم بإدارة شؤون عدد كبير من المتطوّعين في المستشفيات الميدانية التابعة لدائرة الصحة في أبوظبي، وهنا لا أنكر شعوري بالخوف في بداية الأمر، خصوصاً مع بداية افتتاح مركز المسح، لكن أهلي شجعوني على خوض التجربة الرائعة التي تعني لي الكثير».

وأوضحت فاطمة: «إلى جانب عملي عن بُعد، حرصت على وجودي في بعض المراكز للاطمئنان على المتطوّعين، والوقوف على احتياجاتهم وتذليل العراقيل المحتملة التي يمكن أن تواجه عملهم الميداني».

متعة العطاء

من جانبه، أشار الطبيب محمد العكبري، إلى أن ظروف انضمامه الحالي لفريق العمل التطوّعي في مركز تقييم «كوفيدـ19» المتميز في مركز أبوظبي للمعارض، بعد عمله لفترة في مركز الباهية للمسح الوطني، منذ بداية شهر مارس الماضي، جاءت بعد التحاقه بنحو شهر واحد فقط للعمل في شركة «ضمان» بمدينة الشيخ خليفة الطبية.

وعن مهامه وتجربته بشكل عام، قال: «إنني أتولى حالياً مهام نائب قائد المتطوّعين في مركز التقييم المتميز، وهدفي الأساسي التعامل مع الناس، وتخفيف مشاعر القلق والخوف من هذا الفيروس المستجد، إذ أعمل 12 ساعة يومياً وعلى مدار أيام الأسبوع، بعيداً عن أسرتي وأبنائي الثلاثة لأكثر من ثلاثة أشهر متواصلة». واعتبر أن «متعة العطاء وبذل الجهد والوقت واكتشاف أصدقاء جدد من الأطقم الطبية الإماراتية والتطوّعية الأخرى، هي المكسب الأكبر بالنسبة لي. أما أشهر التعب الطويلة، فستزول آثارها مع قرب الإعلان عن الحالة صفر بالنسبة للإصابات إن شاء الله، وهذا اللقاء هو فرصة لأشكر حكومتنا وقيادتنا على كل الجهود التي بذلتها مع كل أطياف المجتمع الإماراتي لمواجهة هذه الجائحة العالمية».

محاربة الخوف بالبسمة

رغم نجاح علي بن كمال البلوشي، في مجال تقديم الفعاليات والمهرجانات، وموقعه كأحد مشاهير «السوشيال ميديا»، فإنه بادر بدخول العمل التطوّعي، الذي اختار فيه نهج الدعم اللوجستي في المستشفى الميداني في دبي باركس، عبر الإشراف على باقات الخدمات العامة المقدمة للمصابين، قبل أن يتم الاحتفال بإغلاق المركز الميداني وشفاء جميع الحالات فيه، وينتقل بعدها البلوشي إلى مركز المسعودي في أبوظبي، المتخصص في إجراء الفحوص الخاصة لموظفي الدوائر الحكومية.

وتوقف البلوشي عند تجربة عايش تفاصيلها، من خلال إشرافه على علاج أفراد من عائلته أصيبوا بالفيروس المستجد، ما فرض عليه ظروفاً خاصة وصفها قائلاً: «أصيب نحو 50 شخصاً من عائلتي فاضطررت إلى تحويل بيت كامل إلى مركز صحي، كنت أقوم فيه بمهمة إيصال الطعام والعلاج لأقربائي طوال فترة عزلهم، التي انتهت بشفائهم».

وحول المواقف الطريفة التي صادفته أثناء تأدية واجبه الوطني، لفت إلى قصة رجل مسن قدم إلى مركز المسح، وقد بدت عليه علامات القلق والتوتر ومبادرته سريعاً بالتدخل لتبديد مخاوف المسن بالضحك: «طلبت منه الابتسام، فابتسم، فابتسمت بدوري، وصار الابتسام ضحكاً متبادلاً وراحة تجاوزنا بها قلقلنا وخوفنا وخوف كل مراجعين المركز».

بينما قال سيف الذهب: «من المؤكد أنني سأروي لأبنائي وأحفادي هذه التجربة الإنسانية الاستثنائية التي مررت بها، والتي كنت فيها مع خط الدفاع الأول لحماية وطننا من هذا الوباء».

وأضاف: «أعتقد أنني أصبحت بعد التجربة أكثر قدرة على تحمّل المسؤولية، ومواجهة ضغوط الحياة ومفاجأتها المتنوّعة، وأعتقد أن هذه الأزمة قد ألهمت الشباب الإماراتي، وأسهمت في تآزر الجميع ووقوفهم جنباً إلى جنب مع فئات المجتمع الأخرى، التي كان لالتزامها بالعزل المنزلي، واتباعها للإجراءات الاحترازية الدور الأكبر في الانتصار على هذه الجائحة».


من البحرين.. «حاضرين»

قالت البحرينية المقيمة في الإمارات، فاطمة الخاجة، التي تدرس علم النفس في جامعة زايد: «أشعر بأن الإمارات أعطتني الكثير وحان الوقت لردّ الجميل، وهذا ما دفعني نحو التطوّع في فعاليات سابقة، قبل أن تتاح لي فرصة الالتحاق بالبرنامج التطوّعي لأكون جزءاً من إداريي الفريق المشرف على المسائل الإدارية المتعلقة بالمراكز».

وشدّدت على قيمة هذه الرسالة الإنسانية السامية التي كرّسها الشباب الإماراتي منذ ظهور الجائحة وتكرسها هي اليوم، تعبيراً عن وفائها للإمارات، التي احتضنت أحلامها وطموحاتها.

تويتر