الأمم المتحدة تسعى إلى خفض حصة الفرد من النفايات إلى النصف

هدر الطعام.. مشكلة تتهدّد مائدة غذاء العالم

يتطلب إنتاج الغذاء نحو %30 من إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في العالم. أرشيفية

تُعد قضية هدر الطعام من أكثر المسائل إلحاحاً، التي تواجه كوكبنا اليوم، فوفقاً للأرقام الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، يُهدَر نحو ثلث الأغذية المنتجة عالمياً كل عام، أي نحو 1.3 مليار طن، بقيمة تصل إلى تريليون دولار سنوياً. والمفارقة أنه في الوقت ذاته عانى أكثر من 820 مليون شخص الجوع في عام 2018، مقارنة بنحو 811 مليون شخص في عام 2017. وحذّر الخبراء من أن معدل الاستهلاك الحالي لن يكون مستداماً بحلول عام 2050، وسيتطلب ثلاثة كواكب مثل كوكب الأرض تقريباً لتوفير الموارد الطبيعية اللازمة للحفاظ على أنماط الحياة الحالية. ويتطلب إنتاج الغذاء نحو 30% من إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في العالم، ويطلق ذلك 22% من انبعاثات غازات الدفيئة. وإنتاج الأطعمة ونفاياتها التي تنتهي في مدافن النفايات من أكبر مصادر إنتاج ثاني أوكسيد الكربون على مستوى العالم. ومن المشكلات البيئية الأخرى المرتبطة بإنتاج الأغذية انحلال التربة وانخفاض خصوبتها، والاستخدام غير المستدام للمياه، والإفراط في صيد الأسماك وتدهور البيئة البحرية.

وحددت الأمم المتحدة تعزيز الاستهلاك والإنتاج المسؤولين ضمن أهداف التنمية المستدامة الـ17.

ويسعى الهدف الـ12 إلى خفض نصيب الفرد من النفايات الغذائية إلى النصف لدى تجار التجزئة والمستهلكين. ولتحقيق ذلك، يجب حشد سلسلة الإمداد الغذائي بأكملها، من المنتجين إلى تجار التجزئة وصناعة الأطعمة والمشروبات والمستهلكين، إذ يجب إدارة كل شيء بدءاً من الحصاد والنقل والتخزين والمعالجة والتغليف والتوزيع، وحتى الاستهلاك بطريقة أفضل إن أردنا الانتقال إلى اقتصاد أكثر استدامة يلبي احتياجات الأجيال المقبلة.

الهدر العربي

تذكر الإحصاءات المتوافرة عن هدر الغذاء في البلدان العربية أنه يصل إلى نسبة 34%. وتثير هذه القضية قلقاً كبيراً في منطقة ترتفع فيها معدلات سوء التغذية والسمنة وداء السكري المصاحب لها، ويرتكز فيها الأمن الغذائي على الواردات من مناطق أخرى. وتشير بيانات حديثة إلى أن هدر المستهلكين في المنطقة للأغذية يمثل 32% من هدر الغذاء الكلي، وكذلك يهدر 68% في المراحل الأولى من سلسلة الإمداد الغذائية. وتمثل الفواكه والخضراوات 45% من الطعام المهدور، أما الأسماك والمأكولات البحرية فتبلغ حصتها من الهدر 28%. ووجدت الأبحاث أن الأسباب الرئيسة لهدر الغذاء في المنطقة يعود إلى مشكلات سلاسل الإمداد الناتجة عن ضعف البنية التحتية والسياسات التنظيمية والممارسات السيئة في الزراعة وما بعد الحصاد. أما على مستوى المستهلك، فيسهم الافتقار إلى الوعي وعادات التسوق السيئة وعدم التخطيط بجزء كبير من هذا الهدر. وللثقافة دور أيضاً، إذ تُهدر كميات كبيرة من الطعام في المطاعم وخلال الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية. ودول مجلس التعاون الخليجي من الموقّعين على أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتبحث بنشاط عن حلول للحد من هدر الطعام. ولهذا فإن إدارة مخلفات الطعام مسألة ملحّة في منطقة يعد معدل النمو السكاني فيها من أسرع المعدلات في العالم، ويؤثر نقص الأراضي الصالحة للزراعة وإمدادات المياه فيها على الأمن الغذائي.

وقد تكون التطورات التقنية، ومنها البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، مفتاحاً لسلاسل إمداد أكثر فاعلية وكفاءة، وتحسين إدارة الطعام.

مراقبة في الإمارات

يمثل قطاع الضيافة أحد أكبر المتهمين في مسألة هدر الغذاء في دولة الإمارات، ولهذا تعاونت وزارة تغير المناخ والبيئة في الدولة مع شركة «وينو» لتشجيع مختلف الشركات في قطاع الضيافة على الحد من النفايات الغذائية. وتتيح أداة «فيجن» المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والتابعة لشركة «وينو»، للفنادق والمطاعم حساب كمية الطعام الذي ينتهي في صناديقها ونوعه. وتستخدم الأداة الصور والمقاييس لحساب كلفة المواد الغذائية المهدورة. ويتيح ذلك للعاملين في مجال الأغذية رقابة أفضل على احتياجاتهم من المنتجات ومتطلبات العملاء، وتعديل إمداداتهم الغذائية وفقاً لذلك. وتجاوزت دولة الإمارات هدفها بتوفير مليون وجبة خلال العام الأول من استخدام الأداة في عام 2018. وكان الهدف في عام 2019 توفير مليوني وجبة، وثلاثة ملايين وجبة في عام 2020. وأتاحت الأداة للفنادق توفير أكثر من 1.6 مليون دولار سنوياً.

تطبيقات بقايا الطعام

انتشرت التطبيقات التي تهدف إلى توزيع الأطعمة المتبقية من المطاعم بأسعار مخفضة في دول عدة. فمثلاً أُطلِق تطبيق بون آب في عام 2018، الذي يتيح بيع الأطعمة التي كانت ترمى في حاويات النفايات بسعر يراوح بين 30 و50% من ثمنها الأصلي. ويستخدم التطبيق لبيع الأطعمة المعبأة الزائدة والوجبات غير المباعة والمنتجات المخبوزة، قبل أن تنتهي في مدافن النفايات. وأُطلق حديثاً تطبيق مشابه يدعى كيب إيت، وله نموذج عمل مشابه لتطبيق بون آب.

• بحلول عام 2050 سنحتاج إلى ثلاثة كواكب، مثل كوكب الأرض، لتوفير الموارد لمعدّل استهلاكنا الحالي.

• تريليون دولار قيمة الطعام المهدر سنوياً، و820 مليون شخص يعانون الجوع.

تويتر