ملايين الناس يختبرون الوحدة

العيش دون مخالطة الآخرين.. الثمن الباهظ للعزل

إيطاليون يسلّون أنفسهم بالعزف في شرفة المنزل خلال الحجر الصحي. ■أرشيفية

قبل ستّة أسابيع فقط، كان شيلي هاورد يتنقل ستة أيام في الأسبوع بين مطاعم ومقاهي شيكاغو مع أصدقائه، لكن على هذا الأميركي، اليوم، كما الملايين في الأرض، قضاء أمسياته وحيداً في شقته، بسبب وباء كوفيد-19 العالمي.

وهاورد، البالغ من العمر 73 عاماً، اجتماعي جداً بطبعه، وينشر دوماً صور سهراته الحيوية التي غالباً يظهر فيها وهو يصافح ويعانق أصدقاءه.

لكن في ظلّ العزل وإغلاق كل المتاجر غير الأساسية، انقطع هاورد الذي يعمل مصمم غرافيك في قطاع الموسيقى، بشكل شبه تام، عن أي تواصل بشري. ويقول: «أنا شخص يحب معانقة الآخرين، والناس يحبونني جداً.. لكن هذا الواقع». تشبه تجربة هاورد تجارب كثيرين حول العالم، فهم مكتئبون لعدم مخالطة الآخرين.

مكالمات فيديو

تشعر ليليا شاكون، المديرة العامة للاتصال في مدينة سانتا فاي بولاية نيومكسيكو، أيضاً، بالحنين إلى الحقبة التي كان فيها التواصل البشري أمراً ممكناً في حياتها. وتعيش شاكون، البالغة من العمر 65 عاماً بمفردها، وتعمل من المنزل. وتروي شاكون: «جنون كيف يمكن لواقعك أن يتغير بهذه السرعة.. أشاهد التلفاز، أرى أشخاصاً جالسين جميعاً على طاولة واحدة، يتعانقون، وأقول: يا إلهي، الأمور لا تجري كذلك حالياً». وللتعويض عن هذا النقص، تلجأ إلى مكالمات الفيديو مع أصدقائها. وتشجع ماري كارلسون، عالمة الأعصاب بكلية الطب في هارفرد على التواصل النظري. وتطمئن كارلسون القلقين من فقدان مقدرة التواصل الطبيعي في مرحلة ما بعد الوباء. وتشرح: «أعطي، دائماً، مثال نيلسون مانديلا، الذي أمضى 27 عاماً في السجن»، موضحةً «نعلم جميعاً ما حصل حينما خرج، شاهدناه على التلفزيون وسمعنا كل ما قاله، لم يفقد إطلاقاً قدراته الاجتماعية، وحساسيته تجاه الآخرين».

موسيقى وحيوانات منزلية

تعيش شارلوت كولن، البالغة 46 عاماً، وتدير شركة علاقات عامة بقطاع العقارات في مانهاتن، وحيدةً أيضاً، وتعمل من المنزل. وبالنسبة لها، مدة فرض القيود هي المشكلة.

وترى كولن، التي تغلبت على مرض السرطان، «أن تقضي شهراً في بيتك أمر، وأن يدوم ذلك 18 شهراً أمر آخر».

وفي شيكاغو، يعوض شيلي هاورد عن طريق الترويج لحفلات موسيقية منزلية لصديق له على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويعتمد أيضاً على وجود قطتيه. ويقول: «ليس الأمر سيّان، لكن إحداهما تنام على يدي، أقضي بذلك 10 ساعات ملتصقاً بهذا الكائن الحي الذي يتنفس».


كارلسون: «لن تفقدوا قدرتكم على التواصل الطبيعي، مانديلا أمضى 27 عاماً في السجن، وحينما خرج لم يفقد قدراته الاجتماعية، وحساسيته تجاه الآخرين».

تويتر