قائد أوركسترا يعزف يومياً مقطوعات شرقية وغربية

بالفيديو: محمد حمامي يطرب الجيران من شرفته في دبي

صورة

بأنامل تعشق الكمان، وإيمان راسخ بأن الموسيقى لغة عابرة للثقافات، وتتحدى الأزمات على اختلاف أنواعها، يقدم مؤسس وقائد أوركسترا «شرق» وعازف الكمان الموسيقي السوري، محمد حمامي، جرعة من الأمل الممزوج بالحلم من شرفة منزله في دبي، لكل الجيران الذين يصغون يومياً بشغف لموسيقاه، ويصفقون له ولمبادرته في إرسال كل هذا الفرح في الهواء الطلق والأفق الذي يجمعهم.

بدأ حمامي العزف على شرفة شقته بـ«موتور سيتي»، ليقدم من خلال الموسيقى رسالة إنسانية تحث على البقاء في المنزل، والالتزام بإرشادات الدولة بالعزل المنزلي للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، والاستمتاع بكل ما هو متاح في المنزل.

بدأ حمامي تقديم هذه الجرعة من الفرح للجيران منذ ما يقارب أسبوعاً، فكانت البداية محفوفة بنوع من الخجل والتردد حول مدى تقبل الجيران لهذه الخطوة، لكن تشجيعهم جعله يقدم معزوفاته يومياً وبجدول زمني وموعد محدد.

رسالة وترفيه

عن هذه المبادرة قال حمامي لـ«الإمارات اليوم»: «لقد بدأ العازفون في إيطاليا العزف من الشرفات مع بدء تطبيق العزل المنزلي، والفكرة جميلة، لأن النوافذ هي الطريق الوحيد للتواصل مع الجيران والناس، ففكرت بأنه يمكنني تقديم الموسيقى لحث آخرين على البقاء في المنزل وترفيههم، وقد وضعت موعدين للعزف، عند السادسة وعند الثامنة والنصف مساء».

وأضاف: «في الساعة السادسة أقدم معزوفات تحمل طاقة، ولكن عند الثامنة والنصف أقدم مقطوعات تحمل لمسة طربية وهادئة، ويفضل كثيرون هذا اللون الموسيقي في ذلك التوقيت».

قبل بدء التجربة، عزف حمامي من داخل المنزل، وبشكل مباشر عبر منصاته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن قبل تقديم أي معزوفة كان يطرح بعض الأسئلة المرتبطة بالمقطوعات عبر صفحته الخاصة، كمعرفة اسم المؤلف الموسيقي، لحث الناس على التفاعل مع الموسيقى، والبحث، وخلق حالة إيجابية بدلاً من الأجواء السلبية التي تخيم على وسائل التواصل الاجتماعي.

عابرة للثقافات

يرى حمامي أن الموسيقى عابرة للثقافات، وتحمل لغة مخففة وجميلة لإيصال رسائل إيجابية «فعبر الأجيال كانت الموسيقى مرآة حقيقية للمجتمع، ففي الانتصارات والفرح دائماً نجد الموسيقى في صدارة تصوير هذه الحالات، إذ تعزف صورة عامة لكل ما يحدث، وتقدم طاقة إيجابية، وهي أيضاً تمد المرء بالثقافة، فمبادرتي تجعل الناس يتعرفون إلى أنواع مختلفة من الموسيقى، كما أن تصويري للعزف بشكل مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جعلني أجد أن الرسالة تصل إلى جميع الجنسيات، رغم اختلاف اللغات وفي أكثر من دولة من العالم».

ولا ينفي حمامي وجود التوتر والقلق في ظل هذه الأجواء التي نعيشها، لكنه يؤكد أن الموسيقيّ الناضج يكون أكثر تواصلاً مع أسلوب الحياة الحقيقي، وذلك بعيداً عن أي تضاربات وطاقة سلبية، فما يحدث يحمل في طياته الخوف والذعر، لكن الموسيقى تجعل المرء أكثر ثباتاً وتواصلاً مع ذاته، وإيجابياً بشكل كبير.

وقال إن «الموسيقى تنتصر، وعلى مرّ الزمن، ومع الانحدارات التاريخية والثقافية، دائماً هناك فرح في الختام، ففي المناسبات الاجتماعية يكون التعبير من خلال الموسيقى التي تتغلب على كل الأزمات».

ونوه بأن الفن بالنسبة إليه رسالة، ولكي تنجح ينبغي أن تلتزم بشكل كامل «ورسالتي كمؤلف موسيقي قد وصلت للناس منذ زمن، لكنني اليوم أحرص على تحميل فني رسالة اجتماعية وإنسانية أكثر، في ظل هذه الظروف الصعبة، فالطاقة الإيجابية التي أنشرها تمدني كفنان بالإرادة والطاقة لتقديم المزيد من مساندة في المشاعر حتى تحقيق الانتصار». يختار حمامي المقطوعات التي تحمل الطاقة عند السادسة، ومنها «كلمة حلوة وكلمتين.. حلوة يا بلدي» للراحلة داليدا، وأغنية «كان أجمل يوم» للفنان محمد عبدالوهاب، بالإضافة إلى أغنيات فيروز التي يفضلها ويحبها الجميع، بمن فيهم الجنسيات الغربية، فيما عند الثامنة والنصف ليلاً يعزف الأغنيات غير الصاخبة، منها أغنيات أم كلثوم، مركزاً في الوقت الحالي على الموسيقى التي تدعو إلى الفرح وتحرك البهجة داخل الإنسان.

سيرة موسيقية

يعمل محمد حمامي في تدريس الموسيقى، وهو مساعد بروفيسور في الجامعة، ويحضّر الدكتوراه في بريطانيا حول علاقة توثيق وتأريخ الموسيقى العربية الكلاسيكية. أسس أوركسترا «شرق» منذ 12 سنة في دبي، وتقوم فكرتها على تجميع الموسيقيين من كل الجنسيات، لعزف الموسيقى العربية الكلاسيكية، وتضم من 70 إلى 90 عازفاً موسيقياً من 36 جنسية، وتعزف الأوركسترا الموسيقى العالمية والعربية بنسبة 70%. يعمل اليوم على تقديم ألبوم جديد من مقطوعاته الخاصة بعنوان «جواز سفر - سياحة محمد حمامي»، ويسعى لإصداره قريباً، إذ ألف 15 مقطوعة موسيقية.

النشيد الوطني الإماراتي

عن التفاعل مع عزفه من الشرفة، قال الموسيقي محمد حمامي: «في البداية عزفت النشيد الوطني الإماراتي، فتوقف الناس وصفقوا واستمعوا بصمت كبير»، مشيراً إلى أنه لاحظ أن الأطفال غنوا النشيد برفقة موسيقاه، ومن بينهم حتى أجانب ولا يعرفون اللغة العربية بل يغنون النشيد بأسلوبهم.

ولفت إلى أنه حين ينتهي من العزف يسمع التصفيق والتعليقات من مبانٍ بعيدة، إذ يحرص كثيرون على أن يعبّروا عن ردود فعلهم، رغم المسافات ورغم أنهم لا يرونه.


- أحرص على تحميل فني رسالة اجتماعية وإنسانية أكثر في ظل هذه الظروف الصعبة.

- في السادسة مساء أقدم مقطوعات تحمل طاقة، لكن عند الثامنة والنصف أعزف مقطوعات هادئة.

تويتر