رحل عن 83 عاماً تاركاً ذكرياته الغزيرة

عبدالحفيظ خان.. أول مستشار زراعي للشيخ زايد

صورة

كان عبدالحفيظ خان ياور اليوسفي المعروف باسم الخبير خان، الذي رحل عن الدنيا قبل أيام، عن 83 عاماً، أول مستشار زراعي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما كان ممثلاً للحاكم في العين. كما كان خان أول خرّيج جامعي يحمل درجة علمية في الزراعة تطأ قدماه أرض أبوظبي، حيث حضر إلى المنطقة في السابع من سبتمبر عام 1962، بدعوة من الشيخ زايد الذي كان بحاجة إلى خبير لنشر الزراعة في العين، ووقع اختياره على خان الذي كان وقتئذ يواصل دراسته العليا في كلية العلوم الزراعية بالجامعة الأميركية في بيروت، وأمضى خان معظم وقته مع الشيخ زايد في ستينات القرن الـ20، وشاركه حلمه في زراعة الصحراء، وكان يلقاه إما في بيته هو، الذي كان أول بيت على الطراز الحديث يبنى في المنطقة في ذلك الحين، أو في الصحراء، أو حيثما كان يحلّ الشيخ زايد. ويعبر خان عن إعجابه بشخصية وفكر الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مشيراً في كتابه «خمسون عاماً في واحة العين»، الصادر عن «الأرشيف الوطني»، إلى أنه تعلم منه الكثير من الدروس؛ مؤكداً أن الشيخ زايد كان رائد تخطيط المدن في الدولة، وصاحب إرادة لا تلين، وهو من حول الصحراء الجرداء إلى مناطق خضراء.

ويصف عبدالحفيظ خان، في الكتاب الذي يسرد فيه كثيراً من ذكرياته عن أبوظبي وشكل الحياة فيها قديماً وحديثاً، جانباً من حياته، مشيراً إلى شعوره بالغربة عند قدومه إذ لم يكن يتكلم العربية، ولكن الشيخ زايد كان لطيفاً وكريماً جداً معه، وكان بالغ التواضع، وكان يبحث معه مشروعاته، ويلقاه -طيب الله ثراه- في موقع العمل، أو في مجلسه العامر الذي يرتاده شيوخ القبائل، حيث كان، كما يروي خان، يبدي اهتماماً كبيراً بحاجات الناس وهمومهم؛ فيصدر الأوامر لمساعدتهم، وكان -رحمه الله- عند حسن ظن شعبه به، وتوقعاتهم منه. لافتاً إلى أن الشيخ زايد، رحمه الله، أمر ببناء منزل ملائم له، ليكون أول بيت يبنى في منطقة أبوظبي بالطريقة الحديثة، وأول بناء حديث شيد في العين، موضحاً أن عدم انتشار المنازل الحديثة لم يكن يتعلق بالقدرة على تحمل نفقات هذه المنازل، وإنما يعود إلى مقت الناس في ذلك الوقت لأي شيء يحد من حريتهم، «فهم يحبون العيش قريباً جداً من الطبيعة، ووسط الأرض المكشوفة».

وأسهم عبدالحفيظ خان بفاعلية في تحقيق خطط الشيخ زايد، رحمه الله، للنهوض بالزراعة، فعند وصوله إلى العين كان في واحة البريمي أكثر من 100 مزرعة مساحة كل منها ثلاثة هكتارات، وقد اعتاد زيارتها واحدة تلو الأخرى. وكان الشيخ زايد حريصاً على غرس الأشجار على طول ما تصور أنها مواقع للطرق، فلم تكن ثمة طرق في ذاك الوقت، كما طلب منه غرس الأشجار في ما يشبه الجزيرة، لأنه كان يود أن تكون الطرق التي تشق لاحقاً ذات اتجاهين، وكانت تلك بوابة مشروعات الطرق، وبداية الحزام الأخضر من الأشجار الذي تم غرسه على جانبي طريق العين.

كما أسهم خان، بناء على رغبة الشيخ زايد، في تعليم الفلاحين كيف يزرعون الخضراوات التي لم يكن لها وجود في غذاء الناس في ذلك الحين، وكان شراء بذور الخضراوات وغيرها من النباتات يتم من الخارج، وتصل بعد ثلاثة أشهر من إرسال طلب الشراء. وقام خان في ذلك الوقت بطلب شراء النباتات التي يرغب الشيخ زايد في زراعتها من بيروت قبل قدومه إلى أبوظبي بوقت طويل، وبالفعل وصلت على متن السفينة «دامرة» في 12 صندوقاً تحوي نباتات جاهزة للزراعة، ثم بدأ في توزيعها على المزارعين، وتوضيح كيفية زراعتها، والعناية بها. وهو ما ذكره في كتابه، موضحاً: «بعد ذلك كان من الضروري تعليم السكان كيف يتناولونها ويطبخونها، وإقناعهم بفوائدها الصحية، ونصحني الشيخ زايد بالاستعانة بالدكتور بات كينيدي، فقد كانوا يثقون به كثيراً، فكان الدكتور كينيدي ومساعدوه يصفون الخضراوات «كعلاج للأمراض».


قدم إلى الإمارات في بداية الستينات وهو صاحب أول «بيت حديث».

أسهم خان في تعليم الفلاحين كيف يزرعون الخضراوات التي لم يكن لها وجود في غذاء الناس.

تويتر